كيف ينهض بلد؟ أذكر قصة جميلة، فحواها أنّ صاحبنا الطالب في الثالث الثانوي يتمنى شهادة الثانوية حتى ولو بمعدل تراكمي يصل إلى 60 في المئة، حتى يواصل به الدراسة العليا بقدرة قادر!
لا تستغرب هذه النسبة، فأنت ترى واقع الحال، ترى كرسيا مرصعا بالخشب الهندي، يغوص في داخله قالب مكون من رأس وجسد آدمي... ترى هذا (...) لا يعلم وظيفته... تائها في كرسي فضفاض، تقول له: من أنت؟ يقول: أنا المدير! وللأسف لا يعلم «وين الله حاشرنه»... وقس على ذلك كثيرا من المناصب.
كل ثانية، ترى موظفا ومديرا جديدا، كيف وصلت إلى هنا يا هذا؟ هل عن طريق عرض الوظائف في الصحف؟ هل – في حال النقل داخل الوزارة - عن طريق مسابقة وظائف حتى يتقدم الأكفأ؟ هل - في حال الترقي داخل القسم - عن طريق لجنة محايدة تنتخب الأكفأ من بين الموظفين؟ هل - في حال الانتخاب للبرلمان - عن طريق الانتخاب الشعبي غير الخاضع لصناديق الاقتراع العامة التي طرحت اسم نائب الدائرة قبل موعد الاقتراع؟
قل لي - بربك - يا من سمّيت نفسك ممثلا للشعب، قل لي هل يتم التوظيف في الدوائر الحكومية بناء على الكفاءة؟ هل يبتعث الأكفأ إلى الماجستير والدكتوراه؟ أم على العكس، الذي اختير هو فلان... ليأكل ويشرب في الخارج على حساب البلد وهو من معدلات الـ 50 في المئة أو حتى 80 في المئة إذا كان صاحب معدل 99.9 في المئة موجودا، لا تقل نريد أن نبتعث «طويلبا» ليكون بعد ذلك طالبا... ولا تقل لي نريد أن نبتعث نسخة حتى تزيد - بالاستنساخ - نسخة جديدة من الدكتوراه.
أهكذا يبنى الوطن؟ هل كل همكم يا جماعة أن تكثّر نسخا من هذه الطائفة أو تلك، والكفاءات العلمية تدرس على حسابها الخاص؟
لا تلعبوا بالنار... لا تباركوا لمن يلعب بالنار، أيا كان ذاك.... فالمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.
لا نؤيد توظيف الأدنى في حال وجود الأعلى أيا كان مذهبه... ولا نرفض محاسبة النائب أيا كان انتماؤه... ولا نبارك الظلم أيا كان مصدره.
فؤاد فتيل
العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ