وصلت العلاقات الأميركية الروسية إلى مستوى منخفض جديد بعد الحرب الباردة وانتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسياسة الأميركية في قضايا مثيرة للجدل من بينها الملف النووي الإيراني، ونظام الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية والحل في كوسوفو.
بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية العام 2001 حصل الرئيس الأميركي جورج بوش على دعم قوي من بوتين، في ذلك الوقت كان البلدان يواجهان عدوا مشتركا وكانت العلاقات بين البلدين قوية كما لم تكن في أي وقت سابق.
لكن منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق نأت موسكو بنفسها عن واشنطن. ومع وظهور روسيا كقوة عظمى في مجال الطاقة ورفضها لما تراه اجتياحا من «الناتو» لأوروبا الشرقية بدأ الدّب الروسي يزمجر من جديد وبصوت مرتفع.
دعمت روسيا، وهي عضو في مجلس الأمن لها حق النقض (الفيتو) مجموعتين من قرارات المقاطعة المحدودة ضد إيران ولكنها رفضت الثالثة التي تدعو إلى تنفيذ إجراءات أشد تقدمت بها واشنطن.
وزار بوتين طهران الأسبوع الماضي، وهي الزيارة التي وصفها المعلقون الإيرانيون بأنها تاريخية، اذ التقى الرئيس محمود أحمدي نجاد وقادة زعماء منطقة بحر قزوين. وتزامنت زيارة بوتين إلى طهران مع تصريح نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي قال إن العالم لن يقف مكتوف الأيدي ويسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية، فضلا عن إشارة بوش إلى احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة إذا واصلت إيران تحديها لدعوات المجتمع الدولي بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم.
يعتقد الغرب أن إيران تستخدم برنامجها النووي السلمي لصنع أسلحة نووية بشكل سري وهي تهم تنفيها طهران.
ورفضت واشنطن استبعاد الخيار العسكري ضد إيران، وفي خطوة فسّرت على أنها ضمانة أمنية لطهران ونسف للتهديدات الأميركية لها أعلن بوتين أن قادة قمة منطقة بحر قزوين لن يسمحوا باستخدام أراضيهم لشن هجوم عسكري على أي دولة أخرى في هذه المنطقة.
وتعدّ هذه المرة الأولى التي يقوم بها رئيس روسي بزيارة طهران منذ الحرب العالمية الثانية وقد علم أن بوتين وجه دعوة لنظيره الإيراني لزيارة موسكو.
وفي حين أن بعض الدول الأوروبية أبدت معارضتها لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران، فإن الضمانة الأمنية التي قدمها بوتين لطهران ستزيد من حدة التوتر بين موسكو وواشنطن.
وتعارض موسكو بشدة نشر واشنطن منظومة مضادة للصورايخ في أوروبا الشرقية ووضع 10 قواعد صواريخ اعتراض في بولندا ورادار في جمهورية التشيك للدفاع عن أوروبا والولايات المتحدة في حال التعرض لهجوم كوري شمالي أو إيراني، لأنها ترى في ذلك تهديدا لأمنها.
وتحادث بوش وبوتين هاتفيا مطلع الأسبوع الجاري لكن لا يبدو أنهما توصلا إلى حل لهذه الخلافات بينهما.
هناك خلاف أيضا بين البلدين في شأن الإقليم الصربي الانفصالي كوسوفو الذي يدفع باتجاه الاستقلال ووقوف صربيا التي تحظى بدعم روسيا بقوة ضد ذلك.
وتدعو الخطة التي وضعها مندوب الأمم المتحدة الخاص مارتي أهتيساري (الرئيس الفنلندي السابق) إلى عدم منح الاستقلال الكامل لكوسوفو وتوفير الحماية للأقلية الصربية التي تعيش في الإقليم.
وفي تصريح له خلال زيارة له إلى ألبانيا قال بوش «في وقت ما، عاجلا أم آجلا عليك أن تقول كفى يعني كفى، كوسوفو مستقلة، وهذا هو الموقف الذي اتخذناه».
إلى ذلك قال دبلوماسي غربي رفيع إن «حل مشكلة كوسوفو أمر أساسي للاستقرار والأمن في البلقان»، محذرا من أنه «إذا أصبحت كوسوفو غير مستقرة عندئذ قد تتدهور الأوضاع في مقدونيا وما إلى ذلك... يجب ألاّ تتحول كوسوفو إلى نزاع مجمد».
العدد 1876 - الخميس 25 أكتوبر 2007م الموافق 13 شوال 1428هـ