ما إنْ تستبشر الزوجة بحملها حتى تبحث عن كل ما يهيّئ الصحة المثالية لها ولجنينها، فتسأل، وتبحث عن أيٍّ من عوامل الخطورة التي قد تؤثر عليهما، خصوصاً مع انتشار الشائعات والمعتقدات المتوارثة التي لم يثبت العلم صحتها.

ومن أهم الأمور التي يتداولها الناس، وتؤرق العديد من النساء الحوامل هي تأثير الإشعاعات الصادرة عن استخدام الأجهزة الحديثة كالمايكرويف، والهاتف المحمول، خصوصاً أن هذه الأجهزة قد أصبحت من ضروريات الحياة العصرية.

وللوصول إلى الحقيقة، التقت «الوسط الطبي» استشاري التوليد وأمراض النساء وعلاج تأخر الحمل الدكتور عمرو الصياد، وجرى اللقاء الآتي:

* هل تؤثر الأشعة المنبعثة من الهواتف والكمبيوتر على خصوبة المرأة والرجل؟ ولماذا؟

- تستخدم معظم الأجهزة الحديثة موجات كهروماغناطيسية لتشغيلها من أجل الحصول على الوظيفة المطلوبة. فلا يكاد يخلو بيت أو أسرة من هاتف محمول أو جهاز كمبيوتر أو كمبيوتر محمول أو لوحي.

وعلى رغم اللغط الشديد حول مخاطر هذه الأجهزة على صحة الإنسان، خصوصاً ما يتعلق بالخصوبة والإنجاب، إلا أن الموجات أو الأشعة الكهرومغناطيسية ليست أشعة متأينة مثل أشعة إكس تخترق جسم الإنسان ، ويؤدي التعرض لجرعات عالية منها إلى أورام وتشوهات، أما الموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في الاتصالات والكمبيوتر فإنها لا تخترق الجسم البشري إطلاقاً أو تخترق بنسب منخفضة جداً لا تشكل أدنى خطر، حيث إنها في الواقع تحيط بنا في كل مكان.

أما تأثير تلك الأجهزة على الخصوبة، فهو نظرياً مقبول في حال الكمبيوتر المحمول، حيث ينتج كميات كبيرة من الحرارة أثناء تشغيله والتي قد تؤثر على خصوبة الرجل إذا ما حمله قريباً من الخصيتين لمدة طويلة، إذ يفترض أن تكون درجة حرارتهما أقل من حرارة باقي الجسم لتقومان بعملهما بكفاءة.

* هل أجهزة المايكروويف ضارة بالجنين؟ 

- أصبحت أمواج المايكروويف (الأمواج الصغرى - Microwave) جزءاً من حياتنا قبل أن نحظى بالفرصة لتقييم أخطارها علينا. فقد وفرت علينا المسافات والوقت، كما أصبح فرن المايكروويف جزءاً من المنزل العصري ويكاد لا يخلو منزل منه.

فالمايكروويف أو الأمواج الصغرى هي أحد أطياف الإشعاع الكهرومغناطيسي، وتتألّف الموجة الكهرومغناطيسية من حقل كهربائي وآخر مغناطيسي يكونان متعامدين، ويولّد أحدهما الآخر، وتنتقل الموجة عبر الفضاء وعبر المادة بسرعة كبيرة.

أشعة المايكروويف ذات طول موجي طويل يقاس بالسنتيمتر في المدى من 0.3 إلى 30 سنتيمتراً، ولهذه الأشعة استخدامات عديدة منها في طهو الطعام، وهو مايعرف بفرن المايكروويف (Microwave oven).

واستخدامها في الطهو هو جزء بسيط من تطبيقاتها العملية العديدة، ويعتبر الطهو بواسطة أشعة الميكروويف من تكنولوجيا القرن العشرين، لما توفره من سرعة في تحضير الطعام أو تسخينه وكفاءته العالية في توفير الطاقة المستخدمة في الأفران التقليدية التي تعمل بالكهرباء أو الغاز؛ حيث إنها تعمل على تسخين المواد الغذائية فقط من دون غيرها.

ويقوم فرن المايكروويف بطهو الطعام من الداخل إلى الخارج بعكس الأفران العادية التي تقوم بالطهو من الخارج إلى الداخل؛ حيث تنتقل حرارة الفرن منه إلى الوعاء وتنتقل الحرارة من الوعاء إلى المواد الملاصقة له بالتوصيل، بينما لايزال وسط الطعام بارداً. في حال الطهو باستخدام أشعة المايكروويف فإن أمواج الراديو تمتص بواسطة جزيئات الماء والدهون المكونة للطعام، وبالتالي ترتفع درجة حرارة كل جزيئات الطعام في الوقت نفسه وبالدرجة نفسها؛ لأن كل الجزيئات تثار بمثل الدرجة ولا حاجة لنقل الحرارة بالتوصيل. ومن هنا نعرف الفرق بين الطريقة التقليدية للطهو وطريقة فرن المايكروويف، وهي أن الأول يعمل على نقل الحرارة بالتوصيل، بينما المايكروويف يسخن من خلال إثارة جزيئات الماء المكون للطعام.

ومن هنا نستنتج من توضيح فكرة عمل فرن المايكروويف أنْ لا خطر من استخدامه؛ حيث إن الأشعة المستخدمة هي أشعة الراديو التي تحيطنا، والأشعة المنبعثة من الفرن لا تخرج إلى خارجه، كما أن نظام الحماية يوقف هذه الأشعة بمجرد فتح باب الفرن.

وتم تصنيع هذه الأفران بحيث لا يتعرّض المستخدم لإشعاعها، وعند حدوث تسريب من الفرن لمشكلة تقنية أو عطل فيه فإن تعرض الجنين لها يكون ضئيلاً، ولم تذكر تأثيرات سيئة على الجنين بعد تعرض الأم الحامل لمثل هذه الحوادث، والمعلومات المتوفرة هي من دراسات أجريت على حيوانات التجربة وكمية الطاقة المستخدمة فيها تفوق كثيراً ما قد يتعرض له الإنسان.

ويفضل صيانة الميكروويف بشكل دوري، وإذا حدث به أي تلف يفضل تصليحه أو استبداله للتأكد من عدم تسرب الموجات من خلاله، ومع ذلك ننصح عند استخدام الميكروويف عدم الوقوف أمامه مباشرةً، وكما ذكرت فإن موجات المايكروويف تصل في حدها الأقصى إلى 30 سنتيمتراً طولاً؛ لذا فإن الابتعاد 60 سنتيمتراً أكثر من كافٍ للأخذ بالاحتياط اللازم.