العدد 4434 - الإثنين 27 أكتوبر 2014م الموافق 04 محرم 1436هـ

الإعلام حين يتفسخ ويفقد قيمته

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الملتقى الذي نظمته المفوضية السامية لحقوق الإنسان واليونيسكو في تونس قبل عشرة أيام، خُصّصت إحدى جلساته لمناقشة دور الإعلام في مناهضة خطاب الكراهية الذي يستشري في مجتمعاتنا العربية والاسلامية ويؤجّج النيران.

هذا الملتقى الذي حُدّد لمناقشة دور الإعلام والمجتمع المدني في محاصرة خطاب الكراهية، دُعيت لحضوره فقط أكبر فضائيتين عربيتين متصارعتين: «الجزيرة» و«العربية».

كل فضائية تعبّر عن جهة واحدة، ضمن المنظومة الخليجية، وتدافع عن مصالح مالكها وتروّج رؤيته السياسية وقراءته للأحداث، التي تختلف أحياناً إلى حدّ الصدام، كما حدث في تونس ومصر وليبيا... وأخيراً سورية.

من سوء حظ مندوب «الجزيرة» (وهو ناشط سوداني سابق) أنه خُصّصت له فقرةٌ لتقديم مشاركة على المنصة بين خمسة من الضيوف المتحدثين (من مصر والسودان ولبنان والبحرين والأردن). لقد طرح ما يعرفه من نظريات المهنة وكانت مداخلته مليئةً بالتنظير، فلم تثر اهتمام أحد، ولم تشجّعني حتى على كتابة ملخّصها. إلا أن المفاجأة كانت بعد الانتهاء من طروحات الضيوف، لتبدأ عاصفةٌ من الانتقادات الموجّهة إلى مندوب «الجزيرة». فقد تعرض لهجومٍ جماعي كاسح من عدة أطراف، حيث أجمعوا على ما لعبته قناته من دور سيء في تأجيج الصراعات الطائفية والقبلية عبر العالم العربي.

أحد الناشطين من المعارضة السورية، انتقد القناة، وساق مثلين على توجهها أيدلوجياً، الأول حين دعت قوى المعارضة السورية إلى «جمعة الدولة المدنية» في أحد أسابيع العام الأول للثورة، إلا أن الجزيرة لم تتبنّاها، وروّجت محلها «جمعة أحفاد خالد». والمثل الآخر حين خرجت مظاهرات في مدينة السَلَمية التي يسكنها علويون ضد النظام السوري، وقُتل فيها نساء وأطفال، إلا أن الجزيرة تجاهلت إيراد الخبر.

من ليبيا التي تحالفت بعض الدول العربية مع الفرنسيين والأميركان والأتراك لإسقاط نظامها السابق، فأسقطوها في الفوضى القبائلية العارمة، هاجم أحد أبنائها «الجزيرة»، بقوله إن القناة لا تنقل حقيقة ما يجري في ليبيا، وأضاف: «لقد أصبحت هذه القناة غير مرغوب فيها لدى كثير من الليبيين لأنها كانت أحد الأسباب فيما يعانون منه، خصوصاً في الفترة الأخيرة».

سمعنا انتقادات أخرى من مشارِك أردني، ومشارِكة لبنانية، إلا أن الهجوم الأخير والأكثر صرامةً، جاء من صحافي جزائري، حين قال: «من يحارب الكراهية هو الذي يتعرّض للكراهية اليوم». وانتقد القناة على مساهمتها في إشاعة خطاب الكراهية، معتبراً أن من الخطأ أصلاً إعطاؤها فرصةً لتلميع صورتها.

«الجزيرة» لعبت دوراً كبيراً في تحريك المياه الراكدة لسنوات سابقة، ولعبت دوراً أكبر في أحداث الربيع العربي، في عامه الأول، إلا أنها مع دخول العام الثاني وبداية الانشقاقات بين الحلفاء في الموضوع السوري تحديداً، فضلاً عن ليبيا ومصر، أصيبت بانتكاسةٍ كبرى. وصدرت بعض الدراسات التي تشير إلى انخفاضٍ كبيرٍ في شعبيتها ونسبة متابعيها.

أحد أسباب انحسار شعبيها بروز فضائيات أخرى منافسة، تبنّت خطاباً أكثر تحرريةً والتزاماً وانحيازاً لقضايا الشعوب والقومية والمقاومة. أما السبب الأهم فهو تورطها في تأييد جبهات متطرفة منغمسة بالدم، وانحيازها إلى مشروع واحد مغلق، حيث باتت ناطقةً باسم تنظيم الأخوان المسلمين.

كان هناك إجماعٌ واضحٌ من المشاركين على انتقاد «الجزيرة» ودورها المنحاز والسلبي في أحداث الربيع العربي. فالجمهور لا يعطيك صكاً على بياض، وإنّما ينتظر منك التزاماً بالمهنية والصدق، وعدم التمييز بين الشعوب الطامحة للعيش بحرية وكرامة ومساواة. وهو درسٌ لمن يروّجون خطاب الكراهية وتشطير الشعوب إلى قبائل وطوائف ومِلَلٍ ونِحَل، سواءً في الصحافة أو التلفزيون أو المنبر الديني، بأن هذا الخطاب لا يلقى إلا الاحتقار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4434 - الإثنين 27 أكتوبر 2014م الموافق 04 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 8:27 ص

      رائي بصراحه

      العالم والمبادين المرغوب فيهم لحد الان شكرا للكاتب العزيز وبالتوفيق

    • زائر 19 | 7:40 ص

      الاعلام الايراني

      الاعلام الايراني المثير للفتنه هو سبب اغلب مشاكلنا

    • زائر 22 زائر 19 | 1:13 م

      قصدك الاعلام الايراني هو الدي عرف العالم عن ماينتهكه ال

      قصدك الاعلام الايراني هو الدي عرف العالم عن ماينتهكه النظام في الشعب

    • زائر 17 | 6:28 ص

      الاعلام المحلي

      الاعلام المحلي سبب رئيسي ف انتشار الفتن الطائفية التي ترعى النعوت الطائفية البغيضة ضد طائفة دون طائفة فمرة تنعتها بالولاء الخارجي ومرة بالصفوية وأخرى باولاد.... فالاعلام هو أخطر سبيل الى تشطير الامة الى طوائف وملل وكيانات سياسية دينية ترعى مصالحها دون بقية أفراد المجتمع.

    • زائر 15 | 6:07 ص

      ادوات الصهييويانكي:عقولهم ما تفهم الا اللي يرضي ضمائرهم المريضة

      حين تفقد الجزيره والعربيه الآخلاق المهنية توقع كلشى

    • زائر 14 | 4:24 ص

      الاعلام والصحف البغيض

      دائما الاعلام والصحف المملوكة للحكومة لا تستطيع ان تتفوه باي كلمه قبل الموافقه عليها من قبل صاحبة الشئن. وهدا ما يحدث عند اعلامنا البغيض الدي يخون غالبية الشعب لمجرد طالبوا بحقوقهم المشروعه.

    • زائر 11 | 2:15 ص

      خطاب الكراهية هو

      خطاب الكراهية هو الخطاب الذي يجتر الماضي و يطالب بالثأر و سفك الدماء

    • زائر 8 | 1:08 ص

      ايقاد نار الحرب وأشد من القتل الفتن التي وصفها القرآن بذلك=اشدّ واكبر الجرائم

      الويل كل الويل لمن يقوم على هذا النوع من الاعلام الذي يبث الفتن والتي هي من اكبر وأشدّ الجرائم حيث وصفها الله في القرآن في آيتين منفصلتين = الفتنة اكبر من القتل ، الفتنة اشدّ من القتل . ولكن من سيعتبر وها هو الاعلام يتلاعب بشعبنا فيوم يصفه بالصفوي ويوم بالمجوسي والعميل وكل يوم لنا تسمية

    • زائر 7 | 12:57 ص

      للإنصاف قنوات المقاومة أيضا لم تكن مهنية (2)

      في حين لما كان يخرج عشرات الأشخاص في باربار أو كرباباد كان يجعلونها خبرا رئيسيا (( استمرار المظاهرات الليلية في البحرين )) . . هل مئات الآلآف من السوريين لا يستحقون حتى صورة بينما عشرات الأشخاص البحرينيين ( وهم على راسي ) يستحقون خبرا رئيسيا ؟ . . أين التزام المهنية من قبل قنواتنا ؟ هذا ما جعل الاخرين يتهموننا بالطائفية و العنصرية ومع الأسف هم محقون في عدم التزامنا المهنية الاعلامية ، لا ننتظر من العربية والجزيرة تغطية حراكنا السلمي إذا كنا نحن لا نغطي إلا الحراك الذي يعجبنا .

    • زائر 10 زائر 7 | 1:50 ص

      صحيح

      كلامك صحيح مئة بالمئة

    • زائر 16 زائر 7 | 6:27 ص

      محب الوطن. 1333

      مساء الخير أخي العزيز كلامك صحيح وأكثر هذا حالنا من يوءجج عواطفنا الطائفيه نحنوا وراه سو القنوات أو الأحزاب الطاءفيه حولنا

    • زائر 6 | 12:50 ص

      للانصاف قنوات المقاومة أيضا لم تكن مهنية (1)

      اقتباس (( وإنّما ينتظر منك التزاماً بالمهنية والصدق، وعدم التمييز بين الشعوب الطامحة للعيش بحرية وكرامة ومساواة )) . . . . . . هل كانت قنوات العالم والميادين و المنار تنقل مظاهرات السوريين ضد النظام ؟ لم لم تنقل مظاهرات مئات الآلآف قي ساحة العاصي بمدينة حماة وهم يقولون :( سوريا بدها حرية ) ؟ و لم لم تنقل مظاهرات مئات الآلآف الذين خرجوا في حمص وهم يقولون ( الله سورية حرية وبس ) ؟ ولم لم تنقل المظاهرات الضخمة اليومية من درعا جنوبا إلى ادلب شمالا ومن دير الزور غربا إلا اللاذقية وبانياس غربا ؟ . .

    • زائر 5 | 12:28 ص

      هو اعلام رسمي موجه للداخل والخارج

      قناة الجزيرة وقناة العربية رعاهما هما متصدري نشر الديمقراطية في العالم العربي ولك بما عملاه في سوريا والعراق وتونس وليبيا ومصر عندما كانتا متحالفتان عندما فك التحالف لختلاف رعاهما في مصر اختلافا في الرتوش لكنهما لم يختلفا بالأهداف فهما صنيعة امريكا حامية الأنظمة المتخلفة التي توجد لديها الحد الأدنى من الحرية والديمقراطية الا ما رحم ربي اما باقي الدول العربية ومن ضمنها البحرين لإعلامنا هدف وهو تنفيد مايطلب منه واليك بالشرخ الطائفي هنا من هو المتسبب فيه

    • زائر 3 | 10:46 م

      الجزيرة انحازت لصدام قاتل شعبه اثناء حكمه ولبن لادن

      لم تكن الجزيرة يوما محايدة وانما كانت مختلفة عن السائد في الشكل اما الجوهر فانها كبقية قنوات الانظمة

    • زائر 2 | 10:44 م

      إعلام دولتنا ماخله عنا

      مجوس صفويون خونةأبناء متعة روافض ناهيك عن سفك دمائنا وهدم مساجدنا والإستهزاء بعقائدنا.

    • زائر 4 زائر 2 | 12:21 ص

      اوهن

      ديلين اوهن من بيت العنكبوت استنجدوا بكل اوباش العالم عشان شعب اعزل طلع يعبر عن ظلمه الحاصل

    • زائر 20 زائر 2 | 7:41 ص

      أدى زائر رقم أربعة

      هل تقصد النظام السوري المجرم الذي استعان بكل اوباش الارض ؟

    • زائر 1 | 9:53 م

      عربيتين.

      اختيار الفضائيتين العربيتين وهما (الجزيره والعربيه ) ماعادوا من الفضائيات النزيهات وبشهادة الجماهير العربيه والاجنبيه. فكلاهما اصبح منحاز الى طرف معين. ومن الواجب الان اختيار القنوات الغير منحازه القنوات الحره . واعتقد ليس افضل من الفضائيتان المرموقتان الحرتان ( العالم والميادين فقط)

    • زائر 18 زائر 1 | 7:39 ص

      العالم و الميادين !!

      هذه هي القنوات المحايدة !! يا رجل هل انت متأكد ؟

اقرأ ايضاً