قادته طموحاته إلى حيث سور الصين العظيم، إلى «نانجينغ» شرقي الصين حيث دخلها حاملا على أكتافه طموحاتٍ بدت شبه مستحيلة، فما بال من لا يعرف اللغة الصينية يطمح في الحصول على الماجستير بامتياز في تخصص يدرسه بهذه اللغة؟ ألا يُعد ذلك من شطحات خيال الإنسان حينما تنقله أحلامه الوردية إلى ما وراء السحاب فيكاد يسقط على الأرض من على علوٍ شاهق!
لكن ياسر علي طاهر كان يعي ما يحلم به، وكانت الإرادة تسبق الريح للوصول إلى ما يطمح إليه وما يسعى إلى تحقيقه، لقد دخل الصين آملا أن يحصل على الماجستير بامتياز هدفا سعى له واجتهد كثيرا وسهر الليالي حتى يحققه متفوقا بذلك على زملائه الصينيين ممن كانوا يدرسون الماجستير بلغتهم الأم، «ياسر» وصل إلى المملكة نهاية يوليو/ تموز الماضي متوجا رحلة السنوات السبع الصعبة بشهادتي الماجستير والدكتوراه بامتياز في تقنيات التعليم والتعلم الإلكتروني، بالإضافة إلى خبرة الحياة التي تعلم فيها التغلب على المستحيل، التقيناه ودار معه الحوار الآتي:
هل أنت أول بحريني يحصل على الدكتوراه في هذا التخصص؟
- نعم، أنا أول بحريني يحصل على هذا التخصص من الصين، أول ماجستير وأول دكتوراه لبحريني من الصين في التقنيات التعليمية عموما والتعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد خصوصا.
حدثنا عن بدايات دراستك الجامعية؟
- التحقت بالدراسة في جامعة البحرين في العام 1994 ودرست تخصصين هُما الهندسة الإلكترونية والفيزياء، إذ درست الدبلوم المشارك في الهندسة الإلكترونية وخلال أكثر من عام لم أحصل على عمل فعدت إلى الجامعة ودرست بكالوريوس علوم الفيزياء وكان أقرب مجال لتخصصي وتخرجت من الجامعة في العام 2001، وعملت مُدرسا في وزارة التربية والتعليم في مدرسة عراد الابتدائية الإعدادية للبنين لعام واحد من العام 2001 وحتى 2002.
كيف بدأت فكرة مواصلة دراستك؟ وما قصة اختيارك لهذا التخصص الفريد «التعلم الإلكتروني»؟
- خلال فترة عملي مُدرسا وزارة التربية ظهر إلى النور مشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل وكان التركيز عليه كبيرا جدا وشجعني وجود هذا المشروع على التخصص في التعلم الإلكتروني وخاصة أنه يتم حشد الكفاءات لهذا المشروع، لقد كان المشروع ومازال المُحفز الأول لي وشعرت بوجود حاجة حقيقية لهذا المجال في الوزارة وإن تخصصي في هذا المجال سيساعدني على النهوض بالمشروع وحياتي الوظيفية.
وكيف اخترت الدراسة في الصين؟
- لم تكن الصين حينها مطروحة ضمن الخيارات، فقد قدمت لدول كثيرة مثل الولايات المتحدة الأميركية واليابان واليونان والمكسيك وماليزيا فكل هذه الدول طرحت منحا لوزارة التربية والتعليم للراغبين في مواصلة الدراسة وقدمت لها جميعا ولكنني لم أحصل على أية فرصة، وبعد ذلك وجدت منحة للصين وتقدمت لها وخاصة أن المتقدمين للمنحة كانوا قليلين جدا، وقد كانت موظفة وزارة التربية والتعليم تسألني بتكرار: هل أنت متأكد أنك تريد الدراسة في الصين؟ وأجيبها بالإيجاب.
ما هي الصورة الذهنية المرسومة في مخيلتك عن الصين؟
- لم أكن أعرف شيئا عن الصين وكل ما كان يخطر ببالي عنها أن لغتها معقدة وأن الناس فيها أشكالهم متشابهة وفيها سور الصين العظيم.
هل حاولت أن تقرأ أو تتعلم اللغة الصينية قبل السفر؟
- اشتريت كتابين الأول عن تعلم اللغة الصينية من دون معلم ومن كتبه لم يكن متخصصا وبدأ بأنها معلومات تم تجميعها من شبكة المعلومات العالمية «الإنترنت» ولم أستفد منه، أما الكتاب الثاني فقد كان يتحدث عن الصين عموما والواقع الذي رأيته مغايرا لما قرأته في هذا الكتاب.
متى بدأت الدراسة في الصين؟
- وصلت إلى الصين في 26 أغسطس/آب من العام 2002 وكنت وحدي لم يكن معي أي طالب بحريني، إذ كانت منحتين فقط، ولم يكن هناك من يجرؤ على الذهاب إلى الصين وخاصة أن اللغة الصينية هي لغة الدراسة هناك، وكان الهدف الذي وضعته نصب عيني هو الحصول على شهادة الماجستير بامتياز باللغة الصينية طبعا، بدا لي حلما صعب التحقيق أو ضربا من ضروب الخيال، وكنت قد عقدت العزم على الحصول على الامتياز بعد أن عرفت أن الجامعة تمنح الحائز على الامتياز في الماجستير منحة للدكتوراه.
وكانت منحة الماجستير مقدمة من الحكومة الصينية وتشمل رسوم الدراسة وراتبا شهريا، بالإضافة إلى تأمين صحي.
عندما وصلت إلى الصين؟ ما هو أول ما بدا لك؟ ما هو انطباعك الأول؟
- أول ما وصلت مدينة نانجينغ الصينية كان كل شيء مُخيفا بالنسبة إلي، الناس وأشكالهم المتشابهة إلى حد كبير وهو ما كنت أتوقعه، البنايات عالية والأشجار الكثيفة، شعرت أول ما شعرت بالرهبة، وتوترت في المطار لأنهم لا يعرفون الإنجليزية ولم أتمكن من التفاهم معهم عندما تمزقت حقيبتي وكنت أطالبهم بتعويض إلا أنني صادفت وجود موظفة صينية تعرف الإنجليزية قليلا فساعدتني في حل الأمر.
وبعد؟
- وصلت المدينة، اللافتات في الشوارع جميعها مكتوبة بالصينية ولا أعي شيئا منها، أريد أن أذهب إلى جامعتي ولا أعرف كيف أسأل عنها؟، عشر سيارات «تاكسي» تجمعت ولم أتمكن من التفاهم مع أي منها، إلا أن أحدهم كان ذكيا وفهم اسم الجامعة وأوصلني ولم أفهم كلامه الآخر، كما أنني لم أتفاهم معه على السعر، وفي هذه اللحظة ظهر أمامي فجأة شخص ملامحه عربية كلمته بالعربية واتضح أنه طالب يمني يتقن الصينية إذ قضى ثلاث سنوات دراسة في الصين وساعدني هذا الطالب في التفاهم مع سائق التاكسي.
ماذا عن السكن الجامعي؟
- وبعد ذلك دخلت السكن الجامعي كان السكن تعيسا جدا ودورة مياه واحدة مشتركة لعدد كبير من الطلاب، وكُنت في غرفة مشتركة مع طالب فيتنامي كان عائدا وقتها إلى الغرفة وهو سكران، صُدمت في تلك اللحظة، شعرت حينها أن جميع الجنود الذين أعددتهم لمواجهة الصعاب في هذا البلد سينفذون الآن.
هل فكرت في التراجع والعودة إلى الوطن؟
- فكرت في التراجع إلا أنني كنت قد اشتريت تذكرة الذهاب فقط ولم أحمل نقودا لتذكرة العودة لأجبر نفسي على البقاء ولم يكن معي أي خيار آخر، كان يجب دراسة اللغة الصينية لسنة ومن ثم دراسة الماجستير لثلاث سنوات فكنت أفكر أن هذا الوضع في السكن سيستمر لأربع سنوات، كان سجنا كبيرا، أصبت بصدمة ثقافية فكل شيء هناك مختلف.
أصبحت على حافة اليأس ولم أرَ نقطة تلاقي بيننا وبين الصين وكان عزائي الوحيد هو الإخوة العرب الموجودون هناك والذين تعودوا على الحياة فيها.
كيف تمكنت من استعادت توازنك مرة أخرى وتجاوزت الصدمة الثقافية؟
- قمت بالجلوس في غرفتي ورتبت المشكلات التي تواجهني بدءا من أكبر مشكلة وحتى أصغر مشكلة وبدأت أفكر في طرق لحلها، كانت أكبر مُشكلة واجهتني هي التأقلم مع السكن وقررت أن أبدأ حل كل مشكلة ومن ثم الانتقال إلى مشكلة أخرى، بالنسبة للسكن تحدثت مع أستاذي في الجامعة وهو مسئول عن الطلاب الأجانب وكنت محظوظا أنه يتحدث الإنجليزية وقال لي بصراحة إنني لن أتمكن من تغيير سكني فذلك ممنوع، وكتبت رسالة له كتبت فيها ما معناه أن مجيئي إلى الصين لدراسة كان حُلما وبلد عظيم مثل الصين كيف يعجز عن توفير غرفة من أربعة جدران لأحد الطلاب، والحقيقة أن أستاذي تأثر برسالتي وكانت أول نقطة تلاقي شاهدتها بين العالم العربي وبين الصين ما أجابني به الأستاذ حينما قال ما معناه إنه سيستعمل ماء وجهه ويرفع رسالتي إلى مجلس إدارة الجامعة وإنه سيُدافع عن طلبي لأحصل على غرفة خاصة ولكن من المستحيل أن تُحل مشكلة دورة المياه المشتركة، وبعد عشرة أيام قرر مجلس الجامعة منحي غرفة خاصة في السكن.
كم من الزمن استغرق منك التكيف والتأقلم مع الحياة الجديدة في الصين؟
- تعودت على الحياة هناك بعد مضي ستة أشهر ولكن نقص وزني خلالها 12 كيلوغراما.
لقد ضغطت على نفسي كثيرا للانخراط في الحياة الصينية والدراسة باللغة الصينية، وكان الطلاب يُسموني «الصيني» لتعودي على الحياة وما يبدو من ملابسي والطعام الصيني الذي أتفنن في طهيه.
هل من مواقف طريفة تعرضت لها؟
- عندما أحجز فندقا وخاصة في العاصمة بكين - وهناك بعض الفنادق فيها لا يُسمح لغير الصينيين بالإقامة فيها - تسير الأمور على ما يُرام مادمت أحجز بالهاتف ظنا منهم أنني صيني، ولكن عندما أصل إلى الفندق ويرون أنني لست صينيا يرفضون تأجيري!.
بالنسبة للطعام... هل تتناول الطعام الصيني؟
- في الأيام العشرة الأولى لم أتناول سوى الماء والفواكه، وبعد ذلك بدأت بالتعود على الطعام الصيني، لم أحبه في البداية ولكنني أجبرت نفسي على التعود وفي النهاية اكتشفت أنني أحببت هذا النوع من الطعام وصرت أطبخه بنفسي وأصبح طهيي يُعجب زملائي الصينيين، كما صرت أشرب الشاي الصيني الأخضر.
بالنسبة للجاليات العربية في الصين من الطلاب فهم إما يطبخون بأنفسهم أو أنهم تعودوا على الطعام الصيني كما يتناولون الطعام في المطاعم المسلمة.
ما أكثر الجاليات العربية في الصين؟
- أكثرهم من اليمنيين والمصريين والسودانيين والسوريين، وهناك مغاربة وجزائريون وجميعهم إما قدموا للدراسة أو للتجارة، أما الخليجيون فهم قلائل أكثرهم سعوديون ثم العمانيون والقطريون والإماراتيون، وهناك مدينة في الصين فيها حي يُسمى «الحي العربي».
ولدى مغادرتك الصين كم كان عدد الطلاب البحرينيين الدارسين فيها؟
- رأيت بنفسي نحو عشرة طلاب بحرينيين ولكن سمعت أن هناك مجموعة أخرى تدرس في إحدى الجامعات هناك.
ماذا يدرس هؤلاء؟
- يدرس البحرينيون العشرة الذين شاهدتهم الطب باللغة الإنجليزية في الجامعات الخاصة والعامة وبرامج الطب فيها ذاتية التمويل للأجانب، وسمعت عن طلبة آخرين لم أرهم سمعت أنهم يدرسون الطيران.
ماذا عن المشكلات الأخرى التي واجهتك... ما هي؟ وكيف عالجتها؟
- المشكلات الأخرى تمثلت في عائق اللغة وأيضا طول مدة الدراسة، بالنسبة للغة فقد تحدثت مع الأساتذة في الجامعة بخصوصها وأخبروني بإمكانية دراستي باللغة الإنجليزية إلا أن المراجع المتوافرة باللغة الصينية أكثر؛ فوجدت أنه من المنطقي أن أدرس باللغة الصينية وأتعلمها.
أما بالنسبة لطول مدة الدراسة فلم أتمكن من تقليصها فسلمت أمري لله تعالى.
كما واجهتني أيضا مشكلة صحية إذ تعرضت لحساسية مزمنة في الأنف وذكر لي الطبيب أن السبب هو سبب عدم التعود على الجو والطعام والماء وعدم وجود نظام تدفئة في المدينة التي سكنت فيها في الوقت الذي كانت درجة الحرارة شتاء تصل إلى -13 تحت الصفر، بالإضافة إلى الضغط الذي تعرضت له في الدراسة والجو المشبع بالغبار والدخان، وتطورت حالتي الآن، وكنت أُكابد مرضي من جهة وأكابد اللغة الصينية من جهة أخرى.
إذا كانت سنتك الأولى لدراسة اللغة الصينية؟
- نعم، كان من المفترض ذلك ولكنني درست اللغة الصينية خلال الفصل الأول فقط، أما الفصل الثاني فقد توقفت فيه الدراسة بسبب انتشار مرض سارس، كانت هناك آلاف الحالات أعلنت الصين حالة الطوارئ آنذاك فأغلقت المدارس والجامعات وكل الأماكن العامة وأصبح من الممنوع أن يتجمع أكثر من خمسة أفراد في مكان واحد درءا لانتشار المرض.
وقد تم إغلاق الجامعة علينا بالقفل وذلك على رغم أهميته سبب لنا عدة مشكلات؛ إذ أصبح من الصعب علينا الذهاب إلى السوبرماركت لشراء احتياجاتنا.
اللغة الصينية لغة تعتمد على الرموز وكل رمز عبارة عن كلمة ولكنه مكون من رموز أصغر لها معانٍ أخرى وهي تُشكل رمزا واحدا يحمل معاني الرموز الصغيرة، فرمزان كبيران يشكلان كلمة واحدة وثلاثة رموز تشكل كلمة أيضا وأربعة رموز تشكل مثلا صينيا أو كلمة متقدمة من التكنولوجيا مثلا ولتعلم هذه اللغة لابد من تعلم الرموز.
في اللغة الصينية هناك سبعون ألف رمز وللحديث في الحياة اليومية يجب معرفة ألفي رمز ولقراءة صحيفة يجب معرفة خمسة آلاف رمز ولقراءة كتاب في تخصصك يجب أن تعرف سبعة آلاف رمز.
ماذا عن دراسة الماجستير باللغة الصينية؟
- كانت دراسة الماجستير باللغة الصينية هي الصدمة الثانية لي في الصين، كنت أدرس ثماني ساعات متواصلة في اليوم لا أبارح فيها الكرسي أحفظ وأدرس اللغة ورمزها، وبدأت بعد ذلك الدراسة الحقيقية «الماجستير»، المحاضرات والكتب كلها بالصينية ولم أجد فائدة من دراسة اللغة الصينية إلا ما ندر؛ فقد كنت أعرف الرموز ولا أعرف معنى الجملة كأنها متاهة لا أعرف ترتيبها على الرغم من أنني كنت أعرف الجمل البسيطة.
لقد خفت ألا أتخرج بدرجة الامتياز وخاصة أن المنافسة شديدة وكان معي طلاب صينيون ومن الطبيعي أن الدراسة أسهل بالنسبة لهم لإتقانهم اللغة، وكان التحدي كبيرا للدراسة، ولكن بعد عامين من دراسة الماجستير اكتشفت أنني تفوقت على زملائي الصينيين لأنني نشرت بحثا علميا بالصينية في إحدى المجلات الصينية الرئيسية هناك واستغرب أستاذي من تمكني من ذلك، وكنت قد حصلت على مساعدة في تنقيح المادة اللغوية للبحث من قبل بعض الزملاء الصينيين؛ فأعطاني شهادة بأني قمت بإنجاز لم يتمكن منه طالب صيني ممن يدرسون معين وفي نهاية السنة الدراسية الرابعة كن قد تمكنت من نشر ما مجموعه ثلاثة بحوث علمية باللغة الصينية وذلك خلال تحضيري للماجستير.
حصلت على الماجستير بامتياز في العام 2006 وذلك بإجماع من لجنة التحكيم على الرسالة ومُنحت مرتبة الشرف التي تؤهلني للحصول على منحة الدكتوراه، وتسمى منحة الطالب المتميز والتي يتنافس عليها خمسون طالبا من الطلاب الأجانب في الصين التي يدرس بها أكثر من مليون طالب أجنبي في جميع المراحل والتخصصات، حصلت على المنحة وبدأت مواصلة الدكتوراه.
هل كانت دراسة الدكتوراه أيسر لإتقانك اللغة؟
- كانت دراسة الدكتوراه أسهل عليّ بالفعل لإتقاني اللغة الصينية، وقد بدأت الدكتوراه بالجد نفسه الذي بدأت به الماجستير ونشرت أيضا ثلاثة بحوث على مستوى المجلات الرئيسية في الصين، كان الكثير من الصينيين يعتقدون أنني صيني عند الحديث معهم في الهاتف أو أجنبي يتحدث الصينية بشهادة الجميع، وقد حصلت على الماجستير والدكتوراه من جامعة نانجيغ للمعلمين.
في دراستي للدكتوراه أتقنت اللغة الصينية ورُشحت لأكون أستاذا للإنجليزية في جامعتي ورفضت بعد أن وجدت في جامعة أخرى تخصص لغة عربية لغير الناطقين بها، بالإضافة إلى الترجمة صيني عربي - عربي صيني، وعملت عامين أستاذا في جامعة ننجين وهي الثالثة على مستوى الصين وقد أسست في هذه الجامعة قسم اللغة العربية مع بروفيسور آخر درس العربية في دول كثيرة ويتحدثها بطلاقة.
تخرجت في العام الجاري فقد حصلت على الدكتوراه بامتياز وكنت قد عدت توا من الصين في 31 يوليو/ تموز الماضي ما يعني أنني مكثت في الصين قرابة سبع سنوات.
من أي الجنسيات كان طلابك؟
- جميع من درستهم اللغة العربية كانوا من الصينيين فقد كان «تعليم اللغة العربية باللغة الصينية»، وكانت وظيفتي أستاذا للغة العربية وترجمتها للصينية.
- لو انتقلنا من الحياة في الصين إلى تخصصك... ما كان عنوان رسالتك؟
- كانت رسالتي للدكتوراه بعنوان «دراسة مقارنة حول تطبيق تقنية المعلومات الحديثة في التعليم في منطقتي الخليج العربي وشرق آسيا»، أصبح التعلم الإلكتروني والتعلم عن بُعد توجها لمعظم جامعات العالم، وكُنت أُتابع حركة مدارس المستقبل في البحرين وأنا في الصين عبر وسائل الإعلام، واكتشفت الحاجة لهذا المجال وخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال، وقارنت ما وصلنا له وما وصلت له دول كوريا واليابان والصين وقارنت بين وضع التعليم الإلكتروني في دولنا ودولهم.
ما كانت مُحصلة هذه المقارنة؟
- وجدت أن هناك مفارقات؛ إذ إن هناك أسبابا لعدم وصولنا إلى هذا المستوى وهي أسباب متنوعة منها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية وغيرها ووقفت عليها، وتوصلت إلى أن هذه الأسباب معقدة جدا تقف على أمور كثيرة وجميعها يؤثر على تحويل المنظومة التعليمية التعلُمية إلى منظومة إلكترونية.
أتمنى الاستفادة مما تعلمته إما في نقل هذه الخبرات والعلوم للطلبة في جامعة البحرين من خلال التدريس والمشاركة في تطوير التعليم الإلكتروني في الجامعة أو المساهمة المباشرة في مشروع مدارس المستقبل بوزارة التربية والتعليم، أتمنى أن يتبنى المسئولون في جامعة البحرين ووزارة التربية والتعليم الخريجين وخاصة أن مدارس المستقبل كانت المحرك الأساسي لدراستي.
كيف وجدت مدارس المستقبل؟
- مشروع مدارس المستقبل مشروع رائد وهو يتقدم ولكن هناك افتقار لتوصيف البرنامج على البحرين، فالخبرات التي يُستفاد منها حاليا أجنبية وهناك حاجة إلى تطوير هذا المجال في البحرين، وفي دول مثل اليابان وكوريا والصين يبدأون من الداخل وليس من الخارج.
هل ترجمت رسالتك للعربية أو الإنجليزية؟
- رسالتي مكونة من 140.000 رمز وترجمتها للعربية والإنجليزية يحتاج إلى وقت طويل، ولكن لديّ نية لنشر بحث حول طريقة البحث العلمية المستخدمة في الرسالة.
ما هي مزايا التعلم الإلكتروني؟
- التعلم الالكتروني صالح لمختلف المراحل الدراسية، والطالب الجامعي يريد أن يدرس كلما كانت أساليب الدراسة أسهل، التعليم الالكتروني يختصر الوقت والجهد ويزيد الفعالية إذا تم تطبيقه بشكل صحيح بحسب النظريات الموجودة حول ذلك، في الصين هناك بعض الجامعات الافتراضية والتي تعطي شهادات تعترف بها بعض الدوائر الصينية، إذ يدرس الطالب وهو في بيته ويحصل على الشهادة وهو في بيته أيضا، عموما لها جمهورها ولها معارضوها الذين يرفضون السلبيات.
السلبيات؟
- أحيانا الحاسوب بحد ذاته يؤدي إلى تشتيت الفكر، لابد أن يكون في التعليم الالكتروني مشرف على دراية بهذا المجال وهذه الخبرات غير كافية في البحرين على سبيل المثال وهذه وجهة نظر شخصية.
ألا تعتقد أن ذلك يؤدي أو يُساهم في إدمان الإنترنت؟
- المعارضون للجامعات الافتراضية يرون أن إدمان الانترنت أحد سلبياتها وهذه مُشكلة والتي قد يؤدي إليها التعطش للمعلومات وسرعة الحصول على المعلومات تؤدي إلى الإدمان، وهناك اليوم منحى جديد للتعليم الالكتروني في الصين يُسمى «الألعاب الالكترونية التربوية» وهو معمول به في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية ومثال على ذلك في مادة التاريخ أهداف عامة وخاصة وطرق تقييم وتدريس وكل هذه العملية تُبنى في لُعبة إلكترونية لها طريقتها وخططها وهذه ذات طريقة المنهج وأهدافه وطرق إيصال معلوماته ليكون الطالب بانتهائه من اللعبة قد أتقن كل الكفايات المطلوبة لهذا المقرر، فإذا استطاع الطالب إنهاء هذه اللعبة فإنه يتمكن من اجتياز هذا المقرر.
وحاليا أقرأ في البحوث المتعلقة حول هذه الألعاب الالكترونية التربوية وكيفية التقليص من سلبياتها، حاليا هناك طرق حديثة للتخلص من سلبياتها والاستفادة من مزاياها فلابد من مواجهة عصر الإنترنت.
هل هناك ألعاب مماثلة في الوطن العربي؟
- هناك ألعاب على مستوى العالم العربي أحدها يتحدث عن التاريخ العربي ولكن أعتقد أن المصممين ليسوا عربا.
هل التعلم الإلكتروني معمول به في المدارس الصينية؟
- تخصصي هو مجال بحث موجود في الصين ولكنه لم يُطبق في بعض مدارس الصين، بالنسبة للجامعات فإن كل جامعات العالم تقليدية وتنحى نحو التطور وإدخال التعليم الإلكتروني.
هل يرغب الطلبة البحرينيون في الدراسة في الصين حاليا؟
- عدد الطلبة البحرينيين في الصين في تزايد دائم، كما أنهم يواجهون مشاكل إرشادية مختلفة هناك منها إجراءات الجامعات الصينية واللغة والتحويل من تخصص لآخر ومن كلية لأخرى واللغة معقدة بالنسبة للمبتدئين، أعتقد أن الطلبة البحرينيين في الصين بحاجة لملحقية ثقافية تهتم بأمورهم وخاصة أن السفارة البحرينية لديها مشاغل ومسئوليات أخرى، أنا الآن أواجه مشكلة في معادلة شهادتي بسبب عدم وجود ملحقية ثقافية، لا نلوم السفارة ولكن عندما يواجه الطالب البحريني في الصين مشكلة ماذا يفعل؟، لدرجة أن بعضهم لم يتمكن من مواصلة الدراسة لعدم وجود إرشاد أكاديمي وأنا مُستعد للقيام بذلك رغم صعوبته لاستفيد من خبرتي إذا أُتيحت لي الفرصة.
بعد سبع سنوات قضيتها هناك، كيف وجدت الصين في نهاية المطاف؟
- في النهاية لاحظت أن الحياة في الصين أسهل من بعض النواحي مثل المواصلات، هناك محطة باص في المدينة التي درست فيها لا تتجاوز 20 مترا منك أينما تكون، باص كل خمس دقائق، فهناك لا يشجعون استعمال السيارات الخاصة، هناك ما مجموعه 300 خط مواصلات عامة وخطا مترو إنفاق وعدد سيارات التاكسي أكثر من السيارات الخاصة وأسعار المواصلات العامة رخيصة جدا.
وكيف وجدت الشعب الصيني؟
- الشعب الصيني شعب مضياف يحب الصداقة والتعامل مع الأجانب، شعب كريم جدا أظن أنه يتفوق أحيانا على الكرم العربي، ومن يتقن الصينية ينادونه بـ «أخي»، وتعرفت على الكثيرين وأصبح لي أصدقاء صينيون كما تعرفت على عمدة المدينة والسكرتير العام للمدينة وأهديت العمدة هدية بسيطة، وعندما أتعرف على الصينيين كانوا دائما يقولون إن قائدهم الشيوعي الكبير ماو تزي دونغ كان دائما يقول إن الصينيين والعرب إخوة، وهذه الجملة هي التي خلقت الصداقة بيني وبين عمدة المدينة.
يعرف الصينيون كيف يعيشون حياتهم بمبلغ زهيد وهم شعب مكافح يعمل الصيني أكثر من عشر ساعات يوميا ويتسلم راتب ثماني ساعات فقط وفي بعض الأحيان يعملون 15 ساعة في اليوم.
ما أكثر ما أعجبك في الصين؟
- الصين جميلة وفي اللغة الصينية تعبيرات لا تصل لها أية لغة أخرى باستثناء العربية، كما أنني لم أتعرض لأية حادثة أمنية طوال السنوات السبع التي قضيتها هناك، ولا يعني ذلك عدم وجود عصابات ولصوص، في الصين ترى وجه الشرطي في كل مكان والجميع يحترمه ويحترم السلطة، وبعد أن تعودت على الحياة هناك زرت بعض الأماكن السياحية مثل سور الصين العظيم والقصر الإمبراطوري والحديقة الإمبراطورية والمتحف الشعبي الصيني.
اكتسبت في الصين خبرة حياة قد يصرف شخص ما خمسين عاما من دون أن يحصل عليها وتعلمت كيفية التغلب على الصعاب والتفوق على المستحيل وهي خبرة لا تضاهيها خبرة.
وما أكثر ما لم يُعجبك هناك؟
- الازدحام والطوابير الطويلة في كل مكان، بشكل بدا لي وكأن الطوابير عادة لهم في حياتهم، ولكن بعد أن تعودت على الحياة في الصين أصبح ذلك نظاما لحياتنا وعادة ما يخرج من لديه موعد قبله بساعتين حتى لا يتأخر، ولأنهم ملايين فإنهم لا يعتذرون في حال اصطدم أحدهم بآخر بطريق الخطأ، وبعض العرب هناك يعتقدون أن ذلك ناجم عن قلة الذوق ولا يتفهمون هذا الشعب.
ما هي نقاط الالتقاء بين العرب والصينيين؟
- في ثقافتهم تركيز على صلة الأرحام والبر بالوالدين والكرم والشهامة ومساعدة الآخرين، وعندما أسألهم من أين لكم هذه القيم يُجيبون بأنها من فكر الأخلاق لـ «كونفوشيوس» وحاليا أقرأ في كتاب عنه والكثير من هذه الأخلاق الحسنة لدينا نحن المسلمين.
ما تنوي فعله الآن وقد حققت طموحاتك؟
- وصلت للبحرين توا وأملي أن أستطيع أن أخدم بلدي وأُساهم في نهضته في مجال تقنية المعلومات في التعليم من خلال البحث عن وظيفة مُناسبة إما في وزارة التربية والتعليم أو جامعة البحرين.
كلمة أخيرة تود أن تختم بها؟
- كلمة شكر لديوان سمو رئيس الوزراء على مساعدتي لثلاث سنوات الأمر الذي ترك أثرا طيبا في نفسي وأشكر رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، كما أشكر السفارة البحرينية في الصين لأنها ساعدتني في أمور كثيرة وكلمة شكر أخرى للحكومة الصينية على إعطائي منحة كاملة للدراسة في الصين كما أشكر أهلي على مساندتي وتشجيعهم لي على مواصلة الدراسة ووقوفهم إلى جانبي
العدد 2536 - السبت 15 أغسطس 2009م الموافق 23 شعبان 1430هـ
ديراوي أصلي
مبروووك دكتور ياسر وبالتوفيق ان شاء الله
أهلك بالدير يتمنون لك كل خير
وجميع أهالي قريتك يتمنون لك التوفيق
وإلى الأمام ان شاء الله
ما شاء الله تبارك الله
ألف مبروك و بصراحة أنت حققت اللي ما يحققه العشرات من الاشخاص. تمنياتي بدوام التوفيق و انشاء الله نشوفك في مركز مرموق يناسب الجهد اللي بذلته خلال السنوات الفائته. و.تستاهل يابو عمار
مايتيان
الف مبرووووك يادكنور ياسر كنت اكتب اسمك د.ياسر لاني كنت واثق تمام الثقه انك بتحصل على درجه الدكتوراه وحصلت عليها لانك تتستحقها والله يوفقك يارب ويسر لك امورك .
الف الف مبروووك يا بن قريتنا الغالي
الف مبرووك والله يوفقك دنيا وآخره ياااارب
من جد وجد ومن زرع حصد تهانينا الحاره لك اخي الغالي الدكتور ياسر والى الأمام يااارب
لقد رفعت اسم بلدنا عاليا ورفع اسم قريتك فوق السحاب اتمنى لك الموفقيه الدائمه
اخاااك وابن قريتك
رياض احمد
تهنئة قلبية حارة للدكتور ياسر
عزيزي ..لا زالت أتذكرك عندما كنت تدرس الفيزياء وأتخيلك وكأنك ماثل أماميالآن ، سمعت عن سفرك للدراسة من أعوام خلت واليوم عندما قرأت هذا الخبر استمعت به وفرحت لدرجة أنني أتمنى أن توفق في وظيفة أرقى وأفضل مما ذهب إليه طموحك المبدئي لا لشيء سوى لقناعتي بأن هناك أمور وجوانب وأبعاد أخرى ستتشكل مع الوقت وتظهر مع المعايشة. السنوات التي قضيتها في الغربة والدراسة أعطتك خبرة وكونت لديك ثقافة ، بالإضافة إلى الوعي الذي يقرأ من بين السطور. لو تعلم مقدار فرحتنا بك ولو حاولت أن تصل إلى درجتها فقد تتعجب.
هنيئا لوالديك بك
من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل
تمنياتي لك بدوام التوفيق في حياتك العمليه وبصراحه اهل الدير انجبوا ناس ترفع الراس
الى الامام دوووووووووووما
اختكم
ريم _البحرين
بوركت يا ابن البحرين
كلنا فخر بك يا ابن البحرين ورفعت رأسنا وضربت مثلا لنا في مواجهة الصعاب والتحديات. أسئل الله أن يوفقك لخدمة البحرين الحبيبة وأن يوفقنا للقائك والاستفادة من خبرتك وتجربتك وخصوصا في مجال بحثك الذي نحتاجه كمدرسين عاملين في مدارس المستقبل
ليكن طموحك أعلى
أنت يا أخي العزيز تستحق أكثر من ذلك وخصوصا أنها مع رؤية جلالة الملك لمدارس المستقبل الغريب والعجيب أن الملك وولي عهده لم يستقبلوا هذا الكادر الذي يستحق الكثير والكثير والكثير الى الآن إن شاء الله يطلعوا على هذا اللقاء ليضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب مع الشكر الجزيل لجريدة الوسط .
من جد وجد
بدأت صباحي بقراءة هذا الخبر
صدق فرحني الخبر وايد وايد وايد
كأني انا اللي متخرجة
حلو الواحد يحصد ثمرة جهده
7 سنوات غربة ودراسة
هنيئا لك بالشهادة وياربي تفيد وتستفيد
الف مبروووووووووووك دكتور ياسر
نيابة عن دفعة 93 بجامعة البحرين :)
بلدينق فروووتين :)