العدد 4254 - الأربعاء 30 أبريل 2014م الموافق 01 رجب 1435هـ

ملاحظات على «ملاحظات الإسلام السياسي الشيعي» للغذامي

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

في جل مشروعاته، مذ بدء مشروعه الأهم والأبرز في النقد الثقافي، ظل أستاذ النقد والنظرية في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، بجامعة الملك سعود بالرياض، عبدالله الغذامي، واحداً من أكثر الأكاديميين جرأةً وعمقاً في تناوله لموضوعات تظل جزءاً من المسكوت عنه، أو لا يُراد أن يذهب تناولها عميقاً، ولا بأس أن تمس سطح وقشر القضية. ما بعد ذلك قد يتجاوز أكثر من خط أحمر. ذلك اللون والمساحة التي يجب أن ننأى جميعاً عن الاقتراب منها.

في مقالته التي كتبها في جزأين: «ملاحظات على الإسلام السياسي (الشيعي)»، ونشرها في صحيفة «الحياة» (14 أبريل/ نيسان 2014)، والآخر: «ملاحظات على الإسلام السياسي (السني)»، (21 أبريل 2014)، انطلق من منصة «تويتر» باعتبارها ثرمومتراً يكشف مستوى عقليات ونظر وتكتلات، وفي المحصلة: بنْية غير منسجمة، وفي كثير منها نتاج – ولا نقول جميعها – اصطفاف وانحياز أعمى، مرةً بدافع الانتماء الديني/ الطائفي/ السياسي/ القبلي/ العشائري، وقليل من أولئك من ينطلق بدافع الاستقلالية فيما يرى، وحرصاً على موقف وسط جامع ومؤلّف، لا يدّعي قدرته السحرية على إنهاء الفجوات، بقدر محاولة لتضييقها.

يبدأ الغذامي من موقف جعله الشاهد فيما سيأتي من جزئي المقال: «أبدأ من مقولة قلتها قبل أعوام في محفل كبير في مدينة القطيف شرق السعودية، إذ كشفت عن عميق شعوري تجاه «حزب الله»، وقلت: إن انتصار الحزب انتصار لضميرين، وكنت أقولها وأعنيها تحت معنى وعنوان نظرية المقاومة، ولم يكن كلامي ليخص شخصاً بعينه ولا طائفة بعينها، ولكنه كلام عن المقاومة وهي ضميرنا كلنا، ولا شك».

ماذا حدث بعدها؟ «ثم حدث ما حدث من تدخل «حزب الله» في سورية، وحينها تغيّر عندي وعند غيري السؤال، وصرنا نتساءل بحرقة عن مفهوم المقاومة، وهل لها صلة بأية صيغة من الصيغ مع دخول الحزب سورية»!

الغذامي لا يدخل في تفاصيل ما حدث. ما قبله من ممارسات على الأرض. ما بعده. لا يدخل في تفاصيل دخول حركات «الجهاد» العابر للحدود وبتسهيلات مفتوحة من قبل دول، ومكنة أموال تضخ على المستويين الرسمي والشعبي. ذلك لا يهم. المهم لدى كثيرين، أن المقاومة دخلت سورية. وفي ذلك الدخول بالمناسبة لا يتحدد الاعتراض على فصيل سني وحده، ثمة فصيل شيعي يذهب المذهب نفسه ولاعتباراته الخاصة أحياناً، وللصورة التي يريدها للشيعة بالنأي عن أنفسهم في هكذا صراعات، وهم المستهدفون من دون أن يكونوا – أحياناً - طرفاً فيها. الاستهداف بطبيعة النظر إليهم، وبطبيعة التعاطي معهم في الدول التي يتواجدون فيها. حالة الشك التي تكاد تكون جزءاً طبيعياً من الممارسة، وخصوصاً في مسألة الانتماء لغير أوطانهم، وما يرتبط بذلك.

من الملاحظات التي يجب الوقوف عندها، على رغم الاتفاق في عناوين ما يطرحه الغذامي، لكن الدخول في التفاصيل يفرض مثل تلك الملاحظات ومنها، تناول المظلومية، وهو عنوان عادةً ما يكون على هامش أمرين: التهكّم من جهة، ومحاولة تفريغ ذلك المفهوم، بمعنى نفيه بطريقة أو أخرى! «وهنا تحضر المظلومية لتكون موضعاً للسؤال نفسه، وإذا ما تحوّلت المظلومية لتكون ظالمة»، فماذا تبقى لها من الرصيد الأخلاقي والمنطق الثقافي، وإذا تخلّى المقاوم عن دوره وحرف وجهة البندقية، فما مصير من ينتقد هذا السلوك»؟

هنا يراد للحزب أن يقاوم بالنيابة في مكان، ولا يحق له أن يقاوم ما سيطول شره وخطره المكونات كلها في الجغرافية التي وجد حزب الله نفسه مضطراً أن يكون متواجداً فيها، حين يتعلق الأمر باستهداف مكونه من جهة، وتراثه وإرثه الثقافي والديني! الذبح على الهوية، استهداف المراقد أيضاً على الهوية!

العملية كلها قدرة وذكاء في التوظيف الإعلامي، أحياناً بشكل ذكي، وأحياناً بشكل استعراضي غبي. وسيأتي تفصيل ذلك في تناول الغذامي للإسلام السياسي السني.

في طبيعة صراعات كتلك، لن يكون الأمر نزهة، ولا يمكن ضمان أن تكون الأخلاق حاضرة في التفاصيل من دون شائبة تجاوز.

على الأقل ما تحفل به وسائل التواصل الاجتماعي تذهب باتجاه الذين يتصدون للحزب بطبيعة تعاطيهم مع الأسرى، وتصاعد التفنن في القتل والذبح وحرق الأسرى أحياء، وذلك واحد من الاحترازات التي اتخذها الغذامي، في استباقه للذين سيردون على انتقاده لحزب الله، والذي هو ليس فوق النقد، ولا أحد يقول بذلك. تلك عبارات الغذامي نصاً: «محاولة صرف النقد الموجّه للحزب بأن يدفعك للكلام عن الإرهاب والإرهابيين، لكي يحاصر نقدك ويشغله بنقطة أخرى غير الرئيسة، وبالتالي يدفعك إلى إغماض عينك عن قول كلمة ناقدة توجه نقدها للخطأ المحدد، وفي هذا محاولة لبناء سد حصين يتمترس فيه الخطأ محصناً عن أي نقد، ويتم له أن يمارس ظلمه من دون محاسبة، فقط لأن غيره ظالم مثله، وعليك بغيره ودعه في حصانته».

مثل ذلك الكلام هروبٌ عن أصل المشكلة اليوم، فعدا الكلام على فظاعات ارتكبها النظام السوري، ولا آلة إعلامية يمكن لها أن تبرؤه، هنالك مشروع تكفيري انطلق بغطاء دول إقليمية لا تستهدف المكان الذي صار جامعاً لها، وناسفاً للهويات من أجل تحقيق الهدف.

بين التجاوزات، من بينها وجود «حزب الله في سورية»، وتجاوزات قد يكون ارتكبها أو نسبت إليه على الأرض، يتم التغاضي عن «الفظاعات» التي تجاوزت الحدود وباتت نوعاً من الإنجاز بصورها المتعددة!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4254 - الأربعاء 30 أبريل 2014م الموافق 01 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:02 ص

      الامام علي (ع)

      قل الحق ولو على نفسك هناك شخصان يتحاربان واحد حق والثاني باطل والفئهالباطله هي دائما الاكثر عددا وعتادا

    • زائر 1 | 11:55 م

      هذا قفز للنتائج بعيدا عن الاسباب

      ...........وكما قال سيد المقاومة وهذا السؤال يعطي الجواب للرد على الكاتب:\nمتى تدخل حزب الله في سوريا؟\nتدخل حزب الله بعد سنتين من تدخل كل الارهابيين في المنطقة وجلبهم لسوريا تحت مسميات واهية وحتى اكتشف من ابتعثهم فداحة خطئه فجرّم الذهاب الى سوريا للجهاد \nبعد سؤال متى تدخل حزب الله وبعد السؤال لماذا جرّم الذهاب الى سوريا للجهاد العاقل الحصيف يعرف حقيقة الامر

اقرأ ايضاً