العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ

مستقبل سوق العمل وبوصلة الوظائف

جميل حميدان comments [at] alwasatnews.com

وزير العمل والتنمية الاجتماعية

شهد سوق العمل البحريني تحولات جذرية ومتسارعة خلال العقدين الماضيين، تغيرت من خلالها موازين القوى المؤثرة، وأصبحت أكثر اعتماداً على القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي. ولا شك أن هذا «التحول الاستراتيجي» كان له انعكاسات واضحة على سوق العمل، حيث أصبح هذا السوق أكثر ديناميكية وأصبحت الحاجة ملحَّة لتطوير عملية صناعة القرارات المتعلقة بسوق العمل بما يتماشى مع هذه المستجدات، وبما يضمن سد الفجوة التي بدأت تأخذ في الاتساع بين مخرجات هذه المنظومة من جهة، والاحتياجات الفعلية لسوق العمل التنافسي من جهة أخرى على رغم المحاولات التي بذلت لتضييق هذه الفجوة، وهو ما استدعى إيلاء مزيد من الاهتمام لرفع كفاءة برامج تخطيط القوى البشرية خلال المرحلة المقبلة، لضمان إمداد سوق العمل بالمهارات والتخصصات اللازمة له، ليس في الوقت الحالي فحسب، ولكن على امتداد فترات طويلة قادمة. إن ترك سوق العمل كما هي عليه الآن ليس خياراً، فلقد أصبحت الحاجة ماسة للتدخل وبناء مخرجات تواكب متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية عبر منهجية ومنظومة متكاملة تعتمد على دقة معلومات سوق العمل في ظل غياب قاعدة متكاملة تنتج مؤشرات وقراءة واضحة لسوق العمل.

والحقيقة أن حجر الأساس في أيّة محاولة لتخطيط القوى البشرية هو توافر نظام معلومات متكامل ومتطور عن سوق العمل، وأعني هنا «مشروع المرصد الوطني لسوق العمل» وهو المشروع الذي تعكف عليه حاليّاً وزارة العمل بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادية، والذي تمت الموافقة عليه من خلال اللجنة العليا لإصلاح التعليم والتدريب برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.

وقبل الولوج في تفاصيل المرصد وآلية عمله، لابد لنا من تعريف أو معرفة مفهوم «مرصد سوق العمل»، حيث تعرف منظمة العمل الدولية المرصد بالتالي:

«المعلومات المتوافرة عن حجم وتكوين سوق العمل والطريقة التي تعمل بها، والمشكلات التي يعاني منها العاملون فيها، وطموحاتهم، والاحتياجات المتعلقة بالتوظيف، والفرص المتاحة فيها».

ومن هذا التعريف نوضح أن هناك مفهومين لنظام مراصد سوق العمل يتعلق الأول بمعلومات سوق العمل بمفهومها الضيق، حيث يقتصر هذا النظام على المعلومات الخاصة بجانبي العرض والطلب على القوى العاملة، أما المفهوم الثاني فيتعلق بنظام معلومات الموارد البشرية بمعناها الأشمل، والذي لا يقتصر على جانبي العرض والطلب، بل يتعداها ليشمل جانبي التعليم والتدريب.

وفي البحرين تعتمد فكرة ونشاط المرصد الوطني لسوق العمل على تأسيس آلية عمل وطنية لجمع وتحليل بيانات ومعلومات سوق العمل المتوافرة، ومن ثم إعادة توفيرها لجميع المؤسسات لاستخدامها من دون أن يكون هناك تكرار أو ازدواجية في العمل بينه وبين الجهات المنتجة للبيانات والمعلومات، حيث إن المرصد ليس منتجاً للبيانات، ولكنه مستخدم لها، وتحديداً مستخدم ذكي. بمعنى آخر أنه يهتم بتوظيف البيانات المتاحة لدعم القرار في مجال تنمية الموارد البشرية، وحتى حينما يكون هناك نقص في بيانات معينة يكون دور المرصد الأساسي هو توجيه اهتمام الجهات المنتجة للبيانات نحو هذه الفجوات في البيانات، والعمل على تغطيتها أو المساهمة في تغطيتها.

وتتعدد الجهات المستفيدة من المرصد، مثل أصحاب الأعمال والقطاع الخاص، والباحثون عن عمل، وكذلك المؤسسات التعليمية والتدريبية، إضافة إلى متخذي القرار وصانعي السياسات، حيث روعي في إنشاء المرصد الاستفادة من التجارب الدولية في بناء آليات كفوءة في تقييم فوائد وملاءمة أنظمة معلومات سوق العمل وقدرتها على إنجاز تدفق شامل ودقيق للبيانات من المنتجين (موفري المعلومة) إلى المستخدمين.

وسوف تمثل الدراسات والتقارير والمؤشرات أحد المخرجات الرئيسية للمرصد، حيث ستركز هذه الدراسات في المقام الأول على رسم سياسات الموارد البشرية ومؤشرات سوق العمل، ومؤشرات التدريب المهني ومؤشرات التعليم العالي وفي السياق نفسه سوف يتم اختيار الموضوعات السابقة في ضوء رؤية البحرين 2030 للتنمية الاقتصادية، إضافة إلى الموضوعات المثارة في سوق العمل بما يخدم احتياجات متخذ القرار.

كما أن تنوع مجالات اهتمام الدراسات والتقارير التي سوف يقوم بها المرصد، ستؤدي إلى تنوع الفئات المستفيدة منها، فعلى سبيل المثال هناك بعض المخرجات التي تستهدف القدرات الفنية للجهات المنتجة للبيانات، كما هو الحال في الأرقام التحليلية للباحثين عن عمل، أو المخرجات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني المعنية بسوق العمل، كما هو الحال بالنسبة للدراسات الخاصة بدور النقابات المهنية في تنمية الموارد البشرية في البحرين، هذا إضافة إلى التقارير الرئيسية التي تعطي صورة واضحة وشفافة بشأن العرض والطلب في سوق العمل، وذلك من خلال مؤشرات الطلب على الأيدي العاملة والتخصصات الحالية والمستقبلية. والجدير بالتأكيد أن كل هذه المؤشرات والتقارير تتم عبر معالجة البيانات المتاحة، أو في بعض الأحيان الاستعانة ببعض المراكز البحثية أو بيوتات الخبرة المتخصصة في حال محدودية الموارد البشرية المتاحة في المرصد.

ولتوضيح أكثر بشأن نوعية المؤشرات المستخدمة، والتي تعبر عن التوازن بين العرض والطلب معاً، هناك مؤشرات التوظيف والبطالة مثل:

نسبة مشاركة القوى العاملة.

نسبة العاملين إلى السكان.

المستوى التعليمي للقوى العاملة.

توزيع القوى العاملة بحسب القطاعات.

نوعية العمالة (الدائمة، المؤقتة، النظامية وغير النظامية).

إنتاجية العمل وكلفة وحدة العمل.

وغيرها من المؤشرات والدراسات الخاصة بعملية العرض والطلب.

كما سيركز المرصد على بناء وتطوير مؤشرات التعليم والتدريب، والتي تعكس التغيرات التي تطرأ على أداء المنظومة بمختلف مكوناتها ومستوياتها (التعليم الأساسي والتعليم الأكاديمي والتدريب المهني)، والتي تنعكس بصورة مباشرة على الأوضاع في سوق العمل، حيث يساعد الارتقاء بهذه المنظومة على توفير خريجين مؤهلين بحسب متطلبات واحتياجات سوق العمل وبالتالي خفض معدلات البطالة، أو الإبقاء عليها في حدودها الآمنة.

إننا اليوم بإنشاء المرصد سننتقل إلى مرحلة جديدة ومتقدمة من التخطيط الاستراتيجي لتغيير تركيبة سوق العمل، وردم الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، بل وإيجاد حلول جذرية لمستقبل الأجيال القادمة بصورة ناجعة، وذلك من خلال العمل مع شركائنا في القطاعين العام والخاص لتحقيق هذا المشروع.

إقرأ أيضا لـ "جميل حميدان"

العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 6:40 ص

      توظيف وهمي

      السجلات الصغيرة تجبر على التوظيف الوهمي من أجل إستقدام العمالة الاجنبية التي لايتعدى رواتبها 100 دينار وتحت علم من الوزارة لرفع نسبة التوظيف وبالنسبة للحكومة لا التزام بذلك وانما التوظيف للاجنبي اولوية بالحرس والدفاع والشرطة

    • زائر 13 | 3:59 ص

      تكملة : الحديث عن المستقبل أمر مهم

      قد تكون حجة عدم توظيف الجامعيين في القطاع العام لمحدودية الشواغر، فلو سلمنا بصحة هذه الحجة و أردنا من الجامعيين تقبل العمل ضمن القطاع الخاص ضمن المؤسسات المتوسطة، يجب أن يكون هناك دعم حكومي سخي و امتيازات حكومية خاصة لهم حتى يقبلون على العمل ضمن هذه المؤسسات، اما ان تريد من الجامعي ان يقبل على العمل ضمن وظائف متدنية الأجور و في مؤسسات غير مستقرة بعد جهد سنوات طوال فهذا جنون . نطالب بتخصيص ميزانية سنوية خاصة لحاملي المؤهلات الجامعية و امتيازات حكومية ترضيهم و ترضي القطاع الخاص ..

    • زائر 12 | 3:53 ص

      الحديث عن المستقبل أمر مهم

      الحديث حول الخطط المستقبلية و العمل عليها أمر مطلوب و مهم و لكن ماذا عن الآن؟ هناك بحاثين عن عمل بالالاف و خريجون جامعيون يعملون ضمن وظائف متدنية الاجور يبحثون عن وظائف تناسب مؤهلاتهم و ذات رواتب مجزية ، دعم الوزارة للجامعين العاملين في القطاع الخاص أمر جميل جدا، و لكن ماذا بعد انتهاء فترة الدعم؟ لا زال القطاع الخاص يتحاشى توظيف الجامعيين لعدم رغبته تحمل أعباءه بعد انقضاء فترة الدعم، قد تكون حجة عدم توظيف الجامعيين في القطاع العام لمحدودية الشواغر ... للحديث تتمة

    • زائر 10 | 2:25 ص

      ألبا" تعرض وظائف في الهند، و"التقاعد المبكر" لموظفيها البحرينيين

      ويش رايك في الخبر اعلاه يا سعادة الوزير

    • زائر 8 | 2:05 ص

      لو تسكت بس!!!

      كل مانقول بننساك تنط لينا بسالفة

    • زائر 7 | 1:59 ص

      عاطله من 1912

      عاطله من قائمة 1912 والذين تم فصل الكثير منهم من الوزارت الحكوميه في مايو 2011 وتم تحويل ملف توضيفنا من تمكين الي وزارة العمل وللعلم لمن يقرأ اني عاطله من 2003 تخصص جغرافيا تطبيقيه وتاريخ وحتي توظيفي في وزارة الصحه في 2009 بعقد مؤقت سنتين ولم اكمل السنتين حتي فصلت بدون ادني مسئوليه وبعد ذلك حول ملف 1912 الي وزارة العمل التي لم تبادر بالدفاع عنا وارجعانا الي وظائفنا…

    • زائر 6 | 12:30 ص

      القطاع الخاص هو المحرك الأساسي لسوق العمل

      نحن في البحرين أصبحنا لا نعول كثيرا على الحصول على وظيفة حكومية كباقي أشقاءنا الخليجين وذلك لصعوبة الحصول على فرص للوظائف الحكومية وتدني الرواتب في القطاع الحكومي ولكن القطاع الخاص هو الحاضن الرئيسي والوجهة الاولى للباحثين عن العمل حتى ان في كثير من الحالات موظف قطاع خاص برتبة متوسطة يحصل على رأتب اعلى من وكيل وزارة

    • زائر 5 | 12:21 ص

      القطاع الخاص هو المحرك الأساسي لسوق العمل

      نحن في البحرين أصبحنا لا نعول كثيرا على الحصول على وظيفة حكومية كباقي أشقاءنا الخليجين وذلك لصعوبة الحصول على فرص للوظائف الحكومية وتدني الرواتب في القطاع الحكومي ولكن القطاع الخاص هو الحاضن الرئيسي والوجهة الاولى للباحثين عن العمل حتى ان في كثير من الحالات موظف قطاع خاص برتبة متوسطة يحصل على رأتب اعلى من وكيل وزارة

    • زائر 4 | 12:19 ص

      خالي يقول

      مبلم
      وانا ايده

    • زائر 3 | 12:19 ص

      فقط أتسائل. .هل تذكرون الله

      انت ياوزير. .هل تذكر أن الله سيحاسبك على الفتيل والقطمير. .وعلى حق العاطل و الفقير..وعلى عرق الأجير. ..أستغرب من طول قائمة الحساب لديك وقصر قائمة الاستيفاء. .. أذكر يوم تقف بين يديه جرأتك عليه..أذكر اناته و املاءه لك. وغفلتك وتضييعك لحقه. ..اتق الله. .قبل يأتي يوم يقتص منك حتى احط الخلق. .وانت في في طغيانك

    • زائر 2 | 11:30 م

      يكفي التضليل على الداخل الذي تنقضه العيون الواعية والإقتصاديون الأحرار ..

      ذكر تقرير لمكتب الشئون الاقتصادية والتجارية بوزارة الخارجية الأميركية عن المناخ الاستثماري في البحرين للعام 2014، الصادر في يونيو/ حزيران 2014 إلى أن معدل البطالة الذي صرحت به الحكومة هو 4.8%،إلا أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) يقدر معدل البطالة الحقيقي بين البحرينيين من 15% إلى 20% ..

    • زائر 1 | 10:31 م

      طيار عاطل

      طيار 11500 ساعة عاطل عن العمل هل يمكن المساعدة للحصول على عمل .

اقرأ ايضاً