العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ

الدمام - علي الموسى

أين موقع تدريس الفقه المقارن من حوزاتنا العلمية؟

عندما كنت في مدينة «قم المقدسة» كان لي لقاء عابر مع فضيلة العلامة الشيخ ابراهيم جناتي، سألته حينها، هل صدرت الأجزاء التالية من كتابك «دروس في الفقه المقارن»؟ فأخبرني ان الجزء الثاني صدر بعد مضي عشر سنوات تقريبا على إصدار الجزء الأول والسبب يعود إلى عدم وجود من يتبنى طباعة الجزء الثاني من الناشرين او المؤسسات المهتمة بالشأن العلمي آنذاك!... وذلك بسبب عدم التفاعل مع هذه المادة. والحق يقال ان مؤلف الكتاب كان يأمل ان يكون لكتابه «دروس في الفقه المقارن» موقع الصدارة في مناهج التعليم الحوزوي ولكن خاب ظنه بعد صدور الجزء الأول والمشكلة ليست في دور النشر التي تستهدف الطلب على الكتاب، بل تقع في برامج الدراسة الحوزوية التي لا تدرس مادة الفقه المقارن، على رغم وجود الأرضية المثمرة لها في تراثنا الفقهي الإمامي، فكتاب السيد المرتضى والخلاف لشيخ الطائفة الطوسي، وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي وغيرها من المجاميع الفقهية المقارنة كلها مراجع ومنابع يستفيد منها طلاب العلم في دراستهم للفقه المقارن، ومع هذا تجد مناهج التدريس تفتقر إلى هذه المادة وللإنصاف توجد بعض المعاهد العلمية الصغيرة التي تدرس الفقه المقارن ضمن المواد التكميلية وليست الاساسية في الدروس الحوزوية، لأن المطلوب حوزويا من طالب العلم ان يهتم بالفقه والاصول والعلوم الاخرى المرتبطة بهما ويؤدي الامتحان فيها فقط... وثمة شيء آخر، انه على رغم وجود مكتب لمجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية في قم، وله نشاط بارز في مجال الاصدارات المرتبطة بقضايا التقريب، إلا ان المراقب يلاحظ عدم وجود علاقة عضوية تفاعلية بين مناهج الدراسة الحوزوية وبين هموم مجمع التقريب بين المذاهب على جميع المستويات، وهذا ما يؤدي إلى تقليص التأثير التفاعلي بين هذه المؤسسة التقريبية واتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، فلو رجعنا بذاكرتنا إلى الماضي أي قبل أربعين عاما أو أكثر، وذلك عندما تم تأسيس دار التقريب بين المذاهب في القاهرة من قبل علماء الأزهر وقم والنجف، نلاحظ حدوث تفاعل قوي بين جامعة الأزهر الشريف والفقه الإمامي، فقد اعتمد تدريس الفقه الجعفري في مناهج الدراسة الأزهرية، وطبعت كتب الفقه الإمامية، وشارك مختلف العلماء بإصدار مجلة «رسالة الإسلام» والكتابة فيها، وصدر عن شيخ الأزهر فتوى بجواز التعبد بالمذهب الجعفري، وصدور موسوعة فقهية مقارنة بمختلف المذاهب باسم الرئيس جمال عبدالناصر، وما حدث في الأزهر آنذاك من علاقة تفاعلية على المستوى المنهجي بينها وبين فكرة مؤسسة التقريب بين المذاهب، لم يحدث للاسف في الحوزة العلمية بقم المقدسة، على رغم توافر الإمكانات الكبيرة للحوزة ووجود الأرضية الفكرية لهذا التفاعل، ولا نعلم ما هي الاسباب التي تقف وراء ذلك هل هي فكرية أو سياسية، أو اجتماعية لذا نأمل من العلماء والأعلام وإدارة شئون الحوزة العلمية والمركز العالمي للعلوم الإسلامية في قم، ان يعوا أهمية تدريس الفقه المقارن في حوزاتنا العلمية وان يجعلوا هذه المادة من مناهج الدراسة الحوزوية بصورة أساسية، لأننا في زمن نعيش فيه ظروفا صعبة تجعلنا نتمسك بخيار الانفتاح على الآخر كي نعالج مشكلاتنا وهمومنا الداخلية والعالمية، وخصوصا ان المسئولية تقع على العلماء ورجال الدين الذين نكنّ لهم الاحترام والتقدير، فانفتاحهم على مختلف التوجهات المذهبية له تأثير إيجابي على الناس، فلاشك ان طالب العلم الذي يطّلع على مختلف الآراء الفقهية بحسب أقوال أئمة المذاهب الإسلامية يكون تفاعله مع فكرة التقريب بين المسلمين أكثر ممن لم يطّلع على هذه الآراء

العدد 42 - الخميس 17 أكتوبر 2002م الموافق 10 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً