العدد 4457 - الأربعاء 19 نوفمبر 2014م الموافق 26 محرم 1436هـ

الإرهاب في العالم العربي والإسلامي... المخططون والأهداف الخفية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

منذ أكثر من ثلاثة أعوام زاد القتل والذبح للنفس الإنسانية في بعض الدول العربية والإسلامية بعناوين إسلامية، من أجل أن يقتل الإسلام في عقر داره بأيد محسوبة عليه بالانتماء، والعالم الإنساني يعلم أن الإسلام الحنيف دائماً ما يحث أتباعه بتعاليمه الراقية على احترام كرامة وعزة الإنسان، ويحرم عليهم خدش مشاعر أي إنسان ناهيك عن سفك دمه وانتهاك حقوقه، ويدعوهم في السلم والحرب إلى الحفاظ على حرمة الإنسان وينهاهم عن المساس بمقدسات ومعابد وصوامع غير المسلمين. وقد اعتبر الله تعالى الاعتداء على النفس الإنسانية اعتداء على الناس جميعاً.

لقد ابتلي العالم العربي والإسلامي مؤخراً بالمشروع الإرهابي الكبير الذي بإباحته قتل النفس المحترمة وحرق الحرث والنسل وتدمير الحضارة والعمران، قد خالف شرع الله وسماحة الإسلام ونهج السلف الصالح. وقد مارس القتل والتنكيل وسلب الأموال وتدمير الآثار الحضارية وهدم المعابد والمساجد وتخريب الممتلكات. ولم يكتف بذلك بل قام بسبي النساء وبيع الأطفال في الأسواق، ونشر الرعب والخوف والإرهاب بصورة غير مسبوقة في التاريخ الإسلامي الحديث. وأدى المشروع الرهيب إلى سقوط مئات الألوف من الضحايا الأبرياء وخسائر فادحة في المباني والممتلكات والآثار التي تتمتع بمكانة خاصة في عالمنا الإنساني. ولا يمكن لأحد أن يقول أن كل ما يحدث ضد الإنسانية لم يكن مخططاً له من دوائر عالمية لها باع طويل في جمع المعلومات ونقل المعدات وخداع الشباب والتغرير بهم وتدريبهم على حرب العصابات وتوفير السلاح والعتاد لهم بكل أنواعه وتسهيل مرورهم عبر الحدود الدولية، وضمن غطاء مالي وإعلامي واسع. وليس هناك من هدف واضح وراء هذا المشروع الخطير غير تشويه الدين الإسلامي عالمياً، وتدمير دولنا وإشغالها في حروب داخلية طاحنة، يذبح بعضهم بعضاً، ويهلك فيها الإنسان نفسه وهو يهلل ويكبر، معتقداً أن قتله لنفسه ولغيره هو الطريق الذي سيوصله إلى الجنة. وهكذا جعلوه يسرف في القتل والذبح والتنكيل، بمبررات واهية، ولم يخطر ببال الكثيرين منهم أن ما يمارسونه ضد الإنسانية إنما يغضب الله تعالى، ويحقق أهداف أعداء الإسلام والإنسانية.

لكن عدم علم الشخص (الارهابي) هل يعفيه من المسئولية عن الإساءة للإسلام؟ وهل يعفي علماء الأمة من قول كلمة الحق وعدم العمل على إنقاذ الشباب من الوقوع في شراك هذا المشروع الخطير وقتل الأبرياء دون حق؟ فلم يعد خافياً على أحد دور الكيان الصهيوني في إشعال الفتن الطائفية والمذهبية في مجتمعاتنا، بشتى الطرق والوسائل الإعلامية، فهي الجهة الوحيدة في العالم المستفيدة من كل ما يحدث في العالمين العربي والإسلامي، من قتل وذبح وتشريد وكراهية وطائفية وعنصرية.

إن مشاهدتنا للضحايا والمشردين والنازحين عن مناطقهم التي ترعرعوا فيها، يدمي القلب، والكل يعلم أن هذا المشروع الدموي ليس وليد اللحظة، وإنما هو حصيلة جهود امتدت سنوات طويلة، وقبل أكثر من ثلاث سنوات عرضت إحدى الفضائيات العربية الخاصة تقريراً عن معسكرات في الكيان الصهيوني يدرّب فيها مئات العناصر العربية على حرب العصابات والاغتيالات ونشر الإرهاب في المجتمعات العربية التي يعتقد أنها تشكل خطورة على الكيان الغاصب في المستقبل المنظور. لقد أوجد المشروع رجال دين وخطاباً دينياً بغيضاً، لينخروا بفكرهم وثقافتهم غير السوية في جسد الأمة لإشاعة الفرقة الطائفية والمذهبية بين المسلمين، وعملوا على توظيف الاختلافات التاريخية لإشاعة الكراهية والتكفير الذي يقود إلى الاقتتال بين أبناء الأمة الواحدة، وموّلت لذلك قنوات فضائية مذهبية ناطقة بالعربية لتبث سمومها القاتلة وتوجد ثقافة في أذهان الشباب لا تتناغم مع الإسلام، لتوسيع هوة الإختلافات المصطنعة بين المذاهب الإسلامية، بعنوان إظهار الحقيقة التاريخية، وجعلت عناصر محسوبة على التدين ظاهرياً، لتقوم بتوجيه الشباب لمشاهدة تلك القنوات المريبة، لشحنهم بالحقد والكراهية المذهبية ضد بعضهم البعض، وإبعادهم عن المراكز والهيئات والدوائر الإسلامية والثقافية السلمية، مستغلين في ذلك حداثة سنهم ومحدودية خبراتهم وبساطة تفكيرهم وتدني ثقافاتهم وشدة عواطفهم الدينية وقلة وعيهم بأحابيلهم وألاعيبهم التي يحيكونها ضدهم في الغرف المغلقة. فلهذا نجد ممن يدعون الشباب في تلك الفضائيات إلى البغضاء والكراهية ومقاتلة أبناء جلدتهم، لم يذهبوا هم ولم يرسلوا أولادهم للمشاركة في هذا المشروع الدموي الرهيب، لعلمهم بخفايا الأمور، ولتقيّدهم بوظيفتهم حرفياً، التي تنحصر في دفع أكبر عدد من الشباب المسلم إلى نفق مظلم لا يعلم حقيقته إلا هم والذين خططوا لهذا المشروع الخطير.

ما يحدث للشباب لا يسعد أحداً من الناس، فالشباب الذين يدفع بهم إلى ساحات القتال في العراق وسورية خصوصاً، وقتل الأبرياء في الإحساء ونيجيريا في ذكرى عاشوراء، وممارسة أبشع القتل والتنكيل ضد أبناء أمتهم في مناطق عديدة، وترسل إليهم طائرات التحالف بقيادة أميركية لتحصد العشرات منهم بقنابلها وصواريخها المدمرة، كل ذلك مما نراه اليوم يحزن كل من له قلب إنساني سليم.

حفظ الله شبابنا من سوء الأفكار والثقافات السلبية التي تدعوهم لتشويه دينهم، وقتل أخوتهم ليدخلوا السرور والبهجة في نفوس الصهاينة الحاقدين.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4457 - الأربعاء 19 نوفمبر 2014م الموافق 26 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:40 ص

      الارهاب صناعة محلية بإستغلال خارجي

      الارهاب نتيجة لثقافتنا و لكن الآخرون استفادوا منه ، النص الديني فيه نسبة كبيرة جداً تختص بالقتل و القتال ، و في اقل التقدير لدينا مسألة الولاء و البراء و اللعن و السب و كلها مصانع للكراهية من جهة و الغلو من جهة أخرى.

اقرأ ايضاً