يندرج من ضمن أنواع الخبر الصحافي كما جاء في علم الإعلام خبر مجرد يقتصر على تسجيل الوقائع أو تصوير الحوادث، أو سرد المعلومات من دون أن يدعم ذلك بخلفية من المعلومات والبيانات والتفاصيل. وهذا النوع الذي تتمسك به غالبية محطات الإذاعة والتلفزة العربية ومنها تلفزيون البحرين، الذي تأسس من خلال أخباره المجردة على الرؤية للخبر بعين واحدة، ما يضفي على منهاجه الإعلامي الطابع الملون، وهو ما ذكر أيضا من ضمن أنواع الخبر الصحافي على أنه الذي يلون الحقائق والحوادث لخدمة هدف أو غرض أو سياسة معينة.
فالمتابع لأخبار تلفزيون أو إذاعة البحرين يلاحظ أنها دائما ما تسرد نصف الواقع في حين تغفل وتتجاهل نصفه الآخر لحقيقة ما، وهو ما يضلل الرأي العام عندما يحول المحطة الإخبارية العامة إلى جهاز إعلامي تابع لرأي على حساب الرأي الآخر، ولاسيما في الأخبار الحساسة للمجتمع.
فمثلا في سرد تلفزيون البحرين لخبر إعدام صدام لم تخجل المحطة من تسمية صدام بالرئيس الراحل بينما ذهبت بعض المحطات التلفزيونية والإذاعية التي تقدم طرحا إعلاميا متزنا ووسطيا بتسمية صدام بالرئيس السابق. وما بين الراحل والسابق تباين واضح ومفهوم؛ فتسمية الراحل لا تخلو من التأسف على فقده وهو ما يجعل المحطة منحازة لجهة دون جهة أخرى وهي موجودة في المجتمع!
وجاء في سردها ما بعد حادث الإعدام يؤكد صحة هذا التحليل؛ فالمحطة لم تسرد الأخبار المؤيدة لتنفيذ الإعدام بل المستنكرة فقط، إذ تصور أن العالم أجمع شجب ورفض هذا التنفيذ!
هذا مثال على الصعيد الدولي، أما على الصعيد المحلي فتغطية تلفزيون البحرين لوقائع افتتاح الفصل التشريعي الثاني دليل واضح على تجاهل المحطة فئة ليست بقليلة في المجتمع، وأرادت في تغطيتها تضليل الرأي المحلي والدولي عندما بثت لقاءات سريعة مع مواطنين يرفضون قرار جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في مقاطعة جلسة الافتتاح وتوزيع المناصب، ولم تكلف المحطة نفسها في الاستماع للرأي الآخر سواء على مستوى الجمعية أو شارع الجمعية.
وهذا ما يتناقض مع توجه إدارة محطة التلفزيون في رغبتها في التطوير المستمر، التي ربما فهمته على أنه تغير في الديكور وبعض حركات المونتاج والإخراج وتوظيف وجوه جديدة غالبيتها من خارج المملكة. فالتطوير الذي يجب أن يلحق بتلفزيون البحرين - وهي محطة عامة وليست خاصة - هو أن يكون للمجتمع بكامله، لا لرأي دون آخر ولا لحزب دون آخر، ولأن المملكة تكتظ بالتنظيمات السياسية المختلفة فإن على محطة التلفزيون أن تسلك النهج الوسطي من خلال الاستماع للرأي والرأي الآخر، وسرد أبعاد الخبر والوقائع كما يتبناها المجتمع. فهذا ما يضفي الصدقية على المحطة ويزيد من تطورها ومجاراتها القنوات الإعلامية الأخرى التي بدأ بعضها في تبني الفكر الإعلامي الوسطي.
أحمد عبدالله الدفاري
العدد 1605 - السبت 27 يناير 2007م الموافق 08 محرم 1428هـ