العدد 4035 - الإثنين 23 سبتمبر 2013م الموافق 18 ذي القعدة 1434هـ

محللون: الدور السياسي القطري في المشهد الإقليمي أقل بعد ثلاثة أشهر من انتقال السلطة

بعد أن كانت قطر لاعباً إقليمياً رئيسياً في السنوات الأخيرة، انحسر دورها السياسي بشكل كبير في الأشهر الثلاثة التي تلت انتقال الحكم فيها، لاسيما مع سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر وتعاظم دور السعودية، بحسب محللين ومصادر متطابقة.

وبموازاة تراجع دور قطر، البلد الصغير جغرافياً والغني بالغاز، تبدو علاقاتها مع جيرانها الخليجيين أيضاً مأزومة بحسب المصادر.

ومن مصر إلى سورية، ومن ليبيا إلى تونس، فقدت قطر في فترة قصيرة نسبياً أوراقاً كثيرة.

وقال مدير مرصد الدول العربية في باريس لوكالة «فرانس برس» المحلل السياسي انطوان بصبوص «إن الانهيار في مصر أثبت مدى الرهان القطري على الإخوان والدرجة الكبيرة من التهور في هذا الرهان»، فمع سقوط حكم الإخوان «بدأ عد عكسي للنفوذ القطري» كما «بدت سطحية هذا النفوذ».

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن أمير قطر في 24 يونيو/ حزيران تخليه عن السلطة لصالح ابنه تميم بعد أن حول بلاده من دولة مجهولة إلى لاعب إقليمي بارز، فيما أوحى الأمير الجديد أنه سيعطي أولوية للوضع الداخلي.

وبعد أيام فقط، قام الجيش في مصر بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي. وتعد قطر الداعم الأكبر لتيار الإخوان المسلمين في العالم العربي، لاسيما في مصر، البلد المحوري والأكبر.

وفي الملف السوري، تراجع نفوذ قطر على الائتلاف الوطني المعارض مع تقلص حصة الموالين لها لصالح أصدقاء السعودية.

وقال مصدر من المعارضة السورية لوكالة «فرانس برس»: «لقد ضعف الدور السياسي لقطر كثيراً داخل المعارضة السورية، وباتت السعودية صاحبة التأثير الأكبر»، خصوصاً مع وصول الرئيس الجديد للمجلس أحمد الجربا، واختيار رئيس وزراء انتقالي جديد هو أحمد طعمة مكان المقرب من قطر غسان هيتو.

والجربا وطعمة مقربان من الرياض. إلا أن المصدر أكد بأن قطر لاتزال تقدم السلاح لفصائل سورية إسلامية معارضة، خصوصاً في الشمال وبالتنسيق مع تركيا.

وبحسب بصبوص، فإن الوضع في مصر «أثر كثيراً بشكل سلبي على الإخوان في تونس وعلى الميليشيات الإخوانية في ليبيا».

ورداً على سؤال بشأن سبب تراجع الدور القطري لصالح السعودية في ملف المعارضة السورية، قال مصدر قطري مصرح له بأن «كل دولة تدعم الثورة السورية بطريقتها، وهذا الكلام فيه انتقاص للثورة وكأن قطر هي من قام بها وليس الشعب السوري».

وقال إن ما يحكى عن خروج قطر من دائرة الأضواء الإعلامية يظهر أن «هدفنا من دعم الثورة السورية لم يكن إعلامياً»، مؤكداً أن «قطر فتحت الطريق وعبّدته أمام المجتمع الدولي لكي يساند ويدعم الثورة السورية».

وبحسب المصدر، فإن أمير قطر الجديد الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (33 عاماً) كان يمسك بالملف السوري قبل وصوله إلى سدة الحكم.

وقد يكون الشيخ تميم يبدو مصمماً على فتح صفحة جديدة تختلف خصوصاً عن رئيس الوزراء السابق البالغ النفوذ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

وقال بصبوص إن «كل ما بني في سنتين ونصف بدا كأنه مزعزع ومبني على أساسات غير صلبة»، وبالتالي فإن الدولة التي تعد صاحبة أكبر دخل للفرد في العالم «هي الآن في مرحلة إعادة نظر في الحسابات وستكون مقبلة على لعب دور لا يتجاوز حجمها».

وبحسب المحلل، فإن الأمير الجديد «لا يريد الحلم المستحيل الذي بدأته الإدارة السابقة، إدارة الحمدين، (الأمير الشيخ حمد خليفة ورئيس الوزراء حمد بن جاسم) فتزعم العالم العربي عبر الإخوان وعبر قناة الجزيرة أكبر من طاقة قطر».

لكن قطر لاتزال تدعم حتى الآن الإخوان المسلمين خصوصاً عبر احتضان منظِّرهم الشيخ يوسف القرضاوي، فيما قناة «الجزيرة» لاتزال تضع ثقلها خلف المعارضين «للانقلاب العسكري» في مصر.

وبهذا، تبدو قطر مختلفة تماماً عن محيطها الخليجي الداعم بقوة للإدارة المصرية الجديدة ولوزير دفاعها عبدالفتاح السيسي.

وقال مصدر سياسي خليجي لوكالة «فرانس برس»: «الخلاف كبير بشأن مصر، وكبير جداً بشأن الدعم للإسلام السياسي».

وُسجّل سجال إعلامي قصير ومعبر بين السعودية وقطر الشهر الماضي، عندما رد وزير الخارجية القطري خالد العطية في تغريدة على مقولة نسبت لرئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان.

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن الأمير بندر قوله في محادثة خاصة إن «قطر مجرد 300 شخص وقناة تلفزيونية»، فجاء الرد القطري في تغريدة وزير الخارجية الذي كتب: «مواطن قطري يعادل شعب وشعب قطر عن أمة بأكملها». ونفت السعودية ما نشرته الصحيفة.

وقال بصبوص في موضوع العلاقات مع دول الخليج «إن الجيران الخليجيين ليس عندهم الثقة بأن قطر قبلت بدورها الجديد وتنازلت عن الدعم غير المحدود للإخوان».

وأضاف «إن المؤشر على القبول سيكون عبر «الجزيرة» وعبر دبلوماسية قطر وعبر الأموال التي تنفق على حلفائها، وكذلك عبر استمرار احتضان مفتي الإخوان يوسف القرضاوي».

لكن انحسار دور قطر لا يعني انتهاءه، فقطر تبقى تتمتع بثروة طائلة وباستثمارات ضخمة في الغرب ما سيبقي لها مكانة لدى هذه الدول. وقال المحلل السياسي المتخصص في شئون الخليج نيل بارتريك إن هذا البلد «لايزال يتمتع بثقل اقتصادي محلياً وعالمياً».

وكأن متاعبها السياسية لا تكفي، فقطر تواجه أيضاً حملة تشكيك عالمية في استضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022، خصوصاً في فصل الصيف، هي التي شكل فوزها بشرف استضافة البطولة تجسيداً لطموحاتها اللامتناهية.

العدد 4035 - الإثنين 23 سبتمبر 2013م الموافق 18 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً