العدد 4303 - الأربعاء 18 يونيو 2014م الموافق 20 شعبان 1435هـ

دفاعاً عن العقل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نكتب عن العراق لأنه بلد الأنبياء والأئمة، أئمة السنّة والشيعة على السواء؛ ولأنه بلد أقدم الحضارات.

نكتب عن العراق لأنه البلد الأكثر تأثيراً ثقافياً ودينياً واجتماعياً في هذه البلاد، وإذا كان البعض اكتشف وجود العراق بعد حربه ضد جارته إيران، فإن الروابط الدينية والعلاقات الاجتماعية بأرض الرافدين تعود لقرون.

نكتب عن العراق لأنه الأكثر اضطراباً في المنطقة منذ خمسة وثلاثين عاماً؛ ولأننا الأكثر تأثراً بأحداثه وتقلباته؛ خيراً أو شراً. وقد شاهدنا كيف نشر الدمار في المنطقة تحت سلطة صدّام، وكيف يمكن أن ينشر الدمار لو قُيّض لهذه الجماعات المتزمتة حكمه، كما يتمنى الكتاب الجهلة والنواب الطائفيون، وهو ما لن يحدث خصوصاً بعد أن اتخذت المرجعية الدينية موقفاً حاسماً ضد هذا التهديد الوجودي للعراق، كياناً ووطناً وشعباً.

هذا التهديد هو الذي حرّك المرجعية، التي تبقى بعيداً عن السياسة، فآخر تحرّكٍ لها كان قبل مئة عام، لمواجهة الجيش البريطاني الغازي بداية الحرب العالمية الأولى، وانحازت إلى تركيا العثمانية دفاعاً عن حياض المسلمين.

بعد مئة عام، لعبت المرجعية دور صمّام الأمان للعراق الممزّق المثخن بالجراح بعد الاحتلال الأميركي. وقد رشّح المرجع كاتبٌ أميركي لجائزة نوبل، ورشّحه كاتب سعودي لجائزة الملك فيصل، لتجنيبه العراق شلالات الدم. وحين طالبه البعض برد فعل تجاه تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، أجابهم: لو قتلوا نصف شيعة العراق فلن أفتي بقتل سني واحد بريء. ومن كلماته المشهورة: «لا تقولوا السنّة أخواننا بل هم أنفسنا».

في تعامل المرجعية مع لحظة الاحتلال الكالحة، اختارت موقف الحياد السلبي، فهي لم تدعُ المحتل ولم تباركه، وإنّما الذي استدعاه سياسات النظام الأرعن، الذي لم يترك له صديقاً واحداً بالمنطقة، وهو الذي احتل الكويت وضرب السعودية والبحرين بصواريخ سكود. والمرجعية لا تملك جيوشاً نظامية، ولم تتعاون مع القوات الغازية بتقديم القواعد والتسهيلات اللوجستية في قواعدها ومطاراتها لغزو العراق.

من طالب المرجعية بالتصدّي للجيش الأميركي تغافل عمداً عن أمرين: الأول أن النظام نفسه بجيوشه وقياداته اختار التسليم، ولم يختر المواجهة إلا الجنود الفقراء في البصرة. ورأس النظام اختار الهرب من ساحة المواجهة ليختبئ في أحد البساتين، وظلّ هارباً سبعة أشهر حتى وشى به أحد حرّاسه الشخصيين عند الأميركان، فكيف يدافع الضحايا عن دكتاتور هارب من أرض المعركة؟ حتى وزير خارجيته ذهب برجليه للأميركان ليسلّم نفسه للمحتل.

الأمر الثاني: تاريخ النظام الأرعن مع المرجعية الدينية العليا، فهو الذي اغتال مرجعاً فيلسوفاً مثل محمد باقر الصدر وأخته الكاتبة بنت الهدى؛ وهو الذي اغتال الصدر الثاني؛ وهو الذي أخرج السيد الخوئي من مستقره بالنجف إلى بغداد، بتلك الصورة المهينة، التي لم تراعِ حرمةً لجلال العمر ولا منزلة العلم، بعد قمع الانتفاضة الجماهيرية في أعقاب دحره من الكويت، وتمّ ذلك بمباركةٍ أميركيةٍ، بعد السماح له باستخدام الطائرات السمتية.

مطالبة المرجعية بالقتال دفاعاً عن نظامٍ دكتاتوري أرعن يدلّ على هبل ذاتي، والأكثر استحماراً تحميلها سوءات السياسات العربية والنظام العربي الذي كان أقطابه يتآمرون على بعضهم كما يفعل زعماء القبائل. وحين جاءت ساعة الغزو الأجنبي، كان العراق كله ينتظر قدره يومها، وليس فقط الشيعة والأكراد. فللتاريخ... النظام الدكتاتوري لم يوفّر أحداً من ظلمه، وضحاياه لم يكونوا شيعةً فقط، بل كان السنّة وعلماؤهم وتجارهم ومثقفوهم من أوائل ضحاياه (قتل الشيخ عبدالعزيز البدري قبل الصدر بعشرة أعوام).

اليوم، حين تزور كربلاء، وتدخل عند القبر الشريف، ستلاحظ آثار الرصاص الذي أطلقه جنود النظام السابق حين استباحوا المدينة، كما يهدد اليوم باستباحتها الأشقياء لتصفية الحسابات. من يطالب هؤلاء الضحايا بالدفاع عن نظامٍ استباح أرواحهم ومقدّساتهم لأكثر من ثلاثين عاماً، أو يقفوا مكتوفي الأيدي أمام التهديدات الجديدة، فهو أحمق أو مختل!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4303 - الأربعاء 18 يونيو 2014م الموافق 20 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 10:58 ص

      صراحة

      القوم هم القوم محاربت اهل البيت وهم فى قبورهم ميتين قهر من زيارة قبور اهل البيت عليهم السلام لانه هم نور الله وكتبهم تشهد دالك الاحقاد على اهل البيت مستمره ولن يهدا لهم بال حتى تفجير الاضرحة لاهل البيت امسويه ليهم قلق ويدعون انهم يحبون محمد عليه افضل الصلاة والسلام الي يحب محمد مايكره اهل بيته عليه افضل الصلاة والسلام دائما نقول لكل حاقد اطلع على الحقيقة من كتبكم اتعرف ضلامات اهل البيت وشيعتهم

    • زائر 20 | 5:21 ص

      للتاريخ

      لم يعرف التاريخ بلداً انتهبت مقدراته كما نهب العراق، وشعباً ظلم كما الشعب العراقي، ونظاماً بهذا العدد من رجال العصابات كما نظام المالكي.

    • زائر 16 | 4:09 ص

      منبع الطائفية

      صاحبك الأخ نوري المالكي خطب أمس في سامراء يحشد العراقيين للتطوع لتشكيل جيش بدل الذي دربتموه وهرب بملابسه الداخلية، فقال في خطابه «إن معسكر «الحسين» يحتاج لمتطوعين كي يحارب معسكر أحفاد «يزيد»!! هكذا بالحرف وستجد كلمته مصورة وعلى اليوتيوب.

    • زائر 19 زائر 16 | 5:20 ص

      زائر 16 امنا بالله المالكي تقول طائفي

      انزين الجنود الذين فروا كما تقول ومستانس انت وانت تقولها أليس بهم اخوان سنة ام انهم شيعة وهذا ما افرحك ؟؟؟ ولأن المنطقة بغالبيتها سنية فمن الطبيعي ان يكون الجنود غالبيتهم سنة وان كان هناك شيعة أيضا ، المشكلة انكم تخلطون الأمور المالكي طائفي ما ذنب باقي الشيعة مشكلتكم العاطفة والهيجان الغير منطقي الشيعة كذا والشيعة كذا ، لا الشيعة يستطيعون الحكم في العراق لوحدهم والا السنةيستطيعون ، سموا الأشياء بمسمياتها اختلفوا مع المالكي وغيره ولكن لا تمجدوا الأرهابيين وداعش لأنكم ما تحبون المالكي عجيب امركم

    • زائر 24 زائر 16 | 11:03 ص

      سبحان الله

      نفس الخطاب الذي استخدمه صديقهم في البحرين

    • زائر 15 | 3:34 ص

      أكول مولانا

      فلسطين بلد الأنبياء وليس العراق العراق بلد الغدر والنفاق كما قالت السيدة زينب (س) في خطبتها بعد عوتها من الشام

    • زائر 17 زائر 15 | 4:42 ص

      اقرأ وتفكر قبل أن ترد

      لا تاخذك العصبية وحب الرد من اجل الرد.فكلنا نعرف وكما أشار السيد قاسم ما جاء في الزيارة:السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح وعلى جاريك هود وصالح. عليهم جميعا وعلى نبينا افضل الصلوات وأتم التسليم.

    • زائر 13 | 2:41 ص

      مقال أكثر من رائع

      بارك الله فيك سيدنا فقد لامست الجرح ووصفت الدواء ولكن القلب التي في الصدور قد ترسب عليها صدأ الحقد والعمى والكراهية ويعتقدون بأنهم على الحق والآخرون على الباطل ويجب أن تنصاع المرجعية الشيعية لما هو مخالف للفطرة والعقل

    • زائر 11 | 2:18 ص

      عقل بلطجي

      انا انحاش من المعركة واختبأ كالجرذ في غرفة تحت الارض واطالب المرجعية التي قتلت رجالها وانصارها واتباعها بالدفاع عني عون حكمي. أي عقل بلطجي مجنون هذا؟

    • زائر 8 | 12:47 ص

      الحمدلله

      انا فخور بانتمائي لهذه المرجعية .. لأن أصلها ثابت وفرعها في السماء.

    • زائر 7 | 12:33 ص

      هذه هي عاداتهم

      يطهدونك ويهمشونك وفي الرخاء لا يعيرونك اي اهتمام واذا ما اصابهم عارض او تهديد يريدونك اول المتصدين له بل ويرمون عليك خبثهم ورعونتهم بل وتآمرهم ، بينما انت ضحية سياساتهم الفاشلة ، لا يتعظون واليوم يكررون نفس الهراء الذي ملأؤ به الشاشات واجهزة التواصل الأجتماعي بداية انفجار الأزمة في سوريا وقالوا سوف يعلنون النفير والنقير والخرير وقامة الدنيا وبيعت البشوت والعبي والحلي وماذا حصل بعدها ؟؟؟ سبوا من دعا لذلك واغلقوا القنوات عليه وقالو خربت شبابنا ولكن بعد خراب البصرة وهم اليوم يعيدون نفس الكرة .

    • زائر 6 | 12:30 ص

      ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك

      يا سيد خطابك لمن موجه وهل تتوقع من احدهم السمع او الاستماع او حتى النظر لمنطق العقل والحكمة؟ لقد اعمتهم حميّة الجاهلية فهم بعد ان جرّموا داعش واعتبروها ارهابية وجرمّوا الاخوان واعتبروهم ارهابيين للهروب من الاستحقاقات الدولية وبأن لا يكون هم انفسهم على لائحة الارهاب عادوا ودعموا
      نفس الجهات التي صنفوها ارهابية قبل اشهر فقط

    • زائر 5 | 12:19 ص

      اذا بقت عقول فناشدها !! أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون

      من تناشد يا سيد خلها على ربّك. .. هذه الآية موجهة لسيد البشرية ومخاطبة اياه بأن من تخاطبهم صمّ وقوم لا يعقلون فلا فائدة من مناشدتهم: ربما فقط لإلقاء الحجة لا غير

    • زائر 4 | 11:10 م

      يغتالون مراجعنا ويضيقون عليهم واذا جاء المحتلّ هم يريدونهم اول الواقفين ضده

      مسكينة هذه المرجعية كل السهام توجه لها وهي صابرة محتسبة فالنظام اباد منهم المئات بين معذبين في السجون حتى الموت وبين الاغتيالات. ثم تطالب المرجعية بالوقوف ضد الامريكان الذين كانت معركتهم مع النظام اولا وليست مع الحوزة وفي النهاية الشعب العراقي هو من اخرج الامريكان صاغرين ولم يكن ذلك بخلاف رأي المرجعية بل وفق رؤيتها

    • زائر 1 | 10:38 م

      يتكلمون وهم أكثر الناس جبنا

      نعم يطلقون التصريحات والهراء كي يستفزوا الناس والواحد منهم حتى من زوجته يخاف ( أسد علي وفي الحروب نعامة ) كما صرح احدهم يوم امس وهو حتى الصرصور يخاف منه ولكن لا تحرق النار الا رجل واطيها فهم يحثون على الفتنة وهم في البراد ونار الحرب تاكل غيرهم والمصيبة أنهم لا يأخذون العبرة مما حدث في تلك الايام السوداء حفظ الله العراق وأهلها من كل سوء

اقرأ ايضاً