العدد 2460 - الإثنين 01 يونيو 2009م الموافق 07 جمادى الآخرة 1430هـ

جهاز المساحة والتسجيل العقاري

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

لماذا لم ينشر جهاز المساحة والتسجيل العقاري إحصاءات التداول العقاري للفصل الأول من العام 2009؟ ولماذا لم يضمِّن مصرف البحرين المركزي إحصاءات التداول العقاري للفصل الرابع من 2008 والفصل الأول من 2009، في تقريره الفصلي عن المؤشرات الاقتصادية؟

الغالبية العظمى من الناس تعتقد، بأن «عدم وجود أخبار يعني الأوضاع سيئة»، والمستثمرون لديهم هذا الاعتقاد حقيقة، إذ إنهم دائما يرون الشركات التي تتأخر في الإعلان عن نتائجها المالية، تكون متكبدة خسائر ولهذا تماطل في إعلان هذه النتائج المخزية للإدارة.

المشكلة أن عدم الاعلان عن النتائج، يؤدي إلى فقد الثقة والصدقية، وبالتالي عزوف المستثمرين عن الاستثمار، وتجميد أموالهم تحت الوسادة، لا هم يستفيدون منها، ولا الاقتصاد الوطني يستفيد منها.

أما في حال إعلان النتائج (حتى لو كانت سلبية)، فإن الثقة والصدقية تبقى، وسينعدم خوف المستثمرين لوجود الحقائق التي يمكن أن يستند إليها في اتخاذ قراراته الاستثمارية، ويستثمر في أسهم حتى هذه الشركة الخاسرة، وبالتالي يحرك أموالهم ويستفيد منها ويستفيد الاقتصاد الوطني كذلك منها.

وهذا ما حدث أيضا للقطاع العقاري في البحرين، عندما انفجرات أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وتحولت إلى أزمة مالية خانقة انعكست على الاقتصاد العالمي، وخلفت وراءها انكسارات وانهيارات في مؤسسات لا أحد يتوقع أنها في يوم من الأيام ستواجه شبح الإفلاس.

في البحرين، ومع انفجار الأزمة العالمية، شعر المستثمرون بالخوف، وتوقفت عمليات بيع وشراء العقارات بشكل شبه كامل، وظل المستثمرون يترقبون لمعرفة ما سيحدث، والتوقف حتى اتضاح الرؤية.

وكلما تأخرت البحرين ممثلة في جهاز المساحة والتسجيل العقاري بالإعلان عن حركة التداول العقاري للربع الرابع من العام 2008، زاد الوضع قتامة، وزاد خوف المستثمرين من الاوضاع، ما أدى إلى جلطة عقارية (لا بيع ولا شراء).

وبعد فترة، وإن كانت متأخرة، أعلن جهاز المساحة عن إحصاءات التداول العقاري للعام 2008، وبدأ المستثمرون يقرأون الأرقام، التي قللت من مخاوف المستثمرين الذين كان يرتعدون من المجهول. فمعرفة ما يحدث، تجعل المستثمر أكثر طمأنينة، من عدم معرفة ما يحدث، الذي يؤدي بدوره إلى القلق والخوف.

فجهاز المساحة والتسجيل العقاري مطالب، بنشر إحصاءات التداول العقاري في البحرين بشكل مستمر دون تأخير ومماطلة، وتزويد المستثمرين بالمعلومات، لخلق جو من الطمأنينة وتبديد الخوف الذي ينشأ من الجهل أو ما يسمى «الخوف من المجهول».

مسئوليتنا تجاه الوطن، والحفاظ على استمرارية التنمية الاقتصادية، تتطلب خلق أجواء مطمئنة للمستثمرين، وتقديم المعلومات التي يحتاجون إليها.

أما غياب المعلومات، فسيؤدي إلى القلق والخوف من الأوضاع، وبالتالي توقف المستثمرين عن الاستثمار، وتوقف حركة رؤوس الأموال، وتباطؤ الاقتصاد وقد يتوقف، وبالتالي انعكاسات وتداعيات مخيفة على الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وقد أكد خبراء ومديرون، شاركوا في مؤتمر دولي نظمته جمعية الإداريين البحرينية تحت شعار «الشفافية في إدارة الأعمال ومسئولية الشركات»، إن غياب الشفافية يعمِّق أزمة ثقة المستثمرين في الأسواق، وزيادة المخاوف الاستثمارية تجاه الاقتصادات التي لا تعطى عنها معلومات صحيحة وكافية.

وألقى المدير التنفيذي لـ «نومورا» المصرفية الاستثمارية، طارق فضل الله ورقة بعنوان «الشفافية وأداء الأسهم: هل توجد علاقة ربط»، وتحدث بشكل تفصيلي عن تأثير الشفافية على حركة أسعار الأسهم في أسواق المال.

وأكد وجود علاقة قوية؛ إذ إنه كلما زادت الشفافية في الشركة، زادت ثقة المستثمرين بها، وبالتالي تعزز أداء الأسهم في أسواق المال، وكلما انخفضت الشفافية في الشركة، قلت ثقة المستثمرين بها، وتراجع أداء السهم في البورصة.

وأكد الخبير الاقتصادي محمد عابد، ما قاله فضل الله، مشيرا إلى أن المؤسسات بحاجة إلى زيادة الشفافية لتعزيز علاقاتها مع المستثمرين والمساهمين والمجتمع؛ لتأثيرهم الكبير على مستقبل الشركة ومشروعاتها، وربحيتها، وأداء أسهمها في سوق المال.

وأوضح أن المستثمر يبحث قبل الاستثمار في أسهم الشركة وعن المعلومات الصحيحة لاتخاذ قرارات سليمة، تجنبه الخسائر وتحافظ على رأس المال.

وبيَّن أن غياب الشفافية يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة، وهو ما يجعل المستثمر يندم على شراء أسهم الشركة، وزيادة مخاوفه تجاهها، أما الحوكمة والشفافية فتعززان شعور المستثمرين بالارتياح والاطمئنان تجاه الشركات التي تتواصل معهم وتزودهم بالمعلومات الصحيحة التي يحتاجون إليها، بشكل مستمر، وبالتالي فإن هؤلاء المستثمرين مستعدون لضخ أموالهم في الشركات التي لديها شفافية عالية.

وأكد أن التواصل الفعال بين الشركة والمساهمين، القائم على الشفافية يؤدي إلى تداول أسهم الشركة في البورصة بسعر «ممتاز» يعكس القيمة الفعلية، وأداء الإدارة، مؤكدا أن الشفافية تخلق قيمة مضافة للمساهمين وتعزز توجهاتهم الإيجابية.

وأكد أن أهمية الحوكمة والشفافية تزداد في وقت الأزمات، كما هو حاصل الآن في الأسواق العالمية، وهي أوقات يحتاج فيها المستثمر إلى المعلومات الصحيحة والمفيدة المحدثة عن الشركة، لاتخاذ القرارات الصحيحة.

وأتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى الجهات المعنية بنشر الإحصاءات عن التداول العقاري.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 2460 - الإثنين 01 يونيو 2009م الموافق 07 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:36 ص

      لابد ان تكون الاوضاع سيئة!

      عدم النشر هو تأكيد على ان التداولات العقارية سيئة جدا. فلقد تعود الجهاز على نشر التداولات الجيدة ولكن مع الازمة المالية العالمية اصبح هناك خوف لدى المستثمرين والمواطنين وقلت التداولات العقارية بشكل كبير لذا تخاف الحكومة ان نشر الاحصائيات سيزيد من الازمة ولن تنشرها الا اذا تحسنت الاوضاع.

اقرأ ايضاً