العدد 4536 - الجمعة 06 فبراير 2015م الموافق 16 ربيع الثاني 1436هـ

لمحات من مهرجان توزر

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

حين تسلمتُ دعوتي للمشاركة في مهرجان توزر الدولي للشعر، أول ما تبادر لذهني هو: كيف يمكن لبحريني أن يمثل وطنه، ويعبر عن عشقه له، ليلمس الآخرون روعته.

حملتُ علم بلادي وذهبت، وما إن وطأت رجلاي أرض المطار حتى بدأتُ أشعر بالحنين إليه ولكل بقعة منه ولكل فرد وشيء عليه وأنا في هذا معذورة.

حين وصلت تونس، شعرتُ أنني في بلدٍ يستعيد حياته، يستعيد كرامته، يستعيد نهاره... وفي يوم الافتتاح الذي كان بالقرب من ضريح شاعر الحب والحياة أبي القاسم الشابي، حين حيّانا العلم التونسي قبل أن نحيّيه، وحين تلا الجميع النشيد الوطني، واستبدلت كلمة الليل بالظلم في بيتي الشاعر أبي القاسم الشابي فصار:

«إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

ولابد لـ «الظلم» أن ينتهي

ولابد للقيد أن ينكسر»

اقشعر بدني وأنا أستعيدُ شريط احتراق البوعزيزي والثورة التونسية وصولاً لتحقيق كل المكاسب التي تحققت في تونس الحياة، وشعرتُ بالأمل أن القادم في كل البلدان العربية سيتجه للأفضل بإرادة الشعوب في نيل كرامتها وحريتها.

في بهو الفندق جاءني رجل وهو ينظر للوشاح الذي ارتديته «لعلم بلادي» فسألني: هل أنت سوسن دهنيم؟

أجبته بالإيجاب وفوجئت بكم الحب الذي يحمله لوطني. حب صادق لا ينتظر من ورائه شيء، وكانت المصادفة أن مقالي السابق لهذا المقال كان يتحدث عن سوق المنامة القديم، وكان قد قرأه واشتعل الحنين في وجدانه، فهو من الذين خدموا في البحرين لسنوات بإدارة المناهج، عرفني بنفسه وعرفت من عينيه مقدار الشوق والحب والامتنان الذي يحمله، وهو الذي جعله يجيء للفندق كي يلقي التحية على شاعرة قادمة من هناك «كي يرد الجميل للبحرين» كما قال.

هذه هي البحرين التي يعشقها كل من يزورها، البحرين التي لا يشفى من عشقها أحد، على رغم كل ما قد يشوبها مما يوجد في كل البلدان العربية.

وأعود لتوزر حيث المهرجان، وأعود للشعر الذي يجيد دائماً كيف يجمع الأرواح ويجمع العقول ويجمع القلوب على مائدته العامرة، فيقوم بدورٍ لم تستطع السياسة القيام به، ولم يفعله أي سياسي على وجه الأرض؛ وهو جمع أفراد من كل البلدان في بقعة واحدة وفي قلوبهم عشق مشترك له، وفي أرواحهم توق للسلام وتوق للحب وتوق لأن يكون القادم أجمل في كل العالم.

نعم، هو الشعر من يستطيع دائماً خلق الحياة، ونثر السعادة على الجميع.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4536 - الجمعة 06 فبراير 2015م الموافق 16 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:47 ص

      شكرا عزيزتي سوسن

      مقال جميل ، وروح أجمل ، تعجبني مقالاتك دائما وألمس فيها حبك الصادق لتراب وطننا الغالي وروعة أفكارك الملتزمة دائما بقيم التضامن والتكاتف والتفاؤل ، وفقك الله ورعاك .

اقرأ ايضاً