العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ

لماذا يستذكر العالم مانديلا؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بث التلفزيون الألماني برنامجاً خاصاً قبل ليلتين عن مدينة «كيب تاون»، الواقعة في أقصى الطرف الجنوبي من القارة الإفريقية، والتي لعبت دوراً كبيراً في تغيير موازين القوى الدولية ونقله من الشرق إلى الغرب، بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح، حيث انتقلت التجارة الأوروبية إلى الهند حول إفريقيا بدل المرور بالشرق الأوسط.

البرنامج يتكلّم عن مشاكل المدينة والعلاقات بين سكانها من الأعراق المختلفة والفقر والطبقية، بعد مرور ربع قرن من تخلّص البلاد من نظام الفصل العنصري، الذي امتد قرنين من الزمان، بكل سوءاته السياسية والأخلاقية.

وكالعادة، من يزور جنوب إفريقيا، وخصوصاً من الصحافيين والإعلاميين، لابد أن يزور كيب تاون، ومنها إلى جزيرة روبن. ليس لأنها جزيرة أحلام وتحتوي على ألعاب وملاهي، وإنّما لأنها كانت سجناً لنلسون مانديلا ورفاقه الذي قضوا زهرة حياتهم في تلك الجزيرة النائية المعزولة في مياه المحيط.

في تلك الجزيرة، قضى مانديلا أغلب سنوات سجنه الـ 28، ويأتيها الزوار من كل مكان، ليستنشقوا عبير الحرية وضخامة التضحيات وروعة الصمود. وهناك يرى الزائر زنزانة مانديلا، والمحجر الذي فرض عليه وعلى زملائه اقتلاع الصخور منه كعقوبة شاقة، ويشاهد بعض الصور حين يتم ترحيل مجوعة من السجناء إلى الجزيرة، وكيف يستقبلهم الجنود المدججون بالسلاح والهراوات. وحين يستعيد المرء اليوم القصة، سيفجع حين يتذكر أن كل هذه التضحيات والآلام والمعاناة، كانت فقط لانتزاع الحق في الحياة... حياة حرّة كريمة، في ظل مبادئ بديهية نولد بها جميعاً، وهي أننا بشر متساوون.

في تعريفها لنلسون مانديلا (18 يوليو/ تموز 1918- 5 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، تذكر موسوعة «ويكيبيديا» أنه «سياسي مناهض لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وثوري شغل منصب رئيس جنوب إفريقيا 1994-1999. وكان أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، انتخب في أول انتخابات متعددة وممثلة لكل الأعراق». وتضيف: «ركّزت حكومته على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري من خلال التصدّي للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية».

مانديلا سجن في زنزانة صغيرة رطبة لا تزيد عن ثلاثة أمتار، وبها كرسي وطاولة صغيرة، مع حصير من القش للنوم. وتعرّض للمضايقات النفسية والجسدية، ومنعت عنه الصحف لينقطع عن العالم، وأدخل السجن الإنفرادي عدة مرات لعثورهم على قصاصات صحف مهربة. وكان يسمح له برسالة وزيارة كل بضعة أشهر، وحين تحسّنت ظروف السجن بعد خمسة عشر عاماً، قام بمراسلة نشطاء مناهضين للفصل العنصري، مثل القس ديزموند توتو ومانغستو بوتليزي، ممن لعبوا دوراً فاعلاً في الحركة المناهضة للأبارتهايد».

وفي السجن كان مانديلا يقرأ ويقرأ، وحين التقى بإحدى الروائيات الجنوب إفريقيات من أصل أوروبي قال لها إنه قرأ كل رواياتها في السجن. كما كان يعقد المحاضرات للسجناء، حيث يشارك كلٌّ منهم حسب دراسته وخبرته، فسنوات السجن محسوبة من العمر ويجب ألا تضيع دون ثمار، كما يتمنى السجّان.

كان نظام الفصل العنصري مدعوماً من القوى الكبرى، وكان مسلحاً بأنياب نووية، وبين فترة وأخرى يشن حروباً عدوانية ضد دول الجوار، تماماً كما كانت تفعل «إسرائيل» مع العرب، وبدعم من دول الاستكبار نفسها، بريطانيا وأميركا وفرنسا.

ماذا بقي من ذلك النظام العنصري؟ وماذا بقي من تلك التجربة المريرة؟ بقي اسم مانديلا يذكره كل العالم بكل احترام وتبجيل، ضمن سلسلة الدعاة للحرية في العالم، ولم يعد أحدٌ يذكر اسم رؤساء جنوب إفريقيا، عدا ديكليرك الذي ساهم في تجاوز تلك التجربة اللاإنسانية البغيضة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4503 - الأحد 04 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:56 ص

      ....

      اعملوا لدنياكم صالح خل يسجله دفترها وتركوا عنكم الشيطان البلد والشعب الطيب ادمر بسبب الظلم المشتكى لله

    • زائر 11 | 4:44 ص

      النور لا ينطفي

      سلمت أناملك يا سيد
      ولا فرق بين هذا وذاك...... هنا وهناك
      وفي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح
      الخير باقي أثره والشر إلى زوال

    • زائر 10 | 3:50 ص

      المطالب

      المطالب الحقوقية هي نفسها أين ما تذهب إلا أن الوسيلة المتخذة ف تحقيق تلك الحقوق تختلف .فمنهم يفضل التغيير من الداخل ودخول السجن ومنهم من يفضل التغيير من الخارج عبر الهجرة الى دول وأماكن يتسنى لهم العمل ع المطالبة بدون مضايقة أو تكميم للافواه.

    • زائر 9 | 1:39 ص

      هذا هو الدرس الذي يرفض البعض ان يتعلموه

      ماذا بقي من ذلك ...؟ وماذا بقي من تلك التجربة المريرة؟ بقي اسم مانديلا يذكره كل العالم بكل احترام وتبجيل، ضمن سلسلة الدعاة للحرية في العالم،

    • زائر 7 | 12:51 ص

      الخواجة و ابراهيم شريف ....

      سجن في زنزانة صغيرة رطبة لا تزيد عن ثلاثة أمتار، وبها كرسي وطاولة صغيرة، مع حصير من القش للنوم. وتعرّض للمضايقات النفسية والجسدية، ومنعت عنه الصحف لينقطع عن العالم، وأدخل السجن الإنفرادي عدة مرات لعثورهم على قصاصات صحف مهربة.

    • زائر 6 | 12:46 ص

      رد على رقم 3 لماذا تحشرون اسم ايران ثم تقولون انها تتدخل في شؤونكم

      اذا نقلت الاذاعات والفضائيات الايرانية خبرا عن ما يحصل لشعب البحرين قلتم تدخلت ايران في البحرين ولكن ما إن يتم عن التعذيب والاجرام حتى تسارعوا لزجّ اسم ايران ومن بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة

    • زائر 5 | 12:44 ص

      تعليق رقم 3 هل ايران من حصد على 176 توصية من المنظمات الدولية

      محاولة حشر ايران في كل شاردة وواردة دليل على ضعف موقفكم وخواءه وهو لا يبرّر ما يحصل من تنكيل لشعب البحرين بل يزيد العالم قناعة بما تقوله المنظمات الحقوقية.
      انت بسبب الغباء توثّق ما حصل في البحرين فتقول باسلوب يبعث على السخرية انما حصل في كيب تاون هو نفسه ما يحصل في ايران محاولة للهروب من واقع مرّ عليكم وعلى من يمارسه

    • زائر 13 زائر 5 | 8:13 ص

      176 توصية

      خليى ايران اول تسمح لمنظمات حقوق الانسان بزيارة ايران و جسونها بعدين اتعرف كم توصية بتحصد يمكن فوق مليوت توصية لان ايران ما فيها شيى عدل دولة منبوذة فى العالم و مواطنيها ممنوعين من استخدام انترنت\\ فسبك\\تويتر\\ واتساب جميع انواع الاتصالات احمدو ربكم ان البحرين كل شيى مسموح بها و انتو اتنقلون اول باول كل الاحداث التى تحدث فى البحرين هل مواطن ايرانى يقدر يسوى مثلك بعد اتقول ان البحرين ما فيها حرية الراى عجل مواطن ايرانى شنو اقول عن بلده

    • زائر 4 | 11:51 م

      تُئذن في خرابه

      لقد أُسمعت لو ناديت حياً...... ولكن لاحياة لمن تنادي

    • زائر 3 | 11:42 م

      سبحان الله

      سبحان الله و كأنك تتحدث عن ايران في تعاملها مع المسلمين و العرب و الأكراد و البلوش

    • زائر 8 زائر 3 | 12:56 ص

      زائر 3 هل انت مصاب ب

      ابران فوبيا؟ أكيد عندك عرق ايراني!!!!!!!

    • زائر 2 | 11:08 م

      والله شايفين (كيب تاون) على ارض البحرين

      منذ عقود وحال معتقلاتنا مشابهة لمعتقلات كيب تاون ولا ادري هل هو لتشابه القائمين على تلك وهذه؟ أم لأن مطالب شعبنا هي نفس المطالب الانسانية اينما ذهب الانسان وحل بها فهي من ضرورات العيش بكرامة؟

اقرأ ايضاً