يرى محللون أن عقبات كثيرة تقف أمام محاولة أكراد العراق الانفصال، غير أن التهديد بالمضي في استفتاء على الاستقلال وسط الفوضى التي تعيشها البلاد قد ينتزع تنازلات من بغداد.
ووضع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني الأكراد على طريق الانفصال بعدما طلب الاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، في تحد إضافي لوحدة هذا البلد الذي ينازع في مواجهة مسلحين يسيطرون على أجزاء واسعة منه.
وقال البرزاني في خطاب في البرلمان المحلي للإقليم الكردي «اقترح عليكم الاستعجال في المصادقة على قانون تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكردستان لأن هذه هي الخطوة الأولى وثانياً إجراء الاستعدادات للبدء بتنظيم استفتاء بشأن حق تقرير المصير».
واعتبر البرزاني أن هذا الأمر «سيقوي موقفنا وسيكون بيدنا سلاحاً قوياً ويجب عليكم دراسة المسألة وكيفية إجراء هذا الاستفتاء».
ورغم أن الإقليم الكردي يتمتع بحكم ذاتي منذ بداية التسعينات، إلا أن الانفصال يمثل مجازفة سياسية واقتصادية خطيرة بالنسبة إلى الأكراد، والتهديد بالاستفتاء يبدو على ضوء ذلك أقرب إلى وسيلة ضغط منه إلى المضي فعلاً بإجراءات الانفصال عن العراق.
وتمثل القدرة المالية للإقليم أحد أكبر تحديات الانفصال، حيث أن عائدات النفط التي يجنيها حالياً أقل مما تحتاجه سلطاته لدفع مرتبات الموظفين الحكوميين، في وقت يلف الغموض مستقبل قطاع النفط في ظل الخلافات المتواصلة مع بغداد.
ويشوب العلاقة بين بغداد والإقليم الكردي الذي يملك قوات عسكرية وتأشيرات وعلم خاص به، توتر يتعلق أساساً بالمناطق المتنازع عليها وبعائدات النفط وصادراته، حيث تقوم الحكومة المحلية في الإقليم بتوقيع عقود مع شركات أجنبية من دون الرجوع إلى الحكومة الفيدرالية التي قررت بسبب ذلك عدم دفع حصة الإقليم من الموازنة السنوية التي تبلغ نحو 17 مليار.
ويقول مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة «أوروسيا» الاستشارية، أيهم كامل إن «الوضع المالي لإقليم كردستان ضعيف وتصدير النفط عبر ميناء جيهان (التركي) صعب حالياً»، مضيفاً «ليس هناك من حل قصير الأمد للأكراد الذي يبحثون عن بنية تمويلية بديلة لما يحصلون عليه من بغداد». وبينما يعاني الأكراد من نقص الأموال، فهم يمولون رغم ذلك حملة عسكرية ضخمة تهدف إلى حماية حدود الإقليم من مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» الجهادي المتطرف الذي يسيطر منذ نحو شهر مع تنظيمات متطرفة أخرى على مناطق واسعة محاذية لإقليم كردستان غادرتها القوات العراقية.
وعلى الرغم من الإعلان عن الاستعداد لتنظيم استفتاء على حق تقرير المصير، إلا أن السياسيين الأكراد ما زالوا يلعبون دوراً أساسياً في العملية السياسية في العراق حيث يشاركون في المفاوضات الهادفة إلى التوافق بشأن الرئاسات الثلاث، علماً أن العرف السياسي المتبع في العراق ينص على أن يكون الرئيس كردياً منذ 2006.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري «إنها ببساطة وسيلة ضغط على الحكومة في بغداد والدليل أنهم ما زالوا ينافسون للحصول على منصب رئيس العراق ومناصب أخرى على الخريطة السياسية».
ويوضح «قد يلوح بهذا السيف أمام بغداد لكن شعبه ملتزم فعلياً بفكرة الاستقلال وقد مر بفترات الإحباط في أوقات سابقة جراء عند تقدمهم نحو تحقيق ذلك».
ويتابع «لا أعتقد أنه (البرزاني) يستطيع أن يجامل شعبه هكذا من دون أن يعود عليه ذلك بنتائج عكسية إذا لم يحقق ما يطمح هؤلاء إلى أن يحققه لهم».
وعبرت الولايات المتحدة التي يرى فيها الأكراد أحد أبرز حلفائهم، عن معارضتها للدعوة التي وجهها رئيس إقليم كردستان للاستعداد لتنظيم الاستفتاء، فيما أنه من المستبعد أيضاً أن توافق إيران التي تدعم السلطات في العراق على تقسيم هذا البلد المجاور. وفي ظل الدعم غير المؤكد، والمأزق المالي، واقتراب المسلحين المتطرفين من الحدود، والتوتر في المناطق العربية التي تسيطر عليها قوات الإقليم الكردي، فإنه يصعب بحسب المحللين توقع ولادة وشيكة لدولة كردية.
ويقول الشمري «ستكون دولة ميتة بلا شك».
العدد 4323 - الثلثاء 08 يوليو 2014م الموافق 10 رمضان 1435هـ