قرر «ناشط حقوقي» مُبتدأ تأسيس جمعية حقوقية جديدة، ومن فرط تحمسه أخبر الجميع عن فكرته، بمن فيهم أعضاء الجمعيات الحقوقية الأخرى.
اعتبر «محاربة القوانين المقيدة للحريات/ قانون العقوبات، التجمعات العامة الجديد، قانون الجمعيات»، هدفا أساسيا لتأسيس جمعيته الوليدة!. ظن نفسه سوبرمان حقوق الإنسان الأوحد في البحرين، أخذ ينسج الأحلام تلو الأحلام عما سينجزه، وعن نيته بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وعن اهتمامه بالدورات التدريبية وصنع النشطاء الحقوقيين المتمرسين، وعزمه بالتنسيق مع الجمعيات الأخرى، وغيرها من الأمنيات الواقعية وغير الواقعية.
قرر عقد اجتماع بأصحابه لتعريفهم بمشروعه، وعما يريد القيام به، وعن أهدافه العملاقة، فراح يوزع النشرات على من يعرفهم ومن لا يعرفهم، كما أرسل الكثير من الرسائل الالكترونية، للدعوة للاجتماع التعريفي، فنبهه أحد أصحابه لضرورة أخذ ترخيص من المحافظ قبل عقد هذا الاجتماع وذلك حسب المادة (5) من قانون التجمعات الجديد، إلا أن الناشط بدا واثقا من نفسه، و قال لصاحبه: «لستُ بحاجة لتحذيراتك... لقد حسبتها قبلك، فهذا الاجتماع «خاص» وليس «عام»، كي أخذ ترخيصاً عليه»، ولكن فات «الناشط» الفطن، إن المحافظ قد يستغل عدد الدعوات الكبير، ليعتبر هذا الاجتماع عاما وليس خاصا، إذ أن المادة (2) من القانون تترك للمحافظ تقدير ما اذا كان الاجتماع عاما أو خاصا، ما يعني السماح لقوات الأمن بفض الاجتماع كونه غير مُرخص، وغير قانوني!
وضع «الناشط» يده على رأسه بعد أن انتبه لتلك الحقيقة، إذ إن استمراره في الدعوة لاجتماع غير مُرخص سيؤدي الى عقابه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 500 دينار حسب المادة (22).
امتثل «الناشط» لهذا القانون رغبة منه بعدم الاصطدام بالحكومة منذ البداية، واثبات حسن نواياه الطيبة، وبالفعل طلب ترخيصاً، وأخبر المحافظ بأنه يود الاجتماع بأصدقائه اجتماعا «عاما»، ليتبادل معهم أطراف الحديث بشأن ضرروة تشكيل جمعية رفق بالحيوان في البحرين، كون البلاد لا تحوي إلا جمعية واحدة من هذا النوع، انطلت خدعته تلك على المحافظ، إلا ان المحافظ ولأنه ملتزم بالقانون فاجأه بضرروة تطبيق المادة (6) التي تستوجب ارفاق نسخة من المواد المطبوعة أو المسموعة أو المرئية التي ستوزع في الاجتماع، وليس الاكتفاء بالشرح الشفوي كما اعتقد صاحبنا الناشط.
استشاط الناشط غضبا وقرر أن يتظاهر في مسيرة «حمير» سلمية، إذ لم يغب عن باله أن المادة (20) من القانون تنص على أنه «لايجوز استعمال المركبات في أية مسيرة أو مظاهرة أو مكان تجمع، إلا بأذن خاص من وزير الداخلية»، ودعا كل من لا يملك حماراً لعدم المجيئ للمسيرة، وذلك لإثبات حسن النوايا، وعدم مخالفة القانون
العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ