العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ

خطاب إلى رسول الله (ص) في يوم مولده الشريف

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

سيدي ومولاي يا رسول الله (ص)، يا من أرسلك الله رحمةً للعالمين وبعثك هادياً ومبشراً ونذيراً، ومنقذاً ومصلحاً ودليلاً للبشرية جمعاء... في يوم مولدك الميمون يا سيدي زيّن الله الدنيا بنورك الرباني، واستبشرت البشرية في مشارق الأرض ومغاربها برأفتك وقداستك الإنسانية.

جُعلت فداك يا سيد الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين، ويا حقيقة الحياة التي لم يعادلها ولا يوازيها حياة في الأولين والآخرين. يا من أجهد نفسه في تعليم أمته أدب الخطاب مع الخالق والمخلوق، وأخلاقيات الاختلاف وفنونه الراقية، وقلت لها أن الاختلاف رحمة، وأن من كفّر مسلماً فقد كفر، وأن لا نعتدي بالقول أو الفعل على أحد. وعلمتها أن تكون إيجابيةً في تعاملاتها الإنسانية، وبيّنت لها حقيقة المودة والحب، وحقيقة الصلاح والإصلاح، ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاسن العدل والمساواة والإنصاف بين الناس، ومساوئ الظلم والعدوان على حقوق الآخرين، وانعكاسات الحق وإيجابياته، وتداعيات الباطل وسلبياته. وأوضحت لها أن العلماء الربانيين هم ورثة الأنبياء، وأمرتها أن تعتصم بحبل الله ولا تتفرق، وأن تنبذ ثقافة الحقد والكراهية والعنصرية والعصبية، وطلبت منها صيانة الأعراض والحقوق، وأن تكون مع المستضعفين والضعفاء، وأن تقول الحق في كل الأحوال والظروف، وأن لا تأخذها في الله لومة لائم، وأن تخاطب الناس بالتي هي أحسن، وأن تكون مع الصادقين والمخلصين والأوفياء، وأن تكون واعية ومدركة لكل ما يدور من حولها، وأن تكون نافذة البصيرة صلبة الإيمان، وأن تعقل أمورها ثم تتوكل على الله، وأن تدافع عن حقوقها المشروعة دون تراجع أو تخاذل، وأن لا تخالف أقوالها أفعالها، وأن لا تسعى لتحقيق مصالحها الدنيوية على حساب مصالح دينها.

وحذّرتها من خطورة التمييز بكل أنواعه ومسمياته الممقوتة عند الله، ونهيتها عن تجاهل أفعال الباطل لأنه جرم عظيم، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وأن الكذب والافتراء والتدليس والبهتان على العباد يفسد البلدان ويدمّر المجتمعات. وقلت لها إن العزة والكرامة مطلب إلهي قبل أن يكون مطلباً إنسانياً، وأن الشهامة والمروءة الإنسانية من شيم الصالحين الأتقياء. ونصحتها بأن تُفشي السلام بينها، وأن تصل الأرحام ولا تقطعها لأي سبب من الأسباب الواهية، وأن تكون لأعمارها في الدنيا قيمة إنسانية كبرى. وحذّرتها من الأشرار، وأن تتجاوز عن عثرات الأخوان والأخلاء، وأن تدرأ عن نفسها كل الشبهات ما ظهر منها وما بطن، وأن تكف لسانها عن السب والشتم للآخرين ومقدساتهم، وبلغتها باليوم الذي يكون فيه المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

يا سيدي يا رسول الله... قدر لنا أن نعيش في زمان التناقضات الذي تحدثت عنه قبل أكثر 1436 عاماً، الذي أصبح فيه القابض على دينه بكل تعاليمه الأخلاقية والإنسانية كالقابض على الجمر؛ وأصبحت الاجتهادات والآراء في مقابل النص تزداد وتكثر في أوساطنا ومجتمعاتنا الإسلامية؛ وأصبح قتل النفس المحترمة وسفك الدماء المحرمة والتمثيل بالأجساد وسبي النساء والاعتداء عليهن أخلاقياً. وأصبح تدمير التراث الإسلامي والإنساني من السنن المحمودة في زماننا، وما يحزن المخلصين في أمتك الإسلامية أن كل تلك الممارسات المخالفة لأبسط المبادئ الإسلامية يا سيدي يا رسول الله تنفذ بنداء «الله أكبر»، وباسم الإسلام، الذي دعا إلى الأمن والسلام والوئام بين بني البشر.

يا مولاي... في يوم مولدك المبارك نرفع أيدينا وندعو الله جلت عظمته، أن يرفع عن أمتك المنكوبة الآلام والبلاء، وأن يبعث فيها الآمال، لكي تتوجّه جميعها نحو قضيتها المركزية ألا وهي تحرير القدس من أيدي الصهاينة الأوباش، ويثبت أقدامها على الأراضي الفلسطينية المحتلة ويحقق كل طموحاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الخيّرة؛ وأن يجمع كلمتها تحت راية واحدة، ويجعل كلمة الله هي العليا وكلمة أعداء الله السفلى، ويرفع الخلافات المصطنعة من أوساطها، ويؤلف بين قلوب أبنائها عاجلاً.

في هذا اليوم المبارك نقف يا سيدي ببابك الشريف، لنؤدي واجب السلام عليك، ولنخاطبك بكل أدب واحترام بهذه الكلمات القلبية: السلام عليك يا حبيب الله يا رسول الله يوم وُلدت ويوم رُفعت روحك الطاهرة إلى بارئها ويوم تبعث حياً. ونسأل الله أن يغير حال الأمة الإسلامية إلى حال أحسن، ويعطيها القدرة على تحسين أوضاعها السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية. آمين رب العالمين.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً