العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ

حقوق الإنسان (4)

سعت المملكة على مر السنين إلى ضمان الحماية الكافية لجميع المواطنين من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، ذلك أنّ مشرعنا الجنائي قد جرَّم قيام الموظف العام بإساءة استعمال وظيفته، وقد جاء هذا التجريم متماشيا مع الإعلانات والصكوك والمواثيق الدولية التي انضمت إليها المملكة ومنها إتفاقية (مناهضة التعذيب) في عام 1987م.

ولن تكون وزارة الداخلية بمعزل عن المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ولم تتوانى سياساتها عن المحافظة على حقوق الإنسان في هذا المجال، ذلك أن تلك الحقوق أصبحت ركيزة أساسية من ركائز الوزارة بأنْ استمرت توجيهات وزير الداخلية بحسن معاملة الجمهور، إلى أنْ أصبحت تلك التوجيهات الإنسانية عقيدة وعهدا لدى جميع رجال الأمن.

وكون المملكة دولة من دول القانون، أضحى قانون الإجراءات الجنائية الأداة الفعَّالة لحسن سير العدالة وإحترام مبادئ الشرعية عن طريق تحقيق التوازن بين مصلحتين متعارضتين، المصلحة العامّة للمجتمع والمصلحة الخاصة للأفراد.

وقد أفرد قانون العقوبات البحريني عقوبات مغلَّظة ضد الموظف العام الذي يرتكب جريمة التعذيب، ذلك بأنه نصّ في المادة (208) على أنه: “يُعاقب بالسجن كلّ موظف عام استعمل التعذيب أو القوّة أو التهديد بنفسه أو بواسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحملُه على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا أفضى استعمال التعذيب أو القوة إلى الموت”.

ومؤَّدى النص، أنّ المشرع جعل جناية التعذيب تقوم بفعل التعذيب المطلق بدنيا كان أو معنويا، وسندنا القانوني على ذلك، أولا، أنه لم يتطلب في التعذيب الذي تقوم به الجريمة أن يكون بدنيا بل أطلق اللفظ، والقاعدة القانونية تنص على أن العام يعمل بعمومه، ثانيا، أن المشرع نص صراحة على تجريم التهديد بالتعذيب؛ أي أنّ مجرد التهديد من قبل موظف عام لإجبار أحدهم على الاعتراف كافٍ لقيام أركان جناية التعذيب، ثالثا، لا يمكن لمشرعنا الجنائي أنْ يخرج عمَّا أورده الدستور بمنع الإكراه المعنوي، وبذلك حسم الأمر في تجريم الإكراه المعنوي.

وفضلا عن أنّ القائم بجريمة التحريض هو فاعل أصلي فإنّ – المحرض - الرئيسي الذي يأمر مرؤوسه بهذه الجريمة هو فاعلا أصليا، وعلى ذلك فإنّ قيام رجل الأمن بإصدار أمر بالتعذيب إلى من هو أدنى منه رتبة، يوقعهما تحت طائلة العقاب، بل لا يصلح أن يدفع المرؤوس بأنّ قيامه بإرتكاب الجريمة تنفيذا لتعليمات رئيسه، فهذا الدفع لا تعوِّل عليه المحكمة نهائيا، وبهذا أعطى المشرع البحريني لممثلي السلطة الحماية اللازمة لأداء واجبهم وقدَّر في الوقت نفسه العقوبة القاسية لمن يحيدون عنه.

ولأهمية هذا النص القانوني ارتأت الوزارة استمرار تثقيف المواطنين بحقوقهم الإنسانية التي حماها الدستور، وبذلك فتحت الوزارة أبوابها؛ لتلقي أي شكوى بشأن انتهاك حق من حقوق المواطنين، فلديها إدارة الشئون القانونية، ومكتب المفتش العام، ولجنة حقوق الإنسان، ويمكن لأيّ مواطن له حق تقديم شكوى مكتوبة بهذا الشأن

العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً