العدد 4340 - الجمعة 25 يوليو 2014م الموافق 27 رمضان 1435هـ

تقرير: دمار هائل يصيب النازحون بالصدمة في غزة خلال ساعات التهدئة الإنسانية مع إسرائيل

صدم نازحون فلسطينيون بمشاهد مروعة من الدمار لدى عودتهم إلى مناطق سكنهم في أطراف شرقي قطاع غزة بفضل تهدئة إنسانية لمدة 12 ساعة اليوم السبت (26 يوليو / تموز 2014)، بعد 20 يوما من هجمات إسرائيلية مكثفة.
وعاين هؤلاء بغضب وآسى دماراً هائلاً وغير مسبوق تعرض له حي الشجاعية شرقي غزة جراء قصف إسرائيلي جوي ومدفعي شديد على الحي على مدار أكثر من أسبوع.
ومثلت ساعات التهدئة الإنسانية التي تم الاستجابة لها بطلب من الأمم المتحدة من قبل كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية فرصة للوقوف على هول أحوال حي الشجاعية وما خلفته الغارات الإسرائيلية من دمار غير مسبوق.
وكان الحي تعرض لقصف عنيف وحصار مشدد منذ بدء الجيش الإسرائيلي هجومه البري في قطاع غزة ولم تتمكن سيارات الإسعاف من دخول الحي لانتشال قتلى قضوا تحت الأنقاض والبحث عن جرحى يرجح أنهم نزفوا حتى الموت.
وبادر جيران عائلة جبر حلس في مساعدته بزحزحة مكعبات إسمنتية من أجل إنقاذ ما يمكن من ممتلكات أسفل ركام المنازل التي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها في الأيام الماضية، خوفا من التعرض للإصابة أو الموت بفعل الغارات الإسرائيلية العنيفة.
وسحب حلس بعض الأثاث من أسفل ركام منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق وسوي بالأرض بفعل استهدافه بصاروخ إسرائيلي.وظل الرجل مذهولا وهو يقف فوق الركام وقال "لقد دمروا كل شيء ".
وولد حلس في المنزل المدمر قبل أربعة عقود من الزمن ولديه أسرة مكونة من خمسة أفراد باتت مشردة الآن دون مأوى.
وقالت والدة حلس التي كانت تقطن معه في المنزل المدمر "الحمد الله لم يقتل أحد .. المال معوض".
وقتل في الحي أكثر من 100 فلسطيني في إحصائية غير نهائية.
واختلطت رائحة البارود مع دماء جثث القتلى المتحللة تحت الانقاض.
وشوهدت مئات المنازل والمباني السكنية وقد مسحت من على وجه الأرض وتحولت البيوت إلى ركام.
وقال سكان نزحوا من الحي إنهم لم يتعرفوا على شوارع فيه تغيرت ملامحها بسبب شدة القصف.وشبه آخرون منهم الوضع في مناطق سكناهم بأنها تعرضت إلى ما يشبه بزلزال ضرب الحي.إذ سقطت أعمدة الكهرباء أرضا، وأسلاك الهواتف تقطعت، فيما تفجرت خطوط المياه، وفي كل شارع كانت الحفر الواسعة تتصدر مشاهد الدمار.
وتركز الدمار خصوصا في القاطع الشرقي من حي الشجاعية الذي تحول إلى أكوام عالية من الركام بعد اختفاء مربعات سكنية بأكملها سوي بعضها بالأرض وطمر بعضها الأخر تحت الأرض.
واشتكت طواقم الإسعاف والدفاع المدني من قلة أعداد أفرادها وإمكانياتهم المتواضعة المحدودة أمام عظم الدمار والركام المنتشر في حي الشجاعية وفي ظل الوقت القصير المتاح لهم لانتشال القتلى والجرحى.
وتكررت هذه المشاهد في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا شمال قطاع غزة التي كان نازحون منها شهودا على دمار واسع لحق بمنازلهم وممتلكاتهم.
وتسببت الهجمات الإسرائيلية الكثيفة بنزوح أكثر من 160 ألف فلسطيني وفق إحصائيات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا".
وظلت المشاهد الأصعب تتعلق بانتشال جثث القتلى التي أصابها التحلل والتعفن بعد أيام من بقائها تحت الركام المدمر.
وغلب البكاء الشديد صحفيون في مجمع الشفاء الطبي لدى استقبالهم جثة زميلهم عبد الرحمن أبو هين الذي قضى منذ أربعة أيام في غارة إسرائيلية على منزل عائلته.
وقضى أبو هين الذي يعمل معدا للبرامج في فضائية "الكتاب" المحلية في غزة، مع جده وابن عمه بعد أن دمر منزلهم المكون من خمسة طوابق على رؤوسهم. وقتل صحفي ثان وأصيب ثالث بحالة موت سريري جراء الهجمات الإسرائيلي على نفس الحي.
وأعلن مسعفون أنهم انتشلوا جثث 85 قتيلا من مناطق الشجاعية والشعف والتفاح في شرق غزة، والمناطق الحدودية في شمال ووسط قطاع غزة اليوم.ورفع ذلك الحصيلة الإجمالية للقتلى في قطاع غزة إلى 985 منذ بدء الهجوم الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 20 يوما.
وساد الهدوء قطاع غزة مع توقف الغارات الإسرائيلية من جهة وإطلاق الفصائل الفلسطينية صواريخ باتجاه إسرائيل.وسارع سكان بالتوجه إلى البنوك والأسواق العامة التي شهدت حركة نشيطة نسبيا للتزود باحتياجاتهم.
ودعت وزارة الداخلية في غزة إلى ضرورة المحافظة على الهدوء والنظام خلال فترة التهدئة بعد أن نشرت عناصرها، محذرة في بيان لها المواطنين من عدم الاقتراب من الأجسام المشبوهة خشية تعرضهم للأخطار.
وقال شهود عيان إن اطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية المسلحة والجيش الاسرائيلي المتمركز على الحدود الشرقية لقطاع غزة استمرت حتى الثواني الأخيرة من بدء سريان التهدئة.
إلى ذلك منع الجيش الإسرائيلي سكان ومسعفين من الدخول إلى بلدة "خزاعة" شرقي خان يونس في جنوب قطاع غزة لانتشال الجثث من البلدة رغم سريان الهدنة المؤقتة.
وقال سكان نازحون إن القوات الإسرائيلية التي تعزل بلدتهم تهدد بإطلاق النار على من يتقدم باتجاهها.
وتواصل الدبابات والآليات الإسرائيلية محاصرة "خزاعة" وقطع الطريق الرابط بينها وبين باقي مناطق القطاع، وبالتالي منع الدخول أو الخروج منها.
وحاول البعض من سكان البلدة الدخول إليها لمحاولة مساعدة المصابين وانتشال جثث القتلى دون أن يتمكنوا من ذلك بعد ان تم منعهم من قبل القوات الإسرائيلية التي تتحصن وراء سواتر ترابية وتعتلي أسطح منازل.
وقال المسن خليل قديح إنه تلقى مناشدات من 45 فردا من أقاربه ونقلها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسيارات الإسعاف دون أن يتمكن أحد من الوصول إلى داخل البلدة.
وذكر قديح أن من بين أقاربه اثنين قتلوا و8 مصابين منذ يومين لكنهم ما زالوا محاصرين داخل منازلهم.
وانتشل نحو 40 قتيلا وأكثر من مئة جريح من بلدة خزاعة الحدودية والتي يقطنها نحو 10 ألاف نسمة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
ويخشى الفلسطينيون أن يكرر الجيش الإسرائيلي في أطراف خان يونس خاصة بلدة خزاعة ما فعله في حي الشجاعية.وفي بلدة بنى سهيلا المجاورة انشغل مئات من السكان بتشييع 21 فردا من عائلة "النجار" قضوا في غارة إسرائيلية استهدفت منزلهم المكون من ثلاثة طوابق.
ومن بين القتلى نحو تسعة أطفال وخمس سيدات.وكان المنزل يأوي أكثر من 40 شخصا نزح أغلبهم من بلدة خزاعة ليجدوا الموت يلاحقهم.
وقال عبد الرحمن /23 عاما/ أحد الناجين الذي أصيب بجروح متوسطة "كنا نعد لتناول وجبة السحور عندما تفاجأنا كأن ززلزالا أصاب المنزل ".
وأضاف " استعدت الوعي على سرير المستشفى، أخذت أسال عن أولادي الثلاثة أولا فأبلغوني أنهم استشهدوا، ثم تعبت كثيرا وأنا أسال عن الباقين فردا فردا والجواب نفسه: إنهم في الجنة الآن ".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً