انتقد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس (الجمعة) موقف الحكومة المتمثل في عدم حضور جلسات «النواب» أخيرا، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر مخالفة صريحة للدستور.
وقال: «كان المجلس النيابي يمارس طرح السؤال على بعض الوزراء في بعض المشكلات والغموض في وزارة ذلك أو ذاك بحسب القانون فيحضر الوزير المجلس ليدلي بإجابته شفهيّا أو يطرح إجابته مكتوبة ويناقش فيها. وقد جد أن لا يحضر الوزراء الجلسات ويكتفون بالإجابات المكتوبة، وهذا إسقاط لصلاحيات المجلس وفق الدستور. وأسئلة النواب التي دفعت الحكومة إلى اتخاذ هذا الإجراء، يدل على أمرين؛ الوزراء من طبقة السادة والنواب من طبقة المنبوذين، ما يمنع الوزراء من ملاقاة المنبوذين. فلماذا يشكل مجلس نيابي من طبقة دينية يتطاول على السادة الوزراء حتى يطالبهم بجلسات مشتركة ويخضعهم للمساءلة؟». وتابع «الأمر الآخر هو أن الدخول في الأسئلة التي طرحها النواب من شأنه أن يعري فضائح. والقول هنا إن الحكومة التي تفقد صبرها أمام مجلس يفتقد الصلاحيات، فكيف بها لو تعاملت مع مجلس كامل الصلاحيات».
وطرح قاسم في طيات خطبته ما عنونه بـ «أميركا أوباما وبوش» موضحا أن «ما يهم العالم من الأمر المتعلق بأميركا وهي الدولة القوية ماديّا والمؤثرة على أوضاع الأرض سلبا وإيجابا هو أن تكون عاقلة. وألا تقف على الدرجة التي عرفت بها من الظُّلم، وأن تقلل من شره الإفساد للعالم، وأن يخف دعمها للحكومات المستعبدة لشعوبها، وألا تكون حربا دائمة على قيم السماء وعبادة الله في الأرض، وأداة فتق للضمير. وألا تكون المصدر الأكبر للأخلاق الحيوانية، وأن تتراجع في دورها المحموم والمسعور في نشر الفتن وتأجيج الحروب». وأضاف «نريد لأميركا أن تتقدم لا من أجل تدمير الآخرين، وأن تصحح، عن حق، سمعتها بعض الشيء عند عقلاء العالم والمنصفين والمستضعفين من أبنائه. أن تبحث عن نظام يثريها لا أن يهلك العالم. ولا يتوقع العالم من أميركا أوباما أن تنقذه من مشكلاته وتحول شقائه إلى نعيم، وأن تكون داعية العدل والسَّماء، ولكن بعضهم يتمنى ألا تكون أميركا أوباما نسخة لأميركا سلفه. وأنها إذا لم تكن مع حرية الشعوب، فلا تكون ضدها وبالصورة الفضيعة التي تمارسها».
وتطرق قاسم إلى ما أسماه «أنظمة سياسية بلا هوية» لافتا إلى أن «هناك على مستوى التصور لا الافتراض أنظمة سياسية دينية صادقة، ودينية أخرى، وأنظمة أرضية تتفاوت في اشتراكها عن استقلالها عن السماء في تكييف علاقتها مع شعوبها ومدى سلطويتها وإحكام قبضتها والوسائل المعتمدة لإبقاء قيمتها، ومنها ما هو واضح الهوية ومنها ما لا تكاد له هوية محددة. والأخير أصعب الأنظمة على الشعوب، والمبتلى منها من أشقى الشعوب».
وأردف «هناك نظام يعلن إسلاميته، ويمكنك أن تحاسبه، وهناك نظام يعلن شيوعيته وديمقراطيته، ورأسماليته وتكون محاسبته على أساس ما أعلنه. ويكون خيار المحكومين في علاقتهم مع النظام الذي حدد هويته قائما على رؤية واضحة قبلوا أو لم يقبلوا، صبروا عليه أو لم يصبروا، هادنوه أو قاوموه، ويتعبك نظام يتعامل مع شعبه تعامل الأنظمة الدكتاتورية، ويأخذ بسياسة مناهضة للإسلام، ولكنه يتبرقع بشيء من المظاهر الإسلامية. ويتنكر للعدل الإسلامي وللمساواة التي ينادي بها الإسلام، ويرفع شعار الإسلام في وجوه معارضيه، وينكر على الشيوعية تشددها ويمارس القبضة الحزبية الحديد والقمع الشيوعي المبالغ فيه. ويعلن انتماءه إلى النظام الاقتصادي الحر، ويرفع الحرية الاقتصادية عن شعوبه. ومشاريعه تسحق قيم الدِّين».
وقال: «وفي الوقت الذي ينادي فيه بالحرية الدينية ويفتح الباب لممارسة اليهودية والمسيحية، يحارب مذهبا من المذاهب الإسلامية ويضيق عليه الخناق. ويحاكم العلمانية على أساس الإسلام، والمؤمن بالإسلام على أساس العلمانية، ويرفع في وجه هذا شعار الحرية وشعار الدين مثلا، بينما لا يملك الدين أن يحاسبه على أساس قاعدة محددة. حقّا إن هذا النوع من الأنظمة متلاعب بالشعوب ومتعب لها، ولا يعطي فرصة للتفاهم لفقد الضابطة المحددة التي يرجع إليها في نمط حكمه للناس والمدرسة التي ينتمي إليها».
العدد 2269 - الجمعة 21 نوفمبر 2008م الموافق 22 ذي القعدة 1429هـ