بكرامته (هذا الإنسان) تحلو معيشته وترتفع هامته بشرف، فإن فقدها قد يفقد الكثير وخصوصاً سمعته في مجتمعه. يحرص هذا الإنسان على ان يكون مثالياً في عمله وهو يؤديه بإخلاص فلاشك في أنه سيربح ويرتاح ضميره وبذلك استطاع ان يربي أولاده ويحافظ على أسرته لينشئ منها جيلاً عاملاً مثله. تعودنا دوماً أن نرى هذا الإنسان داخل مكتبه مبكراً قبل الدوام الرسمي على الأقل بربع ساعة يستقبل المراجعين حتى ينهي معاملاتهم مسرورين به تحفه الدعوات الحارة وخصوصاً ممن لا يعرفونه ولا يعرفهم وبذلك وبلاشك فقد كسب الأجر العظيم ولا يغادر مكتبه إلا بعد نهاية الدوام الرسمي بربع ساعة.
احترمه الكثيرون في الكثير من المجالس والأماكن العامة معززاً مكرماً أينما حل واينما كان، فكل إنسان له الشرف ان يكون بجانبه لأنه إنسان بحق وحقيقة، لم يجعل الأبيض أسود ولا العكس مثلما يفعل أناس ذوو وجوه ملتوية وهم لا يفرقون بين الحلال والحرام، وهذا ما حرمه الله المولى العلي القدير. عبثوا حتى بمقدرات المال العام، فمن مقعده (الذي هو أكبر منه) جعل من رصيده في المصارف لا يعادله أي رقم من الأرقام ولكن رصيده في مجتمعه لا يساوي أي شيء من السمعة.
انتهز الفرصة حين استخرج وثيقة تخص المال العام وباقتطاع قطعة كبيرة لولده لكن في ذمة من أعطاه الضوء الأخضر. فقد كان بإمكانه ان يختار موقعاً آخر وهو خالٍ ولكن دناءته هي التي جعلته هكذا، فهذه حقيقة ليست من الخيال والتي أسردها وان أراد المسئولون ان أوضح ذلك فسأوضح الموقع وعلى أي شارع من شوارع العاصمة لكي يسعوا هم إلى كثير من العوائل الذين مازالوا ينتظرون دورهم في وزارة الإسكان ما يقارب العقد ونصف العقد أو أزيد. كثيرة هذه الأشياء التي تراكمت عبر عقود من الزمن، والفساد الإداري والمالي في غالبية الوزارات يعشعش من دون حسيب أو رقيب. ففي عهد الإصلاح وعلى يد الملك المفدى انكشف غالبية المستور. انظروا ما نقرأه في الصحف عن وزارة الإسكان وبنك الإسكان وعن بعض المصارف وهيئتي التقاعد والتأمينات. لابد ان تكون هناك ضوابط ومراقبة ومحاسبة وخصوصاً لمن يعبث بأياديه القذرة والعابثة التي تخص المال العام. عبر عقود مضت لم نسمع عن أشياء تخل بالأمن ولا بالآداب ولا حتى بالسرقات الكبيرة مثلما سمعنا وقرأنا عنها من خلال الصحف اليومية. لم نسمع عبر عقود مضت ان ثمة إنساناً قد فارق الحياة بأن يحقن نفسه بإبرة ضارة ومخدرة. مع الأسف الشديد ان من يروج تلك المحرمات والممنوعات معروفون من قبل شرطة الآداب والمباحث ولا ندري لماذا هي صامتة عنها؟! اللهم احفظ هذا البلد بأرضه وترابه يا أرحم الراحمين.
عبدالرحمن راشد القصاب
العدد 818 - الأربعاء 01 ديسمبر 2004م الموافق 18 شوال 1425هـ