العدد 4436 - الأربعاء 29 أكتوبر 2014م الموافق 05 محرم 1436هـ

إرهاب الوباء تكافحه الجيوش

اجتاحت العالم في السنوات العشر الأخيرة العديد من الأوبئة التي هددت الحياة الصحية للإنسان في مناطق، وأثارت القلق والهلع في مناطق أخرى، ومن هذه الأوبئة السارس، وأنفلونزا الخنازير والطيور، وليس آخرها الـ «إيبولا».

وتشير إحصاءات الأوبئة إلى حقيقةٍ هي أنْ ليس كل وباء قاتل، خصوصاً إذا تمت محاصرته وتقديم الرعاية الصحية للمصابين بتلك الأمراض. ويبقى الجزء الآخر من الحقيقة وهو أن انتشار الوباء مقلق أيضاً، وإن لم يكن قاتلاً.

انتشار الأوبئة ليس بالجديد في حياة البشر، إلا أن ما يضاعف خطرها في عصرنا الراهن سرعة وسهولة انتقال الناس من أدنى الشرق إلى أقصى الغرب خلال ساعات وبأعداد كبيرة.

كما أن الحروب التي كثرت خلال العقود الثلاثة الماضية والمتركزة في القارة السمراء، ومنطقة الشرق الأوسط تشكل بيئة خصبة لنشوء الأوبئة وسريانها. وللكوارث الطبيعية أيضاً دور في تكوّن الأمراض الوبائية.

وعلى رغم الخطر الكبير الذي تتهدد به الأوبئة صحة الإنسان إلا أن التقدم العلمي في مجال الصحة والأمن الصحي في العديد من بلدان العالم استطاع أن يحد من مخاطرها.

«الوسط الطبي» رصدت في التقرير التالي حركة الوباء وطرق مكافحته.

الانتشار أبرز سماته

يتفق المختصون في مجال الصحة أن أبرز الصفات التي تطلق على الوباء هي انتشاره الواسع بين الناس. وهذا ما يؤكد عليه التعريف التالي للوباء من موقع الطبي: «هو انتشار مفاجئ وسريع لمرض في رقعة جغرافية ما فوق معدلاته المعتادة في المنطقة المعنية. وينتج الوباء عن سبب محدد ليس موجوداً في المجتمع المصاب، وذلك في مقابل المتوطن، حيث يكون السبب المحدد موجوداً في المجتمع».

وهناك مصطلح آخر لتسمية الانتشار الأوسع للوباء، وهو الجائحة وهي انتشار الوباء بين البشر في مساحة كبيرة مثل قارة مثلاً، أو قد تتعدها للقارات الأخرى. وهو ما يواجهه العالم مع سهولة انتقال البشر.

منظمة الصحة العالمية (WTO) تقسم الجائحة إلى 6 مراحل؛ هي:

- المرحلة الأولى: فيروس يصيب الحيوان، لكنه لا يسبب عدوى للبشر.

- المرحلة الثانية: فيروس يصيب الحيوان أدى إلى عدوى بشرية.

- المرحلة الثالثة: أدى الفيروس إلى إصابة حالات متفرقة أو إلى إصابة جماعات صغيرة بالمرض، ولكن مازال غير كافٍ لحدوث وباء في المجتمع المحلي.

- المرحلة الرابعة: خطر حدوث وباء بات قريباً، إلا أنه غير مؤكد، أصبح المرض كافياً لحدوث وباء في مجتمع محلي.

- المرحلة الخامسة: العدوى باتت منقولة من شخص إلى آخر، وقد سببت في حدوث إصابات في بلدين مختلفين موجودين في إقليم واحد بحسب توزيع الأقاليم المعتمد من منظمة الصحة العالمية.

- المرحلة السادسة: الوباء بات عالمياً وسجلت إصابات في إقليمين مختلفين اثنين على الأقل حسب توزيع الأقاليم المعتمد من منظمة الصحة العالمية.

البئية الحاضنة

تعد الحروب والكوراث الطبيعية من البيئات الخصبة جداً لانتشار الأمراض وتحولها إلى أوبئة. كما أن ضعف منظومة الرعاية الصحية أو انعدامها يسهم كبيراً في الانتشار السريع والمؤثر للأمراض.

ومن خلال تتبع الأوبئة - بالاستناد إلى لجدول الموجود في موقع ويكيبيديا تحت عنوان قائمة الأوبئة - التي انتشرت خلال العقد الماضي نجد أن عدداً منها ضرب نحو 19 دولة في آسيا، و17 دولة أفريقية، و4 دول في أميركا الجنوبية، وحالة واحدة في أستراليا. وخلت قارتا أوروبا، وأميركا الشمالية من الأوبئة.

وتشارك العالم في وبائي النكاف، وأنفلونزا الخنازير في العام 2009، وخلّف الأخير نحو 14.2 ألف حالة وفاة.

وعبر التحليل الإحصائي للجدول المذكور نجد أن دول آسيا عانت من وباء حمى الضنك 6 مرات، وتأذت من الكوليرا خمس مرات. وتضررت القارة السمراء من الكوليرا سبع مرات، وهاجمتها الإيبولا 3 مرات قبل العام 2014.

ولعلّ انتشار الأوبئة في بلدان بعينها في قارتي آسيا وأفريقيا كالهند وباكستان، والفلبين، والسودان، ومالي، وأوغندا وغيرها قد يكون ناتجاً عن ضعف البنية الصحية من الأساس، إضافة للحروب والصراعات، والكوراث الطبيعية التي تعصف بتلك البلدان كالفيضانات والزلازل، والجفاف.

أما وباء الكوليرا الذي اجتاح هاييتي في أميركا الجنوبية وأودى بحياة أكثر من 6 آلاف إنسان، فكان بعد الزلزال الذي ضرب عاصمتها بورتو برنس وبلغت قوته 7.0 درجات على مقياس ريختر.

عاصفة الإيبولا تشدد

انتشر مرض إيبولا بشكل سريع في دول أفريقيا وفتك بأكثر من 4 آلاف شخص حتى اللحظة في غرب أفريقيا من بين أكثر من 8 آلاف حالة إصابة سجلت في خمس دول (سيراليون، غينيا، ليبيريا، نيجيريا والسنغال)، وفق آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية في 28 سبتمبر الماضي. وعدد المصابين مرشح للارتفاع بحسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) في أتلانتا، الذي يتوقع أن يكون أسوأ انتشار فيروس إيبولا في التاريخ، وأن يصل عدد المصابين به إلى 500 ألف شخص في غرب أفريقيا بحلول يناير/ كانون الثاني المقبل.

ويستند المركز في توقعاته إلى أن انتقال حركة المرض من الأرياف إلى المدن والتي لا يوجد فيها المزيد من المساعدات أو التدخل تصل إلى المنطقة المحاصرة فيروسياً حالياً.

وعلق مسؤول في المركز على أن هذه التوقعات قابلة للتعديل بزيادة عدد المصابين أو انخفاضه وفقاً للمعطيات والبيانات المتاحة.

وأصبح الانتشار السريع والفتاك يهدد الأمن العالمي بشكل مباشر، بحسب رئيس الولايات المتحدة الأميركية بارك أوباما، الذي تعهد بتخصيص مساعدات مالية لمكافحة المرض وأرسل بعثة من 3 آلاف جندي. وكذلك أرسلت بريطانيا 3 آلاف جندي لسيراليون لمكافحة الإيبولا.

وقد تخطى الفيروس الخطير المحيط الأطلسي ووصل إلى الولايات المتحدة التي أعلنت عن أول إصابة بالإيبولا على أراضيها في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وتصنف الولايات المتحدة الإيبولا كسلاح إرهاب حيوي.

وقال عضو مجلس الشيوخ الأميركي كريس كونز: «هذا التدخل الإنساني ينبغي أن يكون بمثابة جدار حماية ضد الأزمة الأمنية العالمية التي لديها القدرة على الوصول إلى الأراضي الأميركية».

مليار دولار لإيقاف «فيروس»

قدّرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق الموازنة التي يمكنها إيقاف ومواجهة الفيروس بمليار دولار أميركي تصرف على الأدوية والمعدات الطبية، ومعدات الدفن. اضافة إلى مصاريف الفرق العاملة.

وقالت المنظمة إن هناك حاجة لفرق أجنبية طبية تضم 600 خبير، وما لا يقل عن 10 آلاف من العاملين الصحيين المحليين؛ لوقف تفشي المرض في دول العالم.

هذا عن محاولات علاج المرض. أما عن الوقاية فقد أصدرت المنظمة العديد من المنشورات للوقاية والتي تنص على ضرورة الحفاظ على النظافة الشخصية، وخصوصاً في البلدان التي ينتشر فيها المرض وغسل اليدين بالمطهرات الطبية، والابتعاد عن المصابين، وطلب المساعدة الطبية من المختصين، إضافة إلى عزل المصابين.

أما في البلدان غير المصابة، فقد شددت المنظمة على أهمية رصد القادمين صحياً من المنافذ الحدودية للتأكد من خلوهم من المرض، والإبلاغ عن أي حالة مرضية يشتبه فيها.

يبقى أن نعرف أن قوة الإيبولا ناتجة عن غياب الدواء الذي يفتك به. فلحد الآن لا يوجد عقار طبي محدد لعلاج هذا المرض. ومن المتوقع أن يسفر الجهد العالمي المتضافر الذي تقوده منظمة الصحة العالمية، عن إيقاف المرض وعلاج المصابين في القارة السمراء.

العدد 4436 - الأربعاء 29 أكتوبر 2014م الموافق 05 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً