فترة النفاس الممتدة من نهاية الطور الثالث للمخاض وحتى 42 يوماً بعد الولادة، هي من الفترات الحرجة التي تمر بها النساء، فهنالك الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية والعقلية التي تصيبها، إلى جانب كونها تخوض تجربة جديدة ازداد فيها سقف مسؤولياتها لرعاية مولود جديد يحتاج للتغذية والرعاية والسهر.

وفي مجتمعاتنا الخليجية تُولي الجدات والأمهات اهتماماً خاصاً بالنفساء، من خلال تقديم أطعمة خاصة ارتبط طبخها بفترة النفاس كالعصيدة والرشوفة، إلى جانب الإكثار من استخدام الدهن البقري في الطعام، واستخدام بهارات خاصة لطعام النفساء مكونة من حلبة وحبة سوداء ورشاد. ويتعداه لوضع البيض النيّئ في طعام النفساء بدعوة تقوية جسم الأم.

زينب عبدالأمير اختصاصية تغذية سريرية وحميات وخريجة الجامعة الهاشمية في الأردن في لقاء خاص مع الوسط الطبي، تؤكد فوائد الطبق الشعبي «الرشوفة» للنفساء، فهو طبق مفيد للنفساء إذا ما أُتقن صنعه حسب قولها. فالرشوف يضم دقيق الحبوب الكاملة وقليلاً من الكمون واليانسون والفلفل الأسود والرشاد، إلى جانب الحلبة والبيض (المستوي جيداً).

وتقول عبدالأمير إن من فوائد محتويات الرشوف دقيق الحبوب الكاملة الغني بالمعادن والألياف، والكمون واليانسون الطاردَين للغازات، والفلفل الأسود المحفز لنزول الدم الفاسد. إلى جانب الرشاد الذي يوصف بأنه أكثر النباتات الغنية بمادة اليود، وهذا يجعله سهل الهضم, كما يحتوي على مادة الحديد المنتجة لكريات الدم البيضاء, ويحتوي على عناصر مضادة للجراثيم, فهو مفيد في علاج فقر الدم, السل، الرشح وأمراض الصدر وأمراض الجلد والسكر، وهو مقوٍّ للنواحي الجنسية ومضاد للسرطانات.

أما عن الحلبة التي درج إضافتها إلى الرشوف أو شربها لوحدها، فتعلق عبدالأمير «الحلبة هي العشبة الأفضل إطلاقاً للنفساء والمرضعة، فهي مقوية للعظام، منشطة، مقوية للظهر، تقلل أوجاع الرحم، ومضادة للالتهابات»، وأهم فائدة لها هي إدرار الحليب؛ حيث أثبتت الدراسات فاعلية منقوع الحلبة في مضاعفة حليب الأم وزيادة حجم الثدي وفتح الشهية خلال فترة بسيطة، محذرة من الإكثار من تناول الحلبة بعد الأيام العشرين الأولى من الولادة لما تسببه من رطوبة للرحم.

وتشير عبدالأمير إلى فوائد البيض المستوي جيداً المضاف للرشوف، قائلة «البيض غني بالبروتينات ومفيد، فهو يحتوي على 12 نوعاً من الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة المرأة ومصدر غني بفيتامين (ب 12) والكولين (Choline) المفيدَين لتنشيط وتقوية الذاكرة والجهاز العصبي، كما أثبتت الدراسات حديثاً أنه مضاد لسرطانات الثدي».

وتستنكر عبدالأمير خطأً شائعاً في المجتمع وهو كسر البيض النيِّئ في صحن النفساء قبل تقديمه بفترة بسيطة بدعوة تقوية الجسم، فللبيض النيِّئ تأثير سلبي على صحة الأم والطفل، حيث اكتشفت وزارات الصحة في كثير من المناطق تسمماً خطيراً بسبب بكتيريا السالمونيلا (Salmonella) التي بإمكانها العيش في البيض النيِّئ وغير الناضج جيداً.

وتمنّت أن تقوم الأمهات بصنع العصيد مع إضافة التمر لها بدلاً من السكر، فالعصيدة غنية بدقيق الحبوب الكاملة الغني بالمعادن المهمة والألياف وأقل احتواءً على الغازات إذا ما قورن بالدقيق الأبيض، أما التمر فهو مكافح للإمساك ومنظف للأمعاء، مضيفة «لا تعمدي إلى مسح العصيدة بالكثير من دهن البقر يومياً، فله الكثير من المضار إلى جانب فوائده».

وعن الأعشاب المستخدمة للنفساء، تنصح عبدالأمير الأمهات بالاعتدال في استخدامها، فهي من الأمور التي تتسلل للطفل من خلال حليب الأم، وهو ما قد يضر به.