عند نهاية مرحلة ما بعد الامتصاص - في نهاية يوم الصوم - يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والأنسولين في دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره من نفاذ الجلوكوز، وأخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية كخلايا العضلات، وخلايا الأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجيلكوجين الكبدي أو كاد. وتعتمد الأنسجة حينئذ في الحصول على الطاقة من أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسرول.
التمر... الغذاء المثالي
ويعتبر التمر من أغنى الأغذية بسكر الجلوكوز، وبالتالي فهو أفضل غذاء يقدم للجسم حينئذ؛ إذ يحتوي على نسبة عالية من السكريات، تتراوح ما بين (75 و87 في المئة)، يكون الجلوكوز 55 في المئة منها، والفركتوز 45 في المئة، علاوة على نسبة من البروتينيات والدهون وبعض الفيتامينات، أهمها: أ، وب2، وب12، وبعض المعادن المهمة، أهمها: الكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكبريت، والصوديوم، والماغنسيوم، والكوباليت، والزنك، والفلورين، والنحاس، والمنجنيز، ونسبة من السليولوز.
ويتحول الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة، ويُمتَّص مباشرة من الجهاز الهضمي؛ ليروي ظمأ الجسم من الطاقة، وخصوصا تلك الأنسجة التي تعتمد عليه أساسا كخلايا المخ، والأعصاب، وخلايا الدم الحمراء، وخلايا نقي العظام.
وللفركتوز مع السليولوز تأثير منشط للحركة الدودية للأمعاء، كما أن الفوسفور مهمٌّ في تغذية حجرات الدماغ، ويدخل في تركيب المركبات الفوسفاتية، مثل:الأدينوزين، والجوانين ثلاثي الفوسفات، التي تنقل الطاقة وترشد استخدامها في جميع خلايا الجسم، كما أن جميع الفيتامينات التي يحتوي عليها التمر لها دور فعَّال في عمليات التمثيل الغذائي (أ، وب1، وب2، والبيوتين، والريبوفلافين... إلخ)، ولها أيضا تأثير مهدئ للأعصاب.
وللمعادن دور أساسيّ في تكوين بعض الأنزيمات المهمة في عمليات الجسم الحيوية، ودور حيوي في عمل البعض الآخر، كما أن لها دورا مهمّا في انقباض وانبساط العضلات والتعادل الحمضي - القاعدي في الجسم، فيزول بذلك أي توتر عضلي أو عصبي، ويعم النشاط والهدوء والسكينة سائر البدن.
وعلى العكس من ذلك لو بدأ الإنسان إفطاره بتناول المواد البروتينية، أو الدهنية؛ فهي لا تمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤدي الغرض في إسعاف الجسم لحاجته السريعة إلى الطاقة، فضلا على أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات، أو حتى الذي يحتوي على كمية قليلة منه، يؤدي إلى هبوط سكر الدم.
لهذه الأسباب يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي (ص) بالإفطار على التمر!
فعن سلمان بن عامر (رض) عن النبي (ص) قال: «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور» (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح).
وعن أنس (رض) قال: كان رسول الله (ص) يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء». (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن).
العدد 2199 - الجمعة 12 سبتمبر 2008م الموافق 11 رمضان 1429هـ