العدد 4190 - الثلثاء 25 فبراير 2014م الموافق 25 ربيع الثاني 1435هـ

الانتقال الديمقراطي يتطلب عقداً اجتماعياً مختلفاً

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الانتقال الديمقراطي يتطلب الانتقال إلى مجتمع منتج بحسب رئيس منتدى الاستراتيجيات الأردني عمر الرزاز، ولذا فإن البلدان العربية تواجه تحدياً استراتيجياً يتمثل في مدى قدرتها على الانتقال من نمط الدولة الريعية إلى نمط دولة الإنتاج. هذا الطرح يلقي الضوء على قضية كبيرة جداً؛ وهي أن أحد أسباب التخلف الذي نعاني منه على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية له علاقة مباشرة بالمأزق الاقتصادي الريعي، وهو كون معظم بلداننا العربية تعتمد على الريع المتوافر لها من النفط أو من المساعدات المالية الخارجية، وبالتالي فإن الدورة الاقتصادية لا تعتمد على القدرة الإنتاجية للمجتمع.

وحالياً نرى كيف أن مصر انطلقت أكثر نحو الاعتماد الكلي على الريع المتمثل في المساعدات الخليجية التي نزلت على مصر بعد استلام وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي موقعه كزعيم عسكري للبلاد، واستعداده حالياً لتسلم الرئاسة. وكثير من المصريين يأملون في تدفق المساعدات المالية الخليجية في عهد السيسي. وقد ذكر أحد المحللين السياسيين في إحدى الندوات أن السيسي بدأ يتحدث للشعب المصري وكأنه أحد شيوخ الخليج، إذ إنه يتحدث إلى مسئولي الحكومة ويطلب منهم التخفيف على الشعب أثناء تأدية عملهم، وكأنه متفضل على الحكومة والشعب، وهو نمط من علاقة المنح والمكرمات المنتشرة في دول الخليج الغارقة في أنموذج الدولة الريعية.

احتجاجات وثورات الربيع العربي أدخلت المنطقة في إرهاصات كبرى، ربما أنها ستكون مماثلة من حيث المدة والتقلبات للإرهاصات التي مرت بها مناطق عديدة في العالم على مر التاريخ، ولربما أننا سنحتاج إلى عقد أو عقدين أو حتى أكثر، قبل أن تتمكن بلداننا من الخروج بعقد اجتماعي جديد، يعتمد على علاقات متطورة في مجتمع منتج، وليس في مجتمع يعتمد على الإمدادات والمساعدات الريعية.

السنوات الثلاث الماضية أبرزت إلى السطح ما كان يختبئ من قوى جاهلية تعتمد على الإرهاب والفتك والحقد ومفاهيم الإقصاء والقضاء على الآخر، وهذه القوى لديها مددها «الريعي»، وهي الوجه الآخر لنمط العلاقات غير السليمة.

ولكن البلد الذي انطلق منه الربيع العربي، تونس، لايزال يحمل في طياته بوادر الأمل بعقد اجتماعي عصري يمكن أن ينجح وبالتالي يعطي للعرب أنموذجاً «غير ريعي» للاقتداء به. إن أمام تونس - التي تشكل الطبقة الوسطى أكبر فئة من مجتمعها - مهمات صعبة جدّاً للانتقال نحو الحكم الديمقراطي المعتمد على مجتمع منتج، والدستور الجديد، بحسب المراقبين الدوليين، يعتبر أفضل ما يتوافر للبلدان العربية من نصوص تجسد المبادئ الديمقراطية والمساواة، والحرية، والأمن، والفرص الاقتصادية، وسيادة القانون وحقوق المرأة والأقليات.

التحدي الأكبر الذي تواجهه تونس وباقي البلدان الساعية للانتقال إلى الحكم الديمقراطي يتمثل في تنفيذ البنود الدستورية المتطورة على أرض الواقع في مجتمع منتج، وليس في مجتمع يعيش تحت رحمة الدخل المتوافر له من عوائد النفط أو المساعدات الخارجية؛ لأن هذه العوائد يمكن استخدامها في إفساد العلاقات بين الناس من خلال شراء الدعم السياسي عن طريق توزيع المنافع.

إن الانتصار الحقيقي للربيع العربي يتمثل في القدرة على تغيير نمط العلاقات من الاعتماد على الريع والمكرمات والكراهية وإقصاء الآخر، إلى الاعتماد على الإنتاج والحقوق والتسامح والديمقراطية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4190 - الثلثاء 25 فبراير 2014م الموافق 25 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:09 ص

      I love you so much دكتور

      الانتقال الديمقراطي يادكتور يحتاج لعقول منفتحة على مايجري في العالم لتؤمن ان من حق اي شعب في العالم ان يختار من يمثله ام العقول التي ترفض الديمقراطية وتدعي الاغلبية وهي تعلم بأنها قلة لا تتعدى ربع المطالبين بالحرية والعدالة فهذا يدل عاى فشل من يقود هذه الجماعّة والإ ماهي المشكلة في استفتاء الشعب اليس الشعب مصدر السلطات إذا من حقه ان ينتخب من يمثله في الحكومة بغض النظر عن مذهبة الاهم ان يكون منتخبا من قبل الشعب وان يستطيع البرلمان محاسبتة وطرح الثقة منه اذا اخلى بواجباته

    • زائر 6 | 1:27 ص

      عبد علي البصري مجرد سؤال

      لو حدث أن هاجرت العماله الاجنبيه وبالخصوص من الدول الخليجيه ، فمن سيحل مكانهم ؟ قوات العسكر ؟؟؟ أو من ؟؟ وهذا الافتراض يحدث في أي لحضه ، بسبب عدم استقرار منطقه الخليج . وبالخصوص أن هذه الايدي العامله تحتل شرايين الدوله ، البنوك و المصانع والقطاع التمويني و المصرفي و الصحي وحتى التعليمي. اكثر من اربعين سنه وين الفنيين وين الاداريين حتى المؤذن والامام في بعض الاحيان أسيوي .

    • زائر 5 | 1:22 ص

      التداول السليم للسلطه

      السلطه والحكم والتسلط على الناس هي مشكله المسلمين والعرب منذ وفاة الرسول الاعظم ولحد الان لم يهنا المسلمون بحكومه قلبها على شعبها الا في عهد الامام علي ومع ذلك شغلوا فترة حكمه بالحروب والنزاعات حتى قضى شهيدا

    • زائر 4 | 12:58 ص

      محمد

      ممكن عمر الرزاز ايكون قريب من فهم الحقيقة او الكل قريب من فهم مشكلة العرب والديمقراطية ؟
      المشكلة الدين والديمقراطية لا يلتقيان ؟ العرب لم يطور التكنلوجيا انما طور الدين الى ابعد من العمل الصالح وزرع الفضيلة ؟ وحولوا الدولة الى مسجد او دار للعبادة ؟
      هدي مشكلة العرب

    • زائر 3 | 12:34 ص

      الكحل بعين الرمدة خسارة

      ما فائدة الكحل في العين الرمداء؟ كلامك دكتور جميل ولكن ليس له ارض صالحة تبتلعه ويزهر فيها اصبح ارض البحرين منشأ للأحقاد العنصرية

    • زائر 2 | 11:41 م

      والله نحبك

      كلام ذرر
      ياريت يسمعون لك المعارضة والحكومة
      شخص قلبة على بلده

اقرأ ايضاً