لم تختلف ردود الفعل على نبأ اعتقال الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، فمنذ أن تناقلت الفضائيات العالمية خبر الاعتقال، عبّر البحرينيون كّل بطريقته المفضلة عن فرحته وابتهاجه بهذه المناسبة، بدءا من الاتصالات و«المسجات» التي غزت هواتف الكثير من المواطنين، بينما فضّل آخرون الخروج إلى الطرقات، وإقامة الولائم والحلويات، هكذا كانت ردود أفعال رجل الشارع، ولكن يا ترى ماذا كانت ردّة فعل الفعاليات والرموز السياسية والثقافية والمدنية بهذه المناسبة؟
كانت البداية مع رئيس البعثة العراقية في البحرين السفير غسان حسين الذي عبّر عن مشاعره قائلا: «في الحقيقة أنا كأي مواطن عراقي عايش هذا الطاغوت الذي أخرج العراق من التاريخ والجغرافيا. لقد أقحمنا جميعا وخصوصا الأجيال الشابة والمثقفة في الحروب الكارثية والعدوانية التي خاضها صدام ضد الدول المجاورة، لقد تحول العراق في عهده من أغنى بلد في الخليج إلى أفقر دولة في العالم، والحمد لله الآن انتهت هذه الحقبة السوداء في تاريخ العراق، وعلى العراقيين أن يواجهوا استحقاقات التنمية وبناء مستقبل آمن للأجيال البريئة ونسيان الحروب، وإقامة علاقات طبيعية مع دول الجوار وجميع شعوب العالم، وعدم السماح لأي قوى خارجية في التدخل في شئون العراق الداخلية، وإقامة مجتمع ديمقراطي عادل يضمن المساواة للجميع. وأنا أعتقد أن العدالة السماوية قد تحققت في الدنيا قبل الآخرة، وأؤكد في النهاية أنه يجب على وسائل الإعلام أن تكون عادلة في نقل صورة ما يجري في العراق الآن، وأن يسمح للعراقيين أن يعيشوا بسلام كما يعيش الآخرون».
سيكون عبرة لغيره
فيما قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبد الهادي مرهون: «نأمل أن يكون سقوط هذا الطاغية نهاية لدولة الخوف والترويع التي ضلّت مهيمنة على عقول ومقدرات الشعب العراقي بكامله، وجعلته لا حول له ولا قوة، ونأمل أن يكون هذا الحادث بداية لسقوط أنظمة دكتاتورية أخرى الواحد تلو الآخر، كما يجب أن يكون درسا لجميع أنظمة الطغيان والفساد في العالم، وان على تلك الأنظمة أن تدرك أن كرامة الشعوب فوق كل اعتبار، ويشكل سقوط هذا الطاغية درسا لتلك الأنظمة المتسلطة لإعادة الاعتبار إلى شعوبها، وفرصة حقيقية للشعب العراقي الشقيق في انطلاقته الحقيقية في اعادة بناء وطنه... وطن الحضارات والتراث الإنساني الزاخر، والانفتاح على مفاهيم التعددية وتعزيز حقوق الإنسان، وإشراك الشعب في صوغ القرار السياسي، ونحن نتساءل اليوم: كم قتل وعذّب وحرق هذا الطاغوت، إلا أن سنن الكون وإرادة الشعوب هي الباقية، وعلينا أن ندرك أن القاتل سيقتل ولو بعد حين، وان طغيان صدام ليس أكبر من طغيان هولاكو والحجاج».
كذلك لم يختلف رأي زميله النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عادل المعاودة عن رأيه: «لو كان اخذ نصيحة من نصحوه ومنهم جلالة الملك لما ادخل الامة في ويلات ولكن هكذا يفعل الغرور باهله».
عيد لكل المحرومين
وبدوره أكد النائب الشيخ عبد الله العالي أن يوم أمس عيد لكل المحرومين والمظلومين في العالم: «في الحقيقة نكاد نطير من الفرح والسرور، وهذا عيد لكل المحرومين والمظلومين، ومنذ شياع نبأ اعتقال الرئيس العراقي، وهاتفي لم يهدأ من المهنئين، الذين أرسلوا «المسجات» وطرق الناس الأبواب، وخرج جزء منهم في الشارع كرد فعل عفوي وطبيعي، وتعبيرا عن ابتهاجهم بهذه المناسبة، وهناك من تنافس في إقامة الولائم فرحا بهذا اليوم العظيم، باعتقال هذا الطاغية الذي استباح شعبه والشعوب المجاورة، وحاول قدر الامكان افتعال الأزمات لأبناء أمته».
بينما تمنى النائب يوسف زينل أن يحضر إلى بغداد ليشارك العراقيين فرحتهم : «كم كنت أتمنى لو أكون في بغداد الآن لأشارك أبناء الشعب العراقي فرحته باعتقال الطاغية الذي لم يكن له مثيل في العصر الحديث، ونأمل أن يكون هذا النبأ بشارة خير لنهاية حقبة سوداء عاشها الشعب العراقي المظلوم، وبداية لمستقبل مشرق لهذا الشعب الشقيق».
جزار الخليج
رئيس المجلس البلدي في محافظة العاصمة مرتضى بدر بارك للعالمين العربي والإسلامي، وصب جام غضبه على الرئيس المخلوع: « أولا نبارك للأمتين العربية والإسلامية نبأ اعتقال جزار الخليج، وفي الواقع ان الكثير من الشعوب المجاورة وخصوصا الشعوب الخمسة (العراقي، الإيراني، الكردي، الكويتي و البحريني)، فمن كل وطن شهداء. لقد زال الكابوس الذي كان جاثما على صدر الخليج، ونحن في هذا اليوم نشارك العراقيين فرحتهم بفتح عهد جديد في وطنهم. ان خير العراق سيعم الخليج، كما عم شر عراق صدام الخليج».
فيما قال زميله رئيس المجلس البلدي في المحافظة الوسطى إبراهيم حسين: «أعتقد أنها نهاية متوقعة وان طال أمدها، ولكن المطلوب أن يأخذ من هم على شاكلته في الظلم والاستبداد العبرة، وأن يكون ذلك دافعا لهم لكي يرتدعوا عن جرائمهم».
أما أستاذ الإعلام في جامعة البحرين خيرة عياد فكان له رأي مناقض إذ قال«من حيث المبدأ كان ذلك متوقعا باعتبار أن الولايات المتحدة بسطت سيطرتها على العراق، كما رصدت مبالغ خيالية بغرض اعتقاله. لكن السؤال المطروح هو: لماذا الآن اعتقل صدام، هل ان الأمر مرتبط بحملة بوش للانتخابات الرئاسية القادمة؟ (...) وهل سيقوم الأميركان بعمل الشيء نفسه مع رؤساء الدول العربية الآخرين باعتبار أنهم صنعوا ما فعله صدام في العراق، لكني على كل حال حزين لهذا الخبر، لكونه رئيسا عربيا يتم التعامل معه بهذه الطريقة».
وكان لعضو مجلس الشورى ندى حفاظ رأي أيضا «في الحقيقة هذا اليوم عيد للعراقيين؛ لان صدام لم يكن دكتاتورا عاديا، وان هذا المصير سيفرح جميع العراقيين، وجميع العالم. وأنا بحكمي طبيبة فأول ما تلقيت هذا الخبر، استفسرت عن تحليل الجينات؛ لأني لا أثق بهذا الطاغوت الماكر. ونحن نطالب أن يكون الشعب العراقي وحده الذي يقرر مصير هذا الطاغية. وأنا لدي تفاؤل كبير، فمهما ما كان يمثله صدام للعراقيين من مصدر دائم للخوف، فإن هذا الشعب العظيم قادر على استعادة مكانته المتصدرة في التاريخ والمسيرة الإنسانية كما عهدناه دائما (...) لكن الولايات المتحدة إذا خرجت من العراق الآن من دون إقامة مؤسسات وطنية و شرعية فستكون ملامة، ولن يغفر لها التاريخ».
أما الطفلة زهراء العماني( ابنة أحد شهداء البحرين في العراق)، والتي قدمت إلى البحرين حديثا فقالت «للوسط» بكلماتها العفوية والبريئة: «ما الذي أستفيده من اعتقال صدام، ما دام فعل ما يريد عندما قتل والدي، لكنني فرحة ولكن كانت فرحتي ستتم لو كان والدي على قيد الحياة، كما ان والدتي ستأتي إلى البحرين قريبا».
المنامة - بنا
صرح مصدر مسئول بوزارة الخارجية أمس بأنه في ضوء تطورات الوضع في العراق وذلك بإلقاء القبض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين فإن مملكة البحرين ترى أن هذا اليوم يمثل فتح صفحة جديدة لعراق جديد يسير بخطى واثقة، ويقوم بدوره المنشود في مجاله العربي والإقليمي والدولي، ويعيد التلاحم بين أبناء الشعب العراقي الشقيق بروح يسودها التسامح والإخاء والوحدة الوطنية بين جميع فئات الشعب وذلك لبناء مستقبل واعد في عراق مزدهر ينعم بالرخاء والأمان ويتعاون مع جيرانه في مجالات بناء الأمن والاستقرار والتنمية.
وقال المصدر إن مملكة البحرين كانت تتمنى تجاوب الرئيس العراقي السابق مع الدعوات المخلصة التي طالبته بالتنحي لتجنيب العراق والمنطقة الأزمات والحروب.
الوسط - المحرر السياسي
لا يترك الناس فرصة للتندر على أي حدث - مهما كانت درجة جديته - إلا ووضعوه في قالب ساخر، وصاروا يتبادلونه في الهواتف الجوالة عبر الرسائل القصيرة. فما أن انتشر خبر اعتقال الرئيس العراقي المخلوع، حتى باشرت إشارات الرسائل بالرنين لتطوف مجموعة من التعليقات الساخرة، كان من أهمها «صادوه صادوه، من غير ما يدري جكوه... المرسل: الجيش الأميركي»، وعادت إلى الناس ذكريات وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف ببياناته المشهورة، فأتت إحدى الرسائل تقول: «صرح الصحاف بأن الخبر غير صحيح وأن صدام فقط يصور حلقة في مسلسل صادوه»، و«الصحاف ينفي اعتقال صدام ويقول: ما رأيتموه هو بابا نويل العراق»
العدد 465 - الأحد 14 ديسمبر 2003م الموافق 19 شوال 1424هـ