العدد 1605 - السبت 27 يناير 2007م الموافق 08 محرم 1428هـ

متى تمنح المرأة الحق في تقرير من تعيش معه؟!

تعقيبا على «امرأة تقضي عشر سنوات مطالبة بالطلاق»

تطرقت في عدة مقالات سابقة إلى ضرورة وحتمية إصدار قانون الأحوال الشخصية. وجدت نفسي كمن ينادي ولكن لا حياة لمن تنادي! ماذا ننتظر وكل مجريات الأمور والحوادث في الساحة تثبت مدى اضطهاد المرأة ومظلوميتها؟! الكارثة تتلوها الكارثة ونحن لا نحرك ساكنا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، المقال الذي نشر في صحيفة «الوسط»، العدد 1602 بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني الجاري بعنوان «امرأة تقضي عشر سنوات مطالبة بالطلاق» يصف حال امرأة بحرينية مضطهدة من قبل مجموعة من الرجال وليس زوجها فقط، بل هو ووالده وإخوته، فقط لأنها أرادت حريتها بالطلاق ولها أسبابها طبعا. هذا المقال يبين لنا فداحة وفظاعة ما يحدث للمرأة. هذا التعصب من قبل رجال العائلة يحدث ضد امرأة واحدة، لولا الرعاية الإلهية لسحقت. عزلت عن المجتمع بما في ذلك إخوتها وأعز ما لديها بعد أن فقدت والدها، وذلك لكي تصبح لقمة سائغة في أيديهم فيستغلونها أسوأ استغلال، جسديا كان أو نفسيا! يقومون بمساومتها كما يساوم الرقيق أو العبد ليحصل على حريته!

من جهة واحدة نجد أنفسنا هذه الأيام نحتفي بالحسين وأيام الحسين، بينما من جهة أخرى نرى هؤلاء الرجال وقد اتبعوا مبدأ قتلة الحسين نفسه! فالتاريخ يشهد بأن الجيش الأموي قد تخلص من أنصار الحسين وأصحابه والمقربين إليه، حتى بقي وحيدا فريدا لا ناصر له ولا معين، ثم قاموا بقتله. الجميع يستنكر هذه السياسة وما أدت إليه ونستنكر ما فعله الجيش الأموي بينما نجد مثل هؤلاء الرجال قد اتبعوا السياسة نفسها مع «امرأة» لا حول لها ولا قوة! قد يكونون من المترددين أو المرتادين على المآتم الحسينية وخصوصا في هذه الأيام، ولكن إن لم يأخذوا العبر من تضحية الحسين فقد أضاعوا أوقاتهم وافنوا أعمارهم في البكاء وهدر الدموع بلا جدوى. لم يحققوا أهداف الحسين بل اتبعوا استراتيجية أعدائه وبذلك أصبحوا أعداء للحسين!

وبحسب الرواة لمصيبة الحسين أن الجيش الأموي قام بسبي نسائه وبناته والتشهير بهم في البلدان. نرى التاريخ يعيد نفسه ويكرر الحوادث، قد تكون بأسلوب آخر، فما قام به هؤلاء الرجال من استضعاف للمرأة، ملاحقتها وبالتالي مداهمتها في مكان عام في اجتماع يسوده الحشمة والوقار مع مستشارها (وهو أبسط حقوقها لتدافع عن نفسها وتحصل على مستحقاتها) نرى بأن ما فعله هؤلاء الرجال هو تشهير بحد ذاته. أما إن كانوا ينتمون إلى العائلة نفسها فتلك هي الطامة الكبرى، لأنهم بذلك أساءوا إلى أنفسهم قبل كل شيء. لقد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه ولكنه الباب الذي دخله قتلة الحسين ومن تبع ملتهم وسياساتهم. أي التاريخ الأسود. فقد ذكرت الكاتبة بأن لها قضايا ودللت على ذلك بالإشارة إلى أرقامهم. فما دامت الأمور قد رفعت إلى الجهات المعنية للفصل لماذا هذه الملاحقات والسياسات والسحر والشعوذة؟! ألا يثقون بالقانون ونحن في ظله نعيش وبدعم من مليكنا المفدى؟! نحن بلد القانون والكل يشهد على ذلك. فإن دل ذلك على شيء فان استخدامهم لهذه الأساليب يدل على ضعف جانبهم في القضايا. إن كانوا لا يثقون بالقانون، ألا يثقون بالعدالة الإلهية؟ ثم ماداموا يعيشون دائرة الشك ويلاحقونها كظلها فلماذا التمسك بها وعدم طلاقها؟! هذا يثبت مدى استغلالهم لها ماديا ويثبت أحقيتها في القضية. فكما ذكرت هي قائمة بجميع النفقات والرعاية وطلاقها يعني ضياع الدجاجة التي تبيض ذهبا... إذا فالقضية مادية بحتة.

لنعد ثانية إلى الحسين (ع) ونرى كيف أنه رفع من شأن المرأة، وقام بتدريب بطلة كربلاء السيدة زينب... كلما نادت رد عليها الهاشميين وأصحابه «لبيك». تنادي حبيب لتسلم عليه وتوصيه بالحسين خيرا فيندهش ويقول «من أنا حتى تسلم علي عقيلة الهاشميين زينب، ابنة علي؟»، هذا لنرى عظمة شخصيتها والهالة التي خلقها الحسين حولها. جللها وقدرها ودربها ثم سلمها زمام الأمور لتمسك القيادة من بعده، ماذا فعلنا نحن للمرأة؟ نتشدق بألفاظ خالية خاوية لا تسمن ولا تغني من جوع. نبكي على الحسين (ع)، نواسي السيدة زينب في مصابها بينما نحن بعيدين كل البعد عن أهداف الثورة، نكرر الحوادث كل عام ثم نعود إلى حياتنا الروتينية كأن ما كان لم يكن! ولا تخلو الأرض ولن تخلو فلو خليت خربت. مليكنا حفظه الله سعى ومازال يسعى السعي الحثيث ليرفع من شأنها، ففي عهده وفي رحلته من البقاء إلى الإنجاز ظهرت المرأة بشكل بارز وتولت المناصب القيادية، أصبحت قاضية، وزيرة ونائبة... والبقية تأتي. حبذا لو أخذنا العبرة وحذونا حذوه وجعلناه المثل الأعلى لنا، وقمنا بتقدير المرأة ولو بإعطائها أبسط حقوقها... حقها في أن تقرر الشخص الذي تعيش معه.

وأنا هنا أناشد المجلس الأعلى للمرأة للتدخل المباشر في مثل هذه الحالات وأطالب المجلس الأعلى للقضاء بممارسة سلطاته في رد المظالم والنظر في هذه الحال ومثل هذه الحالات.

(الاسم والعنوان لدى المحرر)

العدد 1605 - السبت 27 يناير 2007م الموافق 08 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً