إن كل التدابير والخطط والبرامج التي تتخذها الحكومة من الزيادة في الرواتب أو مساعدة الغلاء وما تتخذه الجمعيات والمؤسسات العامة والخاصة لا تعد حلا وحيدا لمشكلة الغلاء، فإن الأزمة الاقتصادية التي يتحدث عنها القاصى والداني ومشكلة زيادة الأسعار أزمة عالمية مؤثرتا تأثيرا كبيرا في سلوكيات الأفراد وعليهم أن يغيروا كثيرا من السلوكيات والعادات السلبية التي تتسم بالبذخ والتبذير «فأكياس القمامة تشتكي عند كل بيت! وتكثير النفايات المنزلية من المواد الغير تالفة بل استغناء واستعلاء على النعمة وأصحاب الفرص يجوبون شوارعنا يوميا لالتقاط كدنا وتعبنا... تدر عليهم الأموال وهذا مظهر نراه في فرجاننا يوميا»... وكثيرا من المواد الاستهلاكية تتكدس في المنازل وكثيرا من الأبحاث تؤكد بأن تكدس المنازل بالمواد يتسبب في كثير من الأمراض المزمنة، وقفة مع النفس للتفكر والتدبر في أولويات حياتنا بعيدا عن المظاهر الكاذبة ونتعلم ونعلم أفراد أسرتنا كبيرا وصغيرا على الاقتصاد وعدم الإسراف وتحديد أولوياتنا.
فديننا الحنيف يحثنا ويأمرنا على الاقتصاد وعدم الإسراف. والمؤمن يستقبل البلاء ويتعامل معه بالصبر، ولنا في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم العطرة أسوة حسنة وديننا الحنيف يحثنا على ذلك وقد قال تعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتهم إن عذابي لشديد» إبراهيم) وعلينا جميعا كأفراد أن ننشر ثقافة الاقتصاد وتغيير العادات الاستهلاكية بين أجيالنا والابتعاد عن شراء الكماليات فالمشكلة عالمية وليس محلية.
كما أن للدولة دور هام وبارز في اتخاذ جميع التدابير التي تحمي مواطنيها من كل مظاهر الاستهلاك والإسراف وأن تشجع الإنتاج والمنتجين ليصبح الفرد المواط منتجا بدلا من مستهلك.
والتدابير الفردية كثيرة جدا لا علينا سوى أن نفكر ونفكر ونخطط فهناك حلول كثيرة نستطيع أن نواجه بها أزمة الغلاء إذا توافرت الإدارة القوية والحنكة في التدبير، ومن يبتغي الله يجد له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
يقول الله عز وجل: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأعراف)
وما أصابنا إلا ابتلاء من الله عز وجل لكي نعيد النظر في حياتنا الدنيا وفي كل تصرفاتنا وسلوكياتنا للتغيير وقد قال تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» سورة (الرعد)
لذا فأين نحن من تلك المظاهر الكاذبة؟! والأزمة العالمية تنخر في اقتصادنا الوطني.
وأين نحن من تربيتنا وتعليمنا لأبنائنا على العادات الحسنة في حياتهم اليومية بعيدا عن الإسراف والتبذير!
وكيفية المحافظة على المال الذي نحصل عليه ومعرفة كيفية إنفاقه بحكمة وتدبير فالعبرة ليست بالحصول على المال فالكل يأتيه رزقه كما قدر الله تعالي له ولكن العبرة في الإدارة والتخطيط في المحافظة على موازنة الأسرة.
حنان عبدالله الكواري
العدد 2345 - الخميس 05 فبراير 2009م الموافق 09 صفر 1430هـ