العدد 4643 - الأحد 24 مايو 2015م الموافق 06 شعبان 1436هـ

تفجير «القديح»... جرس إنذار

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

صدق الفنان العراقي المعروف الهام المدفعي عندما غنى عن وطنه العراق «بغداد جئتك كسفينة متعبة... اخفي جراحاتي وراء ثياب... بغداد طرت على حرير عباءتي وعلى ضفائر زينب ورباب». كلمات هذه الأغنية ليست بعيدة عن مشهدنا العربي ومن اوطاننا التي عاشت زمنا طويلا على التنوع في كل شيء، لكن هذه الاوطان اصبحت يوما بعد يوم ملطخة بدماء كثيرة، وبكراهية شديدة تلعب على وتر الدين والمذهب في صورة مقيتة.

ليست فقط بغداد فهناك جراحات كثيرة تملأ كل عاصمة وبلد عربي. لكن هذه الجراحات لم تتزايد الا مع تطور صناعة الكراهية وتفشي ثقافة قتل الآخر ونعته بمسميات تبرر اسباب القتل والكراهية داخل المجتمع وذلك عبر غسل عقول النشء بمناهج دراسية رجعية تؤسس لفرقة المجتمعات وتكفر افرادها عبر آلة القتل واعلام الكراهية.

ويأتي تفجير بلدة «القديح» الصغيرة في شرق السعودية بالقطيف في وقت تزايدت فيه صناعة الموت والكراهية من بعد ثورات واحتجاجات الربيع العربي. فهذه البلدة الصغيرة هي مثال جيد، فقد قتل أبرياء في دار عبادتهم وفي عقر دارهم لمجرد أنهم من مذهب مختلف - بمعنى آخر - ان كل من يختلف مع عقيدة الارهابي الذي فجر نفسه فنهايته هي الموت.

وهو مبدأ للأسف مازال متفشيا لأن هناك اجيالا في الخليج تربت على مثل هذه الافكار وهو امر يختلف من بلد خليجي الى آخر لكونه يدرس في مناهج دراسية وبرامج للمناصحة على مدى حقب طويلة. ولهذا فإن ما يحدث في مشهدنا العربي وانتقل فيما بعد الى المشهد الغربي هو جزء منه من الثقافة التي علمت اجيالا على التكفير ونبذ الطرف الآخر.

لقد اصبحت هذه المبادئ بمرور الوقت ارهابا أو جزءا من تنظيم ارهابي مطلوبة عناصره دوليا. كما أن مجتمعات الخليج لم تعد في منأىً من ذلك وخاصة أنها حاضنة لهذه الافكار ولخلايا متعاطفة مع هذه التنظيمات الارهابية. وهو من دون شك جرس انذار ينذر دول الخليج التي تشارك في تحالف دولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

إن تفجير القديح ليس الاول من نوعه بشرق السعودية فقد اعاد هذا الانفجار الذي استنكرته حكومات المنطقة الى الأذهان حادث الدالوة بالأحساء وهو يعكس حقيقة أن مسألة الامن والاستقرار داخل الخليج تحتاج إلى معالجة في ظل تعدد الجبهات والانزلاق في قضايا الصراع الطائفي وخاصة بعد مقاومة الربيع العربي في كل بلد عربي. فمن خلال ادوات الاعلام الجديد والتقليدي وصولا الى آلة القتل، يتم قمع وخمد الاصوات التي تطالب بالحقوق المدنية والسياسية المشروعة في البلدان العربية. هذه البلدان التي مازالت واقعة تحت اسر سياسات لا تسمح بارتفاع الصوت الناقد لسلوكيات انظمة المنطقة بشكل عام وحتى جاء فيه الوقت الذي نرى فيه رئيسا عربيا كان يحاكم يبرأ وأخر رئيسا عربيا منتخبا يسجن وينتظر قرار اعدامه.

صحيح أن الرياض أعلنت أمس الاول (السبت ) أنها تعرفت على هوية منفذ الهجوم الإرهابي مؤكدة صلته بتنظيم «داعش» المتطرف إلا أن هذا لا يمنع من القول إن هذا التفجير قد يكون مقدمة لعمليات أخرى في دول الخليج المحاربة لداعش في الوقت نفسه. وهو ما يعني تزعزع السياسات الأمنية التي وضعت في الاعوام الاربعة الماضية بين دول الخليج.

وهذه الدول تبدو في الوقت الراهن كسفينة مثقلة ولكن ليست متعبة بكثير من الملفات الداخلية التي قد تنذر بكل لحظة مفاجأة جديدة قد تكون نهاياتها مشابهة لتفجير «القديح» وخاصة بعد ان استطاعت عناصر «داعش» الارهابية اختراق بوابة الخليج الشرقية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4643 - الأحد 24 مايو 2015م الموافق 06 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 5:09 م

      ماينعرف ليكم

      انتون ماينعرف ليكم من قبل لا تطلع داعش في العراق وحت سوريا تقولون ايران محتلتهم والحين تقولون ايران مستفيدة من داعش طيب اذا هم محتلتهم كما تقولون من قبل بعد مستفيدة مذا اللآن من داعش بوجودهم حيث ان داعش متمركزين اكثرشي في العراق وسوريا ثانشي الدواعش واضح من اي مذهب ومن اين اكثرالدول يطلعون

    • زائر 8 | 4:45 ص

      القنوات

      القنوات والمنابر التكفيرية المحرضة ع الارهاب هي النواة الاولى التي تغذي أسباب القتل وانتهاك الاعراض ..فاذا ما أرادت السلطة لجم هذه القوة ومقارعتها يجب وقف تلك المنابر والقنوات التكفيرية التي تهدف الى روح الفتنة والتكفير الى كافة الملل والديانات وليس الشيعة فقط.

    • زائر 7 | 3:07 ص

      ممول داعش من تحالف محاربة داعش

      للاسف ليس فقط القنوات الدينية التكفيرية تشتم و تكفر بل حتى قنوات تعتبر نفسها غير مشمولة ببوتقة الاديان و المذاهب مثل قنوات...................... ليل نهار تحرض طائفيا و لا ننسى موجة النحريض الغير مسبوقة عام 2011و2012 مع بدا الحرب على سوريا و الذي نتج عنه داعش و مثيلاتها و لا تمويل دول و حكومات لهذه الجماعات حقدا و كرها على محور المقاومة رغم انها تعلم تماما انه في لحظة تنقلب عليها هذه التنظيمات لكن مكابرة و نكاية يستمرون في دعمها

    • زائر 6 | 2:18 ص

      وبعد اعتراف المخابرات الامريكية ان داعش من صنعها

      يقال الاعتراف سيد الأدلّة وبعد اعتراف المخابرات الامريكية ان داعش من صنعها كما اعترفت سابقا ان القاعدة من صنعها . لا زال البعض بسبب حقده الاعمى يوجه اصابع اتهامه لايران انها من انشأ داعش العدو اللدود لها.
      لا ادري كيف تفكر هذه العقول

    • زائر 9 زائر 6 | 2:46 م

      وجهان لعملة واحدة

      ايران و امريكا وجهان لعملة واحدة الآن من مستفيد من داعش اليست ايران هم الآن قايمين بالواجب لصالح ايران كما تقال الاعتراف سيد الادلة ايران تعترف انها ساعدة امريكا فى احتلال افغانستان و العراق كما هى تقول لولا مساعدتنا لما استطاعت امريكا فى احتلال هذين البلدين يعنى مصلحة مشتركة ظاهريا اعداء باطنيا اصدقاء اول خلق القاعدة و الآن خلق داعش لتذكير لماذا داعش او القاعدة لا يهاجمون ايران او اراضيها

    • زائر 5 | 1:46 ص

      المشكلة

      ان هناك ناس يكفرون في الشيعة ويبيحون قتلهم ولا يجدون لهم رادع من الحكومات ومن ثم اذا حصلت الكارثة نجد الاصوات تتعالا بللأستنكار طيب لماذا لم يتم اللأستنكار وتتخذ أجراآت ضدهم في السابق

    • زائر 3 | 12:33 ص

      ابواق الخراب

      هؤلاء ينعقون ليل نهار ويكفرون الشيعة على مرءا ومسمع الجهات الحكومية

    • زائر 4 زائر 3 | 1:12 ص

      داعش هي الأنظمة

      شكرا يا أستاذة ريم على كاتبة هذا الموضوع الهام

    • زائر 2 | 12:32 ص

      لا زالت الصحف والمواقع وبعض المنابر تشحن وتحرّض والنتيجة معروفة

      اجهزة اعلام تشحن وتحرّض على مدار الساعة فماذا نتوقع سوى تكرار نفس العمل.
      لا زال المنفذون يمارسون التحضير لذبح آخرين

    • زائر 1 | 10:33 م

      الله يرحمهم

      السبب الرئيسي وراء هذه المصائب هي قنوات الطائفي التى تقف ليل نهار في الشتم والتكفير والغاء الاخرين وهي قنوات معروفة للقاصي والداني ويجب على حكومة الرياض اقفالها لان هي اساس الفتنة الطائفية ومن يعمل على شكالتهم من شحن الناس على روح الكراهية والشحن المذهبي اليومي من خلال البرامج الساقطة التى تكفر من ليس معهم على نهج افكارهم وشكرا للكتابة على الموضوع القيم

اقرأ ايضاً