في العام 1976 أصدر الكونغرس قانونا ينص على إنشاء منصب منسق لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية وجرى رفع مستوى هذا المنصب ليصبح بدرجة مساعد وزير. وفي العام 1994 أنشأ الكونغرس منصب المستشار الرئيسي لحقوق المرأة. وقد فرض القانون أيضا أن تأخذ السياسة الخارجية والتجارة الخارجية الأميركية في عين الاعتبار مدى احترام الدول لحقوق الإنسان وحقوق العمال وأن تقدم تقارير الدول إلى الكونغرس على أساس سنوي.
كيف تُعدّ التقارير؟
في العام 1993 عزز وزير الخارجية جهود حقوق الإنسان في السفارات الأميركية بالطلب من كل الأقسام المساهمة في جمع المعلومات وتأكيد صحة التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وتجددت الجهود لربط برامج البعثات الدبلوماسية بتقدم حقوق الإنسان والديمقراطية.
وفي العام 1994 أعادت وزارة الخارجية تنظيم مكتب حقوق الإنسان والشئون الإنسانية، وأعادت تسميته بمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل. وعكس هذا التحرك نهجا أوسع وأشمل، مركزة بدرجة أكبر على التشابك في مسائل حقوق الإنسان، وحقوق العمال، والديمقراطية.
وتمثل التقارير السنوية عن ممارسات البلدان لحقوق الإنسان، والتي تُشكِّل جزءا من هذا الجهد، الجهد المتواصل لهذا المكتب في رفع التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان. وهذه التقارير تعكس عمل المئات من موظفي وزارة الخارجية وغيرهم من موظفي الدوائر الحكومية الأميركية في واشنطن والخارج.
البعثات الدبلوماسية الأميركية في الخارج التي أعدت المسودات الأولية للتقارير جمعت المعلومات خلال العام من مجموعة متنوعة من المصادر عبر مجمل الطيف السياسي. وشملت هذه المصادر موظفين حكوميين، قضاة، مسئولين في القوات المسلحة، صحافيين، راصدين لحقوق الإنسان، أكاديميين وناشطين عماليين. إن عملية جمع المعلومات قد تنطوي على بعض المخاطر، ولذلك فإن موظفي الخدمة الخارجية الأميركية يبذلون، وبشكل منتظم، أقصى جهودهم في ظروف مرهقة وخطرة أحيانا، للتحقيق في تقارير انتهاكات حقوق الإنسان، رصد الانتخابات ومساعدة الأفراد المعرضين للأخطار، كالمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين تهدد حكوماتهم حقوقهم.
بعد إنجاز مسودات هذه التقارير، تقوم البعثات الدبلوماسية في الخارج بإرسالها إلى واشنطن لمراجعتها من جانب مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، بالتعاون مع مكاتب أخرى تابعة لوزارة الخارجية. وخلال عملهم في تأكيد دقة وتحليل وتحرير التقارير بشكلها النهائي، يلجأ موظفو وزارة الخارجية إلى مصادرهم الخاصة للحصول على معلومات. شملت هذه المصادر التقارير التي زودتها المجموعات الأميركية وغير الأميركية لحقوق الإنسان، المسئولين في الحكومات الأجنبية، الممثلين عن منظمة الأمم المتحدة، المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى، والخبراء من الأوساط الجامعية والإعلامية. تشاور المسئولون أيضا مع خبراء في شئون حقوق العمال، مسائل اللجوء، المواضيع العسكرية، مواضيع قوات الشرطة، مسائل المرأة والشئون القانونية. وكان المبدأ الموجه في كل هذا هو ضمان تقييم جميع المعلومات بصورة موضوعية، وكاملة، ومنصفة.
ستستخدم التقارير الواردة في هذا المجلد كمصدر لصياغة السياسة، وإدارة الدبلوماسية، وتقديم المساعدة والتدريب، وتخصيص الموارد الأخرى. كما ستستخدم أيضا كأساس لتعاون الحكومة الأميركية مع مجموعات خاصة لتعزيز احترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليا.
وتغطي تقارير ممارسات البلدان لحقوق الإنسان الحقوق المدنية والسياسية والعمالية المعترف بها دوليا، كما ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. تشمل هذه الحقوق حق الإنسان في أن لا يُعرّض للتعذيب أو للعقوبات أو المعاملات اللاإنسانية أو الوحشية أو المهينة، كما الحق بأن لا يتم احتجازه لوقت طويل من دون توجيه تهمة معينة له، والحق بأن لا يتم القبض عليه وإخفاؤه أو حجزه تعسفا، والحق بأن لا يتعرض لانتهاكات صريحة أخرى لحقه في الحياة، والحرية والسلامة الشخصية.
وتسعى حقوق الإنسان العالمية إلى دمج احترام كرامة الإنسان في عمليات الحكم والقانون. لكل فرد حق التمتع بجنسية، والحق غير القابل للتصرف في تغيير حكومته بالوسائل السلمية، وبالتمتع بالحريات الأساسية، كحرية التعبير، والاجتماع، والتجمع، والتحرك، وممارسة الدين من دون أي تمييز بسبب العرق، أو الدين، أو الأصل القومي أو الجنس. وكذلك فإن الحق في الانضمام إلى نقابة عمالية حرة شرط ضروري لقيام مجتمع واقتصاد حر.
وهكذا، فإن هذه التقارير تُقيّم حقوق العمال المعترف بها دوليا من ضمنها حق التجمع، وحق التنظيم والتفاوض الجماعي، وتحريم العمل القسري أو الإجباري، وتحديد وضعية ممارسات تشغيل الأطفال، والعمر الأدنى لعمالة الأطفال، وظروف العمل المقبولة.
العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ