العدد 4278 - السبت 24 مايو 2014م الموافق 25 رجب 1435هـ

أَلَم ترتو الأرضُ دماً بعد!

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

ساحة من أرض فضاء، ولقربها من دوار اللؤلؤة، ولإطلالتها على الشارع العام المؤدي إلى الدوار، ولقبالتها لمداخل أكثر من قرية، وفي الطريق منها وإليها من جميع الجهات، مداخل قرى أخرى وأخرى، أصبحت هذه الساحة مقراً، لنشاطات أو ربما تدريبات بعض الأجهزة، بزيهم وعتادهم ومركباتهم ومدرعاتهم الرسمية، وآخرين من مجموعات مدنية، لا يَفرِقون عن تلك التي كررت اعتداءاتها على أسواق 24 ساعة في مجمل المناطق، وتلك المجموعات التي خرقت حرم الجامعة، وتلك التي تعدّت على مواكب العزاء، وعلى القاطنين في مناطق مختلفة من البلاد من معتنقي المذهب الشيعي، الغالبية المعارضة التي تبادر بالمطالب الوطنية الجامعة.

في هذه الساحة وفي مساحات أخرى قريبة، تحتشد القوات غالب أيام الأسبوع، لتملأ الشارع والأزقة والسيارات والبيوت، ورئات مرتاديها وسائقيها وقاطنيها، بالغازات الخانقة والملهبة، للصدور والعيون والأنف والحنجرة، بدعوى منع المتظاهرين من بلوغ الشارع العام، وهي دعوى باطلة في غالب الحالات، من مثل تلك الحالة، التي خرج فيها طفلان دون الثامنة عشر من عمرهما، كلاً منهما حاملاً علم البحرين، وصاحا بعلو صوتهما من بعيد، بعبارات يُنَفِّسون بها عما يجيش في صدورهم، من غضب جراء إستخدام القوة المفرطة الدائم ضدهم وضد أهاليهم، بما تتحدث عنه التقارير من كثرة حالات القتل والسجن والفصل من الأعمال والمنع من العلاج، لا لشيء إلا لذات فعل الصوت، لفظاً أو لحناً.

ظل هذان الطفلان كلاً من ركن، يبعد عن الآخر بطول الأرض الفضاء المطلة على الشارع العام، الذي يفصلها عن تلك الساحة المجتمعة فيها القوات ومعداتها، فخطى أحد الجنود مبادراً بالإبتعاد عن سربه باتجاه الشارع العام، وكان حاملاً حقيبتي تخزين لقنابل مسيلات الدموع، وبدأ في إطلاق كل ما لديه من تلك القنابل باتجاه الطفلين، ولبعد المسافة بينه وبينهما، والتي لم تثنِه ليتوقف، أصابت القنابل البيوت وقاطنيها على جانبي الساحة من يمين ومن شمال، ولم يأبه لذلك، ذلك الجندي، بل كان كما الغَر المراهق، ناولوه ما يلعب به ويلهو، سلاح لم يكن ليحسن استخدامه وتصويبه، بقدر أنه ردح من اللهو، آذى به القاطنين ثم انصرف عائداً لسربه وكأن شيئاً لم يكن.

تكررت مثل هذه التصرفات غير المسئولة وغير الخاضعة للمحاسبة، بل كانت محلاً وموضوعاً للتندر والضحك بين المجندين، وبما شجّع آخرين للحذو ذات الحذو، والتمادي إلى ما هو أكثر، من فعل إطلاق مسيلات الدموع عشوائياً ولهواً، إلى إطلاق الرصاص الإنشطاري الحي، وعبوات مسيلات الدموع بالتوجيه المباشر إلى مقتل، في غير حالات الدفاع عن النفس، التي اتخذتها الجهات الرسمية كذريعة لكل حالات القتل التي تمت خارج القانون، والتي كانت في واقع غالبيتها، حالات تستلزم في أقصى إجراءاتها، إجراء القبض، وربما عبر وسيلة الإعاقة، إلا أن إهمال محاسبة متجاوزي الإجراءات القانونية إلى ما يخالف القوانين ويتجاوزها، شجع أولئك الجند على الإستمرار والتعدّي أكثر فأكثر، بما نال بالضر، من البسيط إلى القتل، وقد تجاوزت تلك الإجراءات، مساحات حراكات الشارع، إلى داخل أماكن التوقيف للحبس الإحتياطي وأثناء التحقيقات، وكثرت الإعتقالات وطال الفصل من الأعمال الآلاف، وقد استشهد من استشهد في الشارع وداخل المحبس، وقد وثقت تلك الحالات «لجنة بسيوني» وأوصت بما أوصت، واستمرت الحال بأسوأ منها، وما حالة اغتيال الطف ل السيد محمود محسن قبل يومين، إلا دليل التعنت الرسمي، وكما بثته وسائل التواصل الاجتماعي، بانت أنها عملية اغتيال، فطلق الرصاص الإنشطاري، تركز في منطقة القفص الصدري، ومنطقة أحشاء البطن، بما طال القلب في مقتل، والحديث هنا عن طفلٍ لم يبلغ الحلم، مكانه المدرسة من بعد التأهيل.

فالعفو والتسامح، هو من نتاج عمليات المعالجات الإيجابية، بما يعيد تأهيل المتضررين، هذا التأهيل الذي يبدأ بالكف والتوقف، عن كل إجراءات أجهزة الدولة المتجاوزة للقانون، ولحقوق الإنسان، ثم البدء الفعلي والشفاف لمحاسبة المسئولين عن تلك التجاوزات، وإصدار الأحكام ضدهم، ثم تعويض الضحايا وأهالي الشهداء لجبر الضرر، ثم إعادة بناء المؤسسات، بما يحفظ للمواطنين المساواة في الحقوق والواجبات، من خلال الحل الجامع الدستوري والسياسي والحقوقي والخدمي.

أما السير في طريق الحل الأمني المتبع حالياً، على رغم سوءاته بما ينشر ويوسع دائرة البغضاء والمعاداة، ما بين الشعب في غالبيته وبين الأجهزة الحكومية، وخصوصاً الأمنية منها ولواحقها، فلن يزيد الوضع إلا تأزيماً.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4278 - السبت 24 مايو 2014م الموافق 25 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 6:13 م

      كلمة الحق اغلى من الذهب

      ولا تركنو الي الذين ظلمو فتمسكم النار . صدق الله العلي القوي على كل جبار متعجرف .شكرا لك بصدق لكمة حق ف وقتها تساوي اغلا من الذهب ،،،

    • زائر 15 | 7:09 ص

      قناص

      استاذنا الفاضل رحم الله والديك على كل كلمة خطيتها بأناملك الطاهرة الشريفة وهذا ليس مدحا من باب المجاملة ولكن هي الحقيقة البديهية لشخصك المتواضع واما ما يحدث من انتهاكات لحقوق الانسان في البحرين فهناك ايادي خبيثة تصفق فرحا لأنها لا تريد لهذا الوطن ان يستقر وهم من يصطاد في الماء العكر وهم الذين لديهم نقص بسبب فشلهم في الحياة وكانت هذه الفرصة الذهبية ليغتالوا الوطن ويسرقوا الجمل بما حمل بأسم انهم الموالاة علما انهم لا وطن لهم .

    • زائر 13 | 4:38 ص

      كرامتنا من الله الشهادة

      مقالك يا استاذنا الفاضل يذكرني بالسيدة زينب ابنة الامام علي علية السلام التي وقفت في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية لعنة الله وقالت كد كيدك واسعى سعيك وناصب جهدك فوالله لن تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا وهل رايك الا فند وايامك الا عدد وجمعك الا بدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على القوم الظالمين ...السلطة تريد ان ترسل رسائل لتقول الزموا بيوتكم والا قتلناكم متاسين ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة

    • زائر 12 | 3:46 ص

      ويش تقول ايها الطيب الشريف؟ اسمع قصة بسيطة حدثت لي:

      احد الليالي دخلت قريتنا مرورا بدوريات الشرطة وتفاجأت بأن الشوارع مغلقة فعدت على اعقابي لأدخل من شارع آخر فمررت مرّة اخرى بالشرطة واذا بأحدهم يوقفني فقط لكي يتحجّج ويبسط عضلاته بتهديدي باعتقالي وماذا كان عذره انني مررت بهم مسرعا وهذا امر غير معقول فمدخل القرية ضيق وهم واقفون منتصف الشارع فكيف يستطيع السائق ان يسرع ثم اني لست شبابا طائشا لكي اسرع ولكنها مسألة تحجج وتلكك فقط .
      لكن ماذا نقول وهذه ليست اخلاقيات اهل البحرين

    • زائر 11 | 3:42 ص

      تسلم يا سيادي

      ورحم الله ام انجبتك انك لسان الحق والانسانية ياليت مثلك الف يصدحون بكلمة الحق والعدل انت ابن الوطن كل الوطن

    • زائر 10 | 2:31 ص

      رجال الوطن

      تسلم ابها الطيب ابن الطيبون الكرام كفيت ووفيت يامن لم تؤخذكم في الله لومة لائم انت ومن مثلك رفع الله شأنكم في الدنيا والاخره .....نعم انتم من يزدهر هذا الوطن يارجال الوطنيه الاصيله .

    • زائر 8 | 12:50 ص

      قلم امين

      سلمت يمناك يابن البحرين بقلمك الامين

    • زائر 7 | 12:42 ص

      تسل ايدك

      احسنت استاذ مقال رااااااائع

    • زائر 6 | 12:27 ص

      الزائر رقم 5 اصاب عين الحقيقة تماما

      ومن خلال الرجوع الى الاية فان فيها وعيد لمن هدم بيوت الله وانه لايوفق للاصلاح وهو وعد من الله وحاشا لله ان يخلف وعده فاصبحنا الان على يقين

    • زائر 5 | 12:07 ص

      كن على يقين يا استتدي واخي الكريم لن ولن ولن يكون هناك حلا من قبلهم

      فالحل يا استاد يعقوب سياتي من السماء فقط وفقط ونقطة آخر السطر فلا ترتجي ولا تعقد املا على السلطة ابدا انما هي مسالة وقت عند الله وكما قال الحق انما يؤخرهم ليزدادو اثما. فانا عل يقين وادا اردت يااستاد ان تصل لهذا اليقين فتامل بعمق وروية وامعان في التفكير وخلوة مع النفس في الاية رقم 114 من سورة البقرة وستجد فيها مايبعث على الامل والراحة وكيف توعد الله اولئك ما ليس لهم مجال للاصلاح

    • زائر 4 | 11:33 م

      تسلم

      تسلم عزيزي على المقال الحلو صباح الخير

    • زائر 3 | 11:31 م

      سيدي لن افرض في دم ابني الشهيد بمال الدنيا اريد القصاص

      لو رغبت وانا والد احد الشهداء والي قتل عمدا مع سبق الإصرار ان اعمل تسوية لتم إعطائي ذلك المبلغ الخيالي لكنني اشكرك على ذكر تفاصيل تجاوزات إخواننا البواسل اصحاب التأهيل العالي والاحترافي الذين ينفدون أوامر عليا غير مكتوبة توفر الحماية لهم ليتجاوزوا حدود العقل والمنطق وانا سيدي الكاتب الشريف اريد القصاص من ...و...و سالحقهم في الداخل والخارج لاقتص منهم بالقانون ما اطلبه طولة العمر لنا وللجميع ومنهم منتهكي حقوقنا شكرًا مرة اخرى لك فكتاباتك بلسم لنا

    • زائر 2 | 11:08 م

      شكرا يطيب بن الطيبين

      لقد نفست مابخاطرنا نفس الله همومك يلأجودي وبن الأجاويح.

اقرأ ايضاً