العدد 633 - الأحد 30 مايو 2004م الموافق 10 ربيع الثاني 1425هـ

«سي آي إيه» تعترف بتدريس وسائل التعذيب لانتزاع المعلومات

على خلفية فضيحة تعذيب «أبوغريب»:

يرى خبراء أن التوجه الإعلامي الأميركي العام يؤسس لكبش فداء رئيسي وإلقاء اللوم على «تصرفات فردية شاذة» كما حاول الرئيس بوش جاهدا الإيحاء به. إذ يسود في العاصمة الأميركية اتجاه لتحميل وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد مسئولية الضرر الذي لحق بسمعة وهيبة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي إلى جانب سمعة حكومة الرئيس جورج بوش على الصعيد المحلي من جراء فضيحة تعذيب الأسرى العراقيين في سجون الاحتلال الأميركي في العراق.

غير أن ما جرى الإعلان عنه إلى الآن من ممارسات وانتهاكات لحقوق وإنسانية المواطن العراقي من قبل قوات الاحتلال الأميركي - البريطاني لا يقتصر على كونه حالة معزولة بل إنها تمثل بمجملها جزءا عضويا من تركيبة وفلسفة المؤسسة الأميركية الرسمية.

ويقول هؤلاء الخبراء: إن تتبع مسألة العنف وتطوير وسائل التعذيب المستخدمة داخل المؤسسة العسكرية الأميركية وأذرعها الأخرى يجد أنها تحظى بتطوير دائم ويخصص لها موارد مالية لا تخضع لأجهزة المراقبة المعنية بذلك، إذ إنها تعود إلى صلب بنية وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ولاسيما أنها تحظى بقدر هائل من السرية وعدم الخضوع لهيئات التحقيق المنبثقة عن الكونغرس الأميركي.

وقد أقرت الـ «سي آي إيه» حديثا بوجود دليل عمل خاص بوسائل التعذيب استخدم على نطاق واسع في حقبة الثمانينات من القرن الماضي، خصوصا إبان احتدام الصراع في بلدان أميركا اللاتينية.

وذكرت صحيفة «بلتيمور صن» الأميركية أن تحقيقاتها بشأن وسائل التعذيب المعتمدة في المؤسسات الأميركية لاسيما الـ «سي آي إيه» على خلفية الصور المنشورة لتعذيب أسرى أبوغريب، تدحض مزاعم الوكالة ونفيها المتواصل بعدم وجود أسس لتدريس وسائل التعذيب التي يتضمنها «كتيب التدريب على استثمار الموارد البشرية - العام 1983» الذي يوضح كيفية ممارسة التعذيب لانتزاع معلومات ترغب الجهات المعنية الحصول عليها والتي تتضمن «إخضاع المشتبه فيه للتعري وإبقاءه معصوب العينين أثناء فترة التحقيق... وأن يجري التحقيق في غرف مظلمة ليس بها أية نوافذ، تتمتع بجدران عازلة للصوت وخالية من دورات المياه (المراحيض)».

وعمدت الـ «سي آي إيه» في أعقاب تزايد انتقادات أعضاء الكونغرس على خلفية التقارير الصحافية التي اشارت إلى تطبيق وسائل التعذيب الأميركية في دول أميركا الوسطى عامي 1984 - 1985، إلى إجراء تعديلات على الكتيب «للتوقف» عن استخدام وسائل التعذيب، لكن «التعديل لم يدخل على صوغ الكتيب الأساسية، بل تضمن صفحة إضافية، «تحذر من استخدام القوة والتعذيب النفسي، وأساليب التهديد والإهانة أو إخضاع المشتبه فيه إلى معاملة غير إنسانية».

كما أفرجت الـ «سي آي إيه» عن كتيب تدريب «سري» آخر جرى العمل به إبان الحرب الأميركية على فيتنام بعنوان «كوبارك KUBARK دليل استجواب مكافحة التجسس - يوليو/ تموز 1963» تضمن أساليب التعذيب المعتمدة التي جرى ذكرها لتؤسس لدليل التعذيب للعام 1983. ونقلت الصحيفة في معرض تبيان أوجه الشبه الكثيرة بين الكتيبين وتفاصيل أساليب التعذيب، نقلت عن أحد أعضاء وحدة التعذيب في هندوراس المعروفة باسم الكتيبة 316 قوله «إن وسائل التعذيب والاستنطاق تم التدرب عليها من قبل مدربين أميركيين».

ومن بين الأساليب المتبعة حتى اليوم، يوضح الدليل الكيفية التي تستوجب انتزاع الاعترافات المطلوبة بناء على إلحاق الألم الجسدي بالمعتقل لاسيما «أن يتم إجباره على اتخاذ أوضاع صارمة كالوقفة العسكرية أو الجلوس على كرسي صلب لفترات زمنية طويلة إذ إن مصدر الألم المباشر يقع على المشتبه فيه وليس على المحقق».

وقد دحض الصحافي الأميركي البارز سيمور هيرش من جانبه المزاعم الرسمية الأميركية التي تحصر أساليب التعذيب المعتمدة في «تجاوز قلة من المجندين العسكريين»، وعلى أنه يمثل تصرفا فرديا. مؤكدا أن ممارسة تعذيب المشتبه فيهم «تبدو شبه دائمة، وهي إحدى ثوابت المؤسسة العسكرية التي شجعت الجنود على البوح بها وعدم إخفائها». وأوضح أن تعيين القيادة العسكرية الأميركية غاري مايرز كأحد محامي الدفاع للجنود الأميركيين المتهمين بممارسة التعذيب قد يكون هدفه «لفلفة» نظرا لخلفيته كمحام دفاع عسكري إبان الحرب الأميركية على فيتنام وقيامه المرافعة عن الجنود الأميركيين المتهمين بمجازر ماي لاي العام 1968، وهو الأمر الذي جاء قرار المحكمة في صالح موكليه وبراءتهم من التهم الموجهة لهم

العدد 633 - الأحد 30 مايو 2004م الموافق 10 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً