دعت الأمم المتحدة أمس الأول إلى العودة إلى الاقتصاد الكينزي (نسبة إلى الاقتصادي البريطاني كينز الذي نشر نظريات مهمة في الاقتصاد) وذلك لتفادي هبوط انكماشي يمكن ان يثير رد فعل عنيف في افقر دول العالم.
وذكرت ان هناك حاجة إلى تدخل الحكومات الغنية تنفق أموالا لسد العجوزات وتفادي هبوط في الانتاج والتوظيف. وانتقدت الامم المتحدة تحديدا النظام المالي والنقدي لدى اوروبا، ملقية باللوم على معاهدة الاستقرار والنمو «المقيدة» التي تمنع الدول الاعضاء من الاقتراض لتمويل النمو. وشجبت المصرف المركزي الاوروبي ووصفته بانه «رافض» لخفض اسعار الفائدة. (نشر تقرير الامم المتحدة بعد ساعات فقط من مناشدات معارضة لخفض اسعار الفائدة من قبل المصرف المركزي الاوروبي لموازنة الارتفاع في اليورو.
وحثت الامم المتحدة في مؤتمرها السنوي عن التجارة والتنمية الحكومات على التخلي عن «الارثذوكسية المالية والنقدية». وقال الأمين العام لمؤتمر التجارة والتنمية للأمم المتحدة، روينز ريكوبيرو: «هناك الآن خطر حقيقي لمكيدة السيولة الظاهرة، اذ اصبحت السياسة النقدية غير قادرة على تغيير التدني في الانتاج والاستخدام».
وهذا بالضبط هو السياق الذي قصده التقرير اذ دعا إلى تبني سياسات كينز لتوسيع السيولة. وحذر من أنه ما لم يتخذ اجراء عاجل، فإن هناك «تهديدا حقيقيا» اذ ان عدم التوازن بين الاغنياء والفقراء في العالم «سيفاقم الغضب الذي يشعر به الملايين. ويمكن ان يعمق الاستياء تجاه العولمة... ويثير ردود فعل سياسية وانعدام ثقة في الاسواق... ما يؤدي إلى هبوط اقتصادي دولي». واضاف «تتوقف احتمالات الازدهار لجميع الدول على التعاون الدولي بالاضافة إلى قوة جهودها الخاصة».
ويبدو ان لغة التقرير المتشائمة كانت في تناقض ظاهر مع التفاؤل الحذر الذي اعرب عنه وزراء المالية لمجموعة الدول السبع الصناعية وصندوق النقد الدولي قبل اسبوعين ماضيين. واشار مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية إلى ان العالم «في حال قلق وضيق» في ظل السعي الحثيث للاقتصادات المتقدمة للهرب من الركود. وجاء في تقريره الختامي «يواجه اقتصاد العالم الآن فجوة انكماش متسعة خلقت بواسطة طلب عالمي غير كاف». واضاف انه على رغم التخفيضات الجوهرية في اسعار الفائدة، ما زال اقتصاد الولايات المتحدة في خطر المعاناة من «هبوط مضاعف، واستعادة من دون أعمال».
ويتمثل الخطر الذي تواجهه الولايات المتحدة في ان عدم التوازنات والزيادات التي حدثت في خلال ازدهار التسعينات يمكن ان تنتج عنه فترة طويلة من النمو البطيء وغير المستقر، مع ارتفاعات مؤقتة بالاضافة إلى انخفاضات في الاسعار، ويتوقع ان تكرر اوروبا معدل النمو المحبط للعام 2003 المقدر بنحو 1 في المئة، وفقا للتقرير، في الغالب نتيجة للاستهلاك الضعيف في جميع الاقتصادات الرئيسية، وابقى المصرف المركزي الاوروبي امس الاول على معدل سعره الاساسي ثابتا في نسبة 2 في المئة.
وقال ويم دويسنبيرغ: «سيبقى المستوى المنخفض التاريخي لأسعار الفائدة ملائما». وهو يتحدث عن استحقاقات التقيد بمعاهدة الاستقرار والنمو التي امرت الدول الاعضاء بالابقاء على مستويات العجز فيها عند أقل من 3 في المئة من ناتج النمو المحلي. وأضاف «لن يبرر الركود أبدا خرق الحد المحدد بحوالي 3 في المئة».
(خدمة الاندبندنت خاص بـ «الوسط»
العدد 395 - الأحد 05 أكتوبر 2003م الموافق 08 شعبان 1424هـ