العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ

مصرف البحرين المركزي وأذونات الخزانة

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

لماذا يصدر مصرف البحرين المركزي أذونات خزانة حكومية وهي نوع من أنواع الديون قصيرة الأجل؟ وهل هناك مبررات لذلك، خصوصاً وأنها تزيد من حجم الدين العام للحكومة مع مرور الزمن؟.

بنك البحرين المركزي مملوك للحكومة، ويقوم بالعديد من الوظائف، منها إدارة السياسة النقدية، وإدارة أموال الدولة من ودائع وفوائض وإتمام كافة التعاملات المالية للحكومة نيابة عنها.

ويصدر مصرف البحرين أذونات خزانة حكومية لا تقل عن 150 مليون دينار في الشهر الواحد وبشكل مستمر، وقد بلغت إصدارته خلال 6 أشهر الأولى من العام الجاري نحو مليار دينار، ويبدو أن هذه الإصدارات الجديدة لتسديد أو تغطية إصدارات قديمة.

وبلغ الرصيد القائم لأذونات الخزانة حتى شهر مايو/أيار 2013 ما قيمته 930 مليون دينار بحريني، وهي في حقيقتها ديون قائمة على الحكومة.

من الملاحظ أن البيانات التي يصدرها مصرف البحرين المركزي ويرسلها لوسائل الأعلام، لا تذكر فيها السبب من إصدار الأذونات. فهل السبب يتعلق بالسياسة النقدية أو السياسة المالية المتعلقة بـ «تغطية عجز الميزانية»؟ لا يوجد توضيح... سوى ذكر حجم الإصدار والمدة الزمنية والفائدة.

ومن المستبعد أن تكون تغطية عجز الميزانية هي السبب في إصدار الأذونات، لأن الأذونات هي ديون قصيرة لأجل تتراوح فترتها بين 3 شهور وسنة، بينما الأدوات التي تُستخدم لتغطية العجز في الميزانية تحتاج إلى فترات أطول، مثل سندات التنمية الحكومية.

أما إذا كان السبب يتعلق بالسياسة النقدية، وهو امتصاص السيولة، للحفاظ على مستوى التضخم أو القدرة الشرائية للعملة، فهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة لصحة تطبيق هذه السياسة.

لأن هذه السياسة تطبق، عندما تزداد كمية النقود في الاقتصاد، بزيادة مدخول الناس أو المؤسسات وزيادة وفرة الأموال لديهم، وبالتالي يزداد إنفاقهم، مقابل قلة المعروض من المنتجات والسلع في الاقتصاد مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتفقد العملة جزءًا من قيمتها. مثلاً إذا كانت الدينار تشتري به وجبتي عشاء، فإن الدينار بعد ارتفاع الأسعار، تشتري به وجبةً واحدة.

وهنا يأتي دور المصارف المركزي لإعادة التوازن بين حجم النقود والمعروض من السلع والخدمات، بسحب الأموال من الاقتصاد، من خلال طرح سندات وأذونات (ديون أو قرض)، حيث يغري من لديهم الأموال بالفوائد. فيفضل الناس شراء السندات أو الأذونات للحصول على فوائد، بدلاً من استهلاكها في شراء السلع والخدمات، وبالتالي تستقر الأسعار.

وإذ قلنا بأن الهدف من إصدار أذونات الخزانة أمر يتعلق بالسياسة النقدية لامتصاص السيولة والحفاظ على التضخم، فإن هذا يتطلب إثبات وجود تضخم وتحديد مصدره.

وربما تفيد الأرقام بوجود تضخم وارتفاع في الأسعار، لكن ما هو مصدره؟ إذا كان مصدره خارجياً يتعلق بالبلد المنتج للسلع فلا فائدة من تطبيق السياسة النقدية، لأن التضخم خارجي وليس له علاقة بـ «حجم الاستهلاك المحلي».

مثلاً، لو أن الهند رفعت سعر الأرز من 20 ديناراً إلى 50 ديناراً للكيس رزمة 40 كيلو، فكيف سيؤثر سحب السيولة عن طريق أذونات الخزانة على هذه الأسعار؟ فارتفاع الأسعار يتعلق بدولة أخرى وليس بسبب ارتفاع الطلب المحلي مقابل قلة العرض.

كما أن ما نلاحظه، أن أصحاب المحلات في السوق يشتكون من قلة المشترين، وغياب الزبائن، ويشتكون من قلة السيولة، ويصفون السوق بالصعبة. ويطالبون بزيادة السيولة في الاقتصاد، وليس بسحب السيولة.

ولو افترضنا جدلاً أن مصدر التضخم محلي، بسبب «ارتفاع الطلب مقابل العرض»، فإن هذا أيضاَ لا يبرّر استخدام أذونات الخزانة، لأنها تضر أكثر مما تنفع على المدى البعيد.

مثلاً، لو كانت أسعار منتجات النجارة مرتفعة بشكل كبير، نتيجة (طلب مرتفع مقابل قلة الطاقة الإنتاجية)، فإن هذا يترتب عليه أرباح كبيرة للمنتجين، وهو ما يغري الشباب ورجال الأعمال للدخول في هذا القطاع وتشييد مصانع جديدة للاستفادة من وجود طلب وأرباح. وبالتالي ترتفع الطاقة الإنتاجية حتى تتساوى مع حجم الطلب، وهو ما يؤدي إلى توليد فرص عمل وتنشيط الاقتصاد.

من جهة ثانية، فإن السياسة النقدية التي تقوم على سحب السيولة من خلال إصدار السندات والأذونات، تحمل في أحشائها سمّاً بطيء المفعول وهي «الفوائد». فعندما يتم إصدار سندات أو أذونات خزانة، فإن المصرف المركزي يدفع لحاملها فوائد، وهذه الفوائد تتسبب في زيادة المعروض النقدي بمرور الوقت وبالتالي التسبب البطيء بتضخم الأسعار. كما أن الفوائد هي بمثابة خسائر تتحملها الحكومة.

ولهذا لابد من إعادة النظر في سياسة إصدار أذونات الخزانة الحكومية، وأن لا يتم إصدارها إلا بوجود مبررات مقنعة، وعلى أن تكون من بين أفضل الخيارات المطروحة على قاعدة «أقل الضررين» أو «أهون الشرين».

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:25 ص

      إسراف أو تبذير وسحوبات لا تعرف أسباب وليس لها أساس

      من المعلوم أن مؤسسة نقد وبنك مركزي جزء من النظام المالي العالمي، بينما ليس بسر أن من الناس إستشار خبراء امن بتكلفه إجمايه إضافيه لكنه يبدو نسى ولم يستشير هل على المال العام يوجد حارس أمني أو لا؟

    • زائر 3 | 3:19 ص

      سحوبات أو محسوبات وقد سحبت ولم تعد بعائد وإنما طلعه بلا رجعه..

      لا يعرف كيف إستعانوا بالله وجلبوا مستشارين قانونين وآخرين أمنيين لكن واضح إن الخبراء في المال والأعمال توضح أن العجز ليس بسبب الفيضانات التي دمرت الزراعة ولكن بسبب المسحوبات والمحسوبه على الدولة. مثلا عندك ثلاث دواوين أو مجالس مثل ما بعضهم يسميها. كيف تمول من ميزانية الدولة وهي ليست للحكومة وليست في الهيكل النظيمي لإدارة الدولة وإنما إقمت لتكون مصدر من مصادر تنويع الدخل والصرف. وهذا ما توقفت عليه مسألة قانونيه ودستورية وشرعيه المصروفات والبذخ على إحتفالات وزارة وغيرها..

    • زائر 2 | 1:52 ص

      لا اتعب نفسك

      اهي خاربة خاربة لا اتعب نفسك
      لانه لا يوجد محاسبة لسراق المال العام فيضطرون لتغطية سرقات المسئولين بالاذونات

    • زائر 1 | 1:45 ص

      مقال اقتصادي رائع

      مقال اقتصادي رائع . شكرا

اقرأ ايضاً