العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ

الناس والحياة والرقاد الأخير

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لقد صُدِمتُ عندما سمعت الخبر الغريب في بريطانيا في ارتفاع أسعار الأرض في المقابر (للأفراد)، وبالرغم من وجود المساحات الشاسعة والخضراء وعلى مد البصر عندهم فهي ممنوعة عليهم! وعلى إثره قررت البلديات بالسماح للمواطنين بدفن موتاهم في حدائق بيوتهم. وبدأتُ أفكر من غرابة ذلك القرار! وكيف للإنسان أن يتخيل والديه وأحباءه مدفونين في بيته! وماذا إذا قرروا بيع البيت، وتأثير اكتظاظ الحديقة بالمتوفين في العائلة على انخفاض سعر البيت وبيعه بخسارة؟!

وماذا إذا ما قرروا التوسعة في المنزل وأين سيذهبون بعظام موتاهم؟! وكيف ستتحول المناطق بعد عدة سنوات من الساكنين من الأموات والأحياء معاً؟!

أسئلة كثيرة راودتني وهواجس حزن، وقارنتُ بين الإسلام والديانات الأخرى التي تحرق المتوفى وتحتفظ برماده! وقد تكون اقتصادية، ولكنها مؤلمة، ولا أتصور أن أرى عزيزاً يُحرَق حتى لو كان ميتاً وكيف أننا في الإسلام نكرر دفن العديد في نفس المقام ووضع العظام إلى جانب بعضها البعض مما لا يُشكل استهلاكاً كبيراً للأراضي وللمقابر!

المهم أن القرار مازال حديثاً وربما سيكتشفون غباءه اللاإنساني!

والحديث بالحديث يُذكر؛ أود التطرق إلى أمرٍ لا يكاد يُذكر ولطالما طالبني البعض بالكتابة عن سوء أوضاعه! وإذ كنت أؤجل ذلك لصعوبة مواجهته بالرغم من أنه من أهم سُنن الحياة وقوانينها الغائبة عنا، أو ربما لأنه يُذكرنا بمن فقدناهم من أحبائنا، وهو سوء المباني والمرافق التابعة للمقابر الجعفرية! والتي بُنيت في القرون الماضية ولم يتم تجديدها أو الإضافة إليها مع كل الثروة النفطية التي أتتنا، وطالها الإهمال (ولا تتوافر بها أدنى المواصفات مما يتوافر في مقابر الطائفة السُنية الكريمة) واللهم لا حَسد...! وإنه لشيء مُخجل أن من يدخل هذه المقابر للزيارة أو لمواساة الأصدقاء سيُصدم بالبناء العتيق والمُتخلف والذي لا يتناسب بتاتاً والعصر الذي نعيشه! وتحتاج إلى تكثيف الجهود لتحسين أوضاعها والعديد من الإضافات...

أمّا النواقص الأساسية فتكمن في عدم وجود المسجد أو الغرف المبردة للصلاة على الميت، وتقام الصلاة في ممر ومساحة صغيرة جداً ودون سقف للحماية من الشمس، وبالكاد تكفي المصلين لعائلة واحدة! أمّا النساء فيبقين في الشمس الحارقة ودون حتى كُرسيٍّ للاستناد عليه ودون مكيفات! ولا أعرف إن كان ذلك عقاباً للمتوفين أم أهاليهم!

أمّا مرافق تغسيل (المتوفى) فهي أيضاً من القرون الماضية، وأشهد عليها بنفسي، وينزل الماء من الحنفيات شحيحاً ويكاد يبكي من ضعفه وهزاله! ويشتكي (جزاهم الله خيراً الذين يغسلون الموتى) بأنهم يُعانون الأَمرّين في العمل تحت هذه الظروف الصعبة خاصةً في الأيام الحارة والتي يكثُرُ فيها عدد المتوفين ويزداد الازدحام!

ويُطالبون بزيادة رواتبهم وبعمل (مصاطب وغرف أكثر لغسل المتوفين)، هذا ويجب زيادة وتغيير الحنفيات المهترئة للوضوء ودورات المياه السيئة، وعمل مواقف للسيارات!

وإنني أتساءل: لماذا تُعامل هذه الأماكن بهذا الإهمال؟ ألا توجد كرامة أو احترام للميت ولأماكن دفن الإنسان؟! أليس من المفروض أن تكون بهذه الأماكن ولو أدنى درجات اللياقة والحضارة المدنية! وبما يتناسب مع المستوى المادي والمتقدم للبلاد! وأخيراً نرجو زراعة وتعديل أسوارها المتهدمة وتكبيرها، أسوةً بمقابر الطائفة الكريمة الثانية، ولا أرى التفرقة التي ستطالهم حتى في قبورهم؟!

وحتى لا نضطر إلى استيراد القرارات من الإنجليز والدفن في حدائقنا لا سمح الله...!

نرجو من أبنائنا المسئولين زيارة هذه المقابر وإلقاء نظرة سريعة عليها للتأكد مما أقول. وفي حال عدم وجود الميزانية لذلك هل يتقدم الصالحون وأثرياء الطائفة الجعفرية بعمل مشروع إصلاحي للمقابر أسوةً بتجديد المساجد للتبرع بأموالهم ووقتهم ولجمع التبرعات لإعادة بنائها وترميمها، (مثلما فعل العديد من رجال الأعمال من الطائفة السنية في تجديد مقابرهم)؟ وأنا على يقين بأن الكثيرين سيساهمون في العطاء لهذا العمل الإنساني النبيل وسأكون من أول المتبرعين، وعسى الله يجازيكم خيراً ويعطيكم طول العمر وأن لا يريكم مكروهاً في عزيز، ورحم الله أمواتنا جميعاً.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 6:04 م

      كلام منطقي

      فعلاً المقبرة بحاجة الى تنظيف وترميم

    • زائر 9 | 6:03 م

      مقبرة المنامة

      في مجموعة من الشباب يعملون دائماً على تجديد المسجد التابع للمقبرة بمجهودهم واموالهم في ميزان حسناتهم ان شاء الله

    • زائر 8 | 9:48 ص

      فعل الخير كنز

      الشرح وافٍ والموضوع هام جداً ارجو من المسؤلين واصحاب الضمائر الانتباه وكلنا راحلون ولايبقى سوى فعل الخير في هذه الحياة ودمت ياكاتبه ويا طبيبه

    • زائر 7 | 3:14 ص

      كلام منطقي

      الدنيا والناس والاخبار تاتينا من كل مكان ولاندري لما التفرقه في الدفن ولماذا لاتكون واحده للجميع السنا جميعاً مسلمون ؟؟! هو الحل الاوحد والاخير لعل الناس يتساوون بعد الموت وتنحل معها مشاكل الطائفيه وحينها حتماً ستكون المقابر احسن والمجهود مكثف على الجميع باركك الله وحماكِ

    • زائر 6 | 12:33 ص

      مقابرنا تعاني من الاكتظاظ

      ان الأوان لعمل مقبرة مركزية في البحرين مع كل المرافق والخدمات

    • زائر 5 | 12:29 ص

      مقابرنا تعاني من الاكتظاظ

      ان الأوان لعمل مقبرة مركزية في البحرين مع كل المرافق والخدمات

    • زائر 4 | 12:17 ص

      ما راعو الاحياء يفتكرون للاموات

      البحارنة بدون شي ميتين
      هو في بيته يتنفس وميت
      ومحد مفتكر فيه
      هالنوب في المقبرة
      الله كريم
      عليه العوض ومنه العوض

    • زائر 3 | 11:35 م

      مقبرة المنامه

      في السنوات الاخيره قامت عائله كريمه من اصول ايرانيه ببناء مغتسلين وبادوات صحيه ووضع مكيفلت للنساء واخر للرجال في مقبرة المنامه للشيعه ورحم الله امواتنا وامواتكم والمؤمنين الصالحين والحاجه المرحومه والفاتحه على ارواح المؤمنين

    • زائر 2 | 11:31 م

      دكتوره سهلة صباح الخير

      الاحياء ماحد ملتفت ليهم يلتفتون للاموات اخبرك سالفه واقعيه احد المتنفذين حرث مقبرة في احد القرى البحرينيه ( )ولما خاطبه احد الموجودين ياطويل العمر اهنا موجود قبر الوالد وبعض الاهل خاطبة بصلافة الوالد ذابت اعظامته نزرع ليكم طماط وبطيخ احسن وبقية التعلق عليك

    • زائر 1 | 10:41 م

      رحم الله والديش

      كلام عقلاني و طلب مشروع
      تميز بإبسط المعايير أم إهمال

اقرأ ايضاً