العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ

فلسطين وحَّدت البحرينيين منذ 1924

حسن سعيد Hasan.saeed [at] alwasatnews.com

عاشت فلسطين تجربة الشتات منذ العام 1948 بعد أن تم تقسيمها إلى دولتين، ونعيش اليوم زمن الشتات العربي والإسلامي بعد أن تم تقسيمنا إلى مجموعات لا حصر لها.

تحوّل الشتات الفلسطيني إلى شتات عربي وإسلامي، وصارت خيام وملاجئ فلسطين في الشتات مظلتنا بعد أن كان الأمل في أن تستظل هي بنا. تهنا وضاعت أولوياتنا فجاءت فاجعة فلسطين لتكون الحاضنة لنا جميعاً ولتدلنا على الطريق من جديد. في البحرين، جمعت فلسطين أجدادنا رغم اختلافاتهم فهل تقدر على فعل ذلك اليوم؟

فلسطين قادرة على التأثير فينا وعلى لملمة أطرافنا. فالتضامن مع فلسطين لا يخدمها وحدها وإنّما يخدم المتضامنين معها أيضاً، فالقضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم. ليس فقط من باب الإنسانية والعروبة والإسلام، وإنّما من منطلقات السياسة أيضاً.

بقاء الاحتلال في فلسطين يستدعي منطقةً تتناسب مع ذلك، وفضاءاً يمكن أن يستمر فيه، فتبعات ما يجري في فلسطين تتعدى مساحتها الجغرافية. قضية فلسطين إذاً أكبر منها بكثير. القضية لها صلة بالتاريخ والدين والجغرافيا والثقافة وبالوضع السياسي الذي يتخطى فلسطين. لذلك، ليس مستغرباً أن يتأثر الجميع بما يجري هناك، ليس إنسانياً فقط وإنّما بلحاظ كل هذه الجوانب المعقدة والمرتبطة ببعضها البعض، والتي تكون فلسطين في قلبها.

على المستوى العربي كانت القضية الفلسطينية القضية الملهمة والصانعة للقيادات العربية ومعيار الاهتمام بقضايا الشعوب العربية، خصوصاً مع خوض العرب حربي 1967 و1973. ثم جاءت الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 لتعيد إحياء القضية الفلسطينية وتظلها بظلال إسلامية هذه المرة. صار مسار القضية الفلسطينية محدداً رئيساً لمسار العرب والمسلمين.

من تأثيرات فلسطين علينا أنها القضية الحاضنة لنا جميعاً. على مستوى المنطقة، لفلسطين القدرة على إعادة توجيه البوصلة وخصوصاً بعد أحداث سورية والعراق التي أشعلت حرائق طائفية في أكثر من مكان، وخلقت مساحات من الاختلاف الذي كان في غير صالح القضايا المركزية كالقضية الفلسطينية.

جمعت فلسطين حولها المختلفين مذهبياً وسياسياً، وأعادت ترتيب الأولويات المبعثرة. أما على مستوى الداخل البحريني، فأظهرت تعاطفاً مشتركاً ومساحة التقاء وسط حالة انقسام. لذلك فإن العلاقة التاريخية بين البحرين والقضية الفلسطينية والذي يبرز تعاطف شعبها بمختلف طوائفه معها، بحاجةٍ إلى إحياء جديد، خصوصا في ظل الوضع المضطرب الذي تعيشه البحرين اليوم.

ارتبطت البحرين بفلسطين منذ العام 1924. في تلك الفترة وجّه المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في فلسطين نداءً إلى العرب والمسلمين، يطلب مد يد العون لإجراء بعض الترميمات للحرم القدسي الشريف. فتح باب التبرع في البحرين التي باتت تفخر بأنها ساهمت في بناء أبنية الحرم الشريف في تلك الفترة. ساهم في هذه التبرعات البحرينيون الشيعة والسنة.

في العام 1939 كانت الخطوة الثانية التي تمثلت في إنشاء لجنة دعم أيتام فلسطين. ونظراً للقيود التي يفرضها الوجود البريطاني على الواقع المحلي آنذاك، كانت التبرعات الإنسانية المساحة المتوفرة. جمعت هذه اللجنة الطائفتين الكريمتين وترأسها الشيخ عيسى بن عبد الله آل خليفة. يصف خالد البسام في كتابه «كلنا فداك: البحرين والقضية الفلسطينية» هذه اللجنة بقوله: «شارك في اللجنة عدد من كبار أعضاء الأسرة الحاكمة، وكبار تجار وأعيان البحرين من الطائفتين السنية والشيعية، وأعطى اشتراك عدد من الشخصيات الشيعية بعداً وطنياً كبيراً لها. أي أنها أول لجنة أهلية في تاريخ البحرين الحديث تشكل بهذه القوة والتآلف والاتفاق ونبذ الطائفية».

بعد عامٍ من إنشاء هذه اللجنة الداعمة لفلسطين، قرّر مجلس المعارف العام 1940 الاستفادة من المدرسين الفلسطينيين وفتح المجال لهم للتدريس في مدارس البحرين. بعد نجاح تجربة مشابهة في الكويت، تواصل مجلس المعارف مع الجهات المسئولة في فلسطين وتم بالفعل الاستفادة من خدمات سبعة مدرسين خدموا في البحرين. كان ذلك العمل خدمةً للفلسطينيين الذين كانوا يعانون من البطالة في تلك الفترة.

في العام 1947 وبعد صدور قرار تقسيم فلسطين، كانت البحرين إحدى الدول التي أبدت تضامنها مع الفلسطينيين. في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه تم تشكيل لجنة أهلية عُرفت باسم «لجنة إعانة فلسطين»، مهمتها القيام بحملات الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد قامت هذه اللجنة لتعيد ما أحيته اللجنة السابقة الخاصة بإعانة الأيتام وخصوصاً بعد توقفها أثناء الحرب العالمية الثانية. وقد أعلنت اللجنة عن أسبوع تضامني مع فلسطين يتخلله مجموعة من الفعاليات، وكان ذلك في بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 1947. وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، دعت اللجنة للإضراب تضامناً مع الفلسطينيين، ورفضاً لتقسيم فلسطين. وفي ذلك اليوم تم إغلاق المحال التجارية والتظاهر بشكل كبير في المنامة والمحرق دعماً لفلسطين. وقد ضمّت هذه المظاهرات الشيعة والسنة أيضاً.

في 19 مايو/ أيار 1948 وصلت البحرين حاملة طائرات أميركية، وقد وجّه قبطانها في اليوم التالي دعوة حفل استقبال لمجموعةٍ من الأوروبيين والأميركيين وأعيان البحرين وتجارها. وقد رفض البحرينيون قبول الدعوة وكتبوا رسالةً للقبطان يرفضون فيها قبول دعوة من دولة اعترفت بقيام «إسرائيل».

لم يكتف البحرينيون بذلك بل ساهموا بالجهاد في فلسطين أيضاً، حيث استطاعت مجموعةٌ من البحرينيين من الطائفتين الكريمتين من الوصول إلى فلسطين والقتال فيها بين عامي 1947 - 1948. وكان من أوائل المتطوعين من قرية السنابس حسين بن أحمد بن خميس، إبراهيم بن طريف، مهدي أحمد وعباس علي خميس.

ما يجري في فلسطين اليوم أحيى الحاجة لحالة التضامن العربية والإسلامية، كما أبرز الحاجة لتذكر تاريخ التضامن والعلاقة الوثيقة التي جمعت شعب البحرين، بطائفتيه الكريمتين، بفلسطين. هذا التاريخ وحّد الشعب بسنته وشيعته بالأمس، وهو يوفّر مساحة التقاء في واقع اليوم أيضاً. ربما ساهمت أحداث البحرين الداخلية بالإضافة إلى أحداث سورية والعراق، في تصاعد خطاب طائفي لم تعتد عليه البحرين، ولكن فلسطين وما يجري فيها اليوم لها مساهمتها في المسار الآخر. رغم حاجتها لنا، يبدو أننا اليوم في أمس الحاجة لفلسطين أيضاً.

إقرأ أيضا لـ "حسن سعيد"

العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:07 ص

      فلسطين توحدنا فقط عندما يتركها

      فلسطين وحدت أجدادنا لانها قضية عربية و لكن عندما تدخل الفرس في الموضوع أشعلوا نار الطائفية فرقونا للأسف الشديد الله ابعد عنا الفرس الذين قسمونا الى سني و شيعي و وحد قلوبنا أجمعين ضدهم و ضد اسرائيل

    • زائر 1 | 12:24 ص

      اللهم انصر المسلمين

      اللهم انصر المسلمين في كل مكان وانصرهم على عدوهم

اقرأ ايضاً