العدد 4338 - الأربعاء 23 يوليو 2014م الموافق 25 رمضان 1435هـ

«داعش» ضلل مسيحيي الموصل قبل أن يغدر بهم

واجه مسيحيو مدينة الموصل العراقية تضليلاً من قبل جهاديي الدولة الإسلامية «داعش» الذين لم يتعرضوا لهم في البداية ما أوحى لهم ببعض الأمان، قبل أن يهددونهم بالموت ما أجبرهم على الرحيل.

وقد يشير هذا التحول في موقف تنظيم «الدولة الاسلامية (داعش)» إلى أن قياداته باتت تشعر بما يكفي من الثقة لفرض قوانينها بعد أن سيطرت الشهر الماضي على الموصل ومناطق واسعة في شمال وغرب العراق.

ويرى محللون أن التساهل النسبي الذي أظهرته الجماعة في بادئ الأمر مع المسيحيين كان الهدف منه استرضاء بقية الجماعات السنية المتمردة المتحالفة معها، لكنها أقل تشدداً في تفسير أحكام الإسلام.

وقال القس عمانوئيل عادل كلو مسئول إحدى الكنائس الكلدانية في الموصل الذي غادر المدينة الجمعة، «خدعونا، لأنهم في البداية لم يتعرضوا لنا، لكن بعد أن ثبتوا أقدامهم بدأوا بتطبيق قوانينهم الإرهابية علينا».

وقد عاد عدد من العائلات المسيحية إلى منازلهم بعد هجوم تنظيم «داعش» على المدينة في التاسع من يونيو/ حزيران، بعد أن لاحظوا عدم حصول تعديات على المسيحيين الذين لم يغادروا.

وكان المسلحون أفرجوا الإثنين الماضي عن راهبتين وثلاثة أيتام بعد احتجازهم 17 يوماً في تطور وصفه بطريرك الكلدان في العراق لويس ساكو يومها ببصيص أمل لتحسن وضع المسيحيين.

لكن وبعد أيام قليلة من الإفراج عن الراهبتين، وبعد مرور نحو شهر على بسط تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على الموصل، أجبر المسيحيون على مغادرة المدينة بكثافة إثر إنذار وجه إليهم بضرورة مغادرة المدينة بحلول التاسع عشر من يوليو/ تموز ما لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية.

ودعا خطباء المساجد الجمعة الماضية في مدينة الموصل المسيحيين إلى المغادرة قبل نهاية المهلة التي حددت ظهر السبت، ومن لا يذعن لذلك مصيره الموت.

ويرى مراقبون أن طرد المسيحيين بهذه الصورة كان مقرراً، لكنهم انتظروا فترة من أجل تعزيز قبضتهم على الموصل ومناطق أخرى قبل اتخاذ هذه الخطوة.

وسيطرت هذه الجماعة على مناطق شاسعة في شمال البلاد في الأيام الاولى التي تلت سقوط الموصل، وتخوض القوات العراقية معارك ضارية قرب تكريت معقل الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، بالإضافة إلى معارك في محافظة الأنبار غرب البلاد.

ورغم المعاملة القاسية التي تعرض لها المسيحيون من قبل عناصر الدولة الإسلامية فإن هذا التصرف يبقى معقولاً مقارنة بممارسات تنظيم يستسهل الإعدام لخصومه وهو ما فعله مثلاً مع الشيعية في شمال البلاد.

ويرى بعض المحللين أن تنظيم «الدولة الإسلامية (داش)» قد يكون تمهل في طرد المسيحيين تجنباً للخلاف مع حلفاء له من السنة في شمال البلاد مثل حزب البعث، لا يوجد أي خلاف بينهم وبين مسيحيي العراق الذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ من نسيج البلاد على مدى أجيال.

ويقول تشارلي ليستر وهو أستاذ زائر في مركز بروكينغز في الدوحة «بالنظر إلى سلوك الجماعة في أي مكان آخر، قد يعتبر تركهم المسيحيين يفرون من الموصل موقفاً معتدلاً».

وأضاف أن «عناصر الدولة الإسلامية كانوا دائماً قساة، لكن بالنظر إلى الديناميكية داخل انتفاضة سنية واسعة في العراق، فإنه من المنطقي أن يقدموا تنازلات لتجنب إثارة توترات اجتماعية غير ضرورية».

ومع ذلك، فإنه يبقى أن نرى إلى أي مدى ستذهب الدولة الإسلامية بعيداً في فرض أحكام الشريعة الإسلامية بهذا الشكل المتشدد.

وقد أثار تطبيق الأحكام المتشددة من قبل تنظيم «القاعدة» في العراق بين عامي 2006 و 2007 غضب العشائر السنية التي شكلت مجالس صحوات وتمكنت من دحر التنظيم آنذاك.

ويقول فنار حداد وهو باحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغفورة الوطنية «سيكون من المثير للاهتمام أن نرى إلى أي مدى سيكون تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» قادراً على فرض الضوابط الاجتماعية من دون إثارة رد فعل من قبل السكان المحليين والجماعات المتمردة الأخرى».

العدد 4338 - الأربعاء 23 يوليو 2014م الموافق 25 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً