حذَّر التقرير - الذي أعدته شركة «بوسفورد هسكونينغ» بشأن المراجعة البيئية للمناطق المقترحة للتجريف في إطار مشروع تطوير بندر السيف لتوسيع المنطقة الساحلية وإنشاء مناطق سكنية وترفيهية بما في ذلك مجمعات متوسطة إلى عالية الارتفاع ومحلات ومراسٍ ومرافق ترفيهية - من أن تتأثر جزيرة الساية بأعمال التجريف التي تتم في المنطقة وخصوصا لأهميتها الثقافية والتراثية، ناهيك عن كونها مصدرا للمياه العذبة الطبيعية.
كما حذر التقرير، الذي سلمته وزارة الأشغال إلى لجنة التحقيق البرلمانية في الدفان، من تعطل هجرة الروبيان في موقع التجريف، ومن خطورة إمكان تأثر المياه الجوفية من خلال تصريف النفايات السائلة وإقحام المياه المالحة ومستوى المياه الجوفية أثناء الإنشاءات، وأنه يمكن تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى عن طريق تقييد عمليات التجريف بأعماق محددة متفق عليها.
فيما سيتسبب الاستصلاح، بحسب التقرير، في تدمير شامل لأية بيئات حيوية داخل مساحة التطوير.
ويمتد موقع الاستصلاح في المشروع، 1 كليو متر غرب التسوية القائمة بالبسيتين، وتبلغ مساحته 8.27 كيلو مترات مربعة كإجمالي (8.27 ملايين متر مربع)، فيما تبلغ كمية المواد المجروفة 16 مليون متر مكعب.
أما طريقة التجريف فتتمثل في استخدام جرافة قاطعة لإنشاء قناتين مائيتين عميقتين في المناطق «I» و»G»، وتسهل هذه القنوات الملاحة لجرافات الشفط القاطرة (هوبر) والتي تجمع المواد من المناطق الخارجية وتنقلها وتصبها في موقع الاستصلاح.
ويهدف التقرير إلى تقدير الحساسية البيئية لمناطق التجريف المقترحة وتقديم توصيات بما إذا كان يجب السماح بعمليات التجريف لأسباب بيئية، وتم رفض مناطق التجريف موضوع الدراسة مبدئيّا من قبل هيئة حكومية مختصة، وهي إدارة الموارد البحرية، بيد أن المالك طلب إجراء الدراسات المسحية البيئية لتأكيد النتائج الأولية للموارد البحرية. وقد تم تحديد أهداف رئيسة لهذا التقرير تمثلت في التعرف على أثر عمليات التجريف المقترحة على البيئة البحرية في المنطقة، والمتمثلة في ضمان أن تكون عمليات التجريف تجري بأقل ضرر ممكن، والتوصية باتخاذ أفضل التَّدابير لتخفيف الآثار البيئية وصياغة خطة عمل لأي أثر سلبي متعلق بالبيئة البحرية ينشأ نتيجة عمليات التجريف.
كما أكد التقرير أن تدابير التخفيف من الآثار البيئية الواردة فيه، غير مجدية إلا إذا تم إدخالها بالكامل ضمن شروط عقد التَّجريف ورصدها بعناية من قبل هيئة أو مؤسسة معتمدة، أي أن يكون التخفيف إجباريّا.
وكشف التقرير عن أن الآثار السلبية المحتملة التي يمكن أن تؤثر سلبيّا على البيئة الحيوية بالمنطقة، هي الفقدان المباشر لجميع المواطن والأنواع الحيوية في حال المد والجزر، كالتجمعات والكائنات الحية القاعية ومصائد الأسماك بما في ذلك الروبيان، أينما يتم التجريف والاستصلاح.
أما الآثار غير المباشرة، فتتمثل في الاختناق والدفن للمواطن الحيوية والأنواع المدية حول مناطق التجريف والاستصلاح. كما أن زيادة الرواسب العالقة في الأعمدة المائية تسبب زيادة التعكير وتقليل شفافية المياه ما يمكن أن يؤثر على الحيوانات السابحة على المدى القصير بالإضافة إلى انسداد الجهاز التنفسي وآليات التغذية للكثير من الكائنات، وانخفاض في اختراق الضوء نتيجة زيادة التعكير قد ينتج عنها خفض الإضاءة ومن ثم التوالد الأساسي.
أما بشأن البيئات الحيوية التي ستتأثر، فأشار التقرير إلى أنه في موقع التجريف تم فصل مناطق الاستعارة إلى منطقتين «أ» و»ب»، وقاع البحر في المنطقة «أ» ذو مواد لينة تتألف من الرمال والطين لأكثر من متر عمقا في بعض الأماكن وتوجد بقع متفرقة محدودة من الأعشاب البحرية ويتراوح عمق المياه بين 6 و11 مترا. وتتألف المنطقة «ب» من مواد صلبة مع طبقة محدودة (5-30 سم) من الرمال العادية على القمة وعمق المياه يقارب 10-11 مترا.
أما في موقع الاستصلاح، فسيتأثر الشاطئ، ومنابت الأعشاب البحرية ومناطق الحضانة المحتملة للروبيان ومناطق الصيد والفشت وغيرها من المناطق الجزرية.
كما أشار التقرير إلى عدم وجود أعداد كبيرة من الأسماك في موقع التجريف، إلا أن أية أسماك موجودة يجب نقلها إلى المواطن المحيطة وتشمل الأنواع الأخرى التي قد تتأثر، الروبيان المهم تجاريا في المنطقة «ب» والذي يتنقل بين مناطق التجريف كجزء من أنماط هجرته.
بينما أكد التقرير أن الروبيان، المحار، أنواع الأسماك التجارية، الأعشاب البحرية، طيور التغذية والطيور المائية، ستكون مهددة في موقع الاستصلاح.
ولفت التقرير إلى أن تعطل هجرة الروبيان في موقع التجريف سيشكل أثرا كبيرا.
وأشار التقرير إلى أن البيئة القاعية والتجمعات الحيوانية ستهلك نتيجة أعمال التجريف، ويشمل ذلك التجمعات النباتية الكبيرة بما في ذلك تعداد محدود من الأعشاب البحرية (إتش أوفاليس وإتش يونينرفس) وتجمعات محدودة من الطحالب (بادينا إس بي، الكولبمونيا، سبيرديا فيلامنتوسا، افرينفيلي أس بي، الخ)، كما ستتأثر التجمعات الحيوانية وتشمل Polychaete Worm Penereneirs وأنواع من رخويات البيفالف.
وقال التقرير: «من الممكن أن نتوقع أثرا كبيرا إذا تم التجريف خلال الشهور من مايو/ أيار – سبتمبر/ أيلول، إذ تشهد هذه الفترة من العام هجرة الروبيان (بي سيميسيو لاكتوس) المهم تجاريّا وإذا تم التجريف عندئذ فإنه من المرجح أن تهلك أعداد كبيرة من الروبيان».
وأضاف التقرير «في موقع الاستصلاح، جميع النباتات والحيوانات المدية والجزرية داخل مساحة الموقع المستصلح وباقي النباتات والحيوانات ستتأثر بتدفقات الرواسب وأنشطة الإنشاء داخل مساحة الدراسة».
وفيما إذا كان لهلاك هذه الكائنات تبعات بيئية سلبية، ذكر التقرير أنه في مناطق التجريف المقترحة لا تعتبر مناطق غنية بيئيّا وبالتالي فمن غير المتوقع أن تكون هناك تبعات بيئية كبيرة للتجريف على النباتات والحيوانات الدائمة بهذه المناطق، بيد أن تعطل الهجرة السنوية للروبيان ستكون له تبعات بيئية شديدة وخاصة التبعات الاقتصادية والاجتماعية، أما في موقع الاستصلاح، فحذر التقرير من فقدان مباشر للتنوع البيولوجي على المستوى الموضعي.
أما بشأن آثار العمل على النباتات والحيوانات في الموقع والمنطقة المحيطة، فأشار التقرير إلى أنه من غير الممكن التنبؤ بدقة اتجاه أعمدة الطمي الناتجة من أعمال التجريف، ولكن تدفقات الطمي ستؤثر على البيئة المجاورة من خلال خفض الإضاءة وبالتالي الطاقة الضوئية لتجمعات الطحالب والأعشاب، ناهيك عن أن زيادة نسبة المواد الصلبة العالقة يمكن أن تؤدي إلى انسداد آليات التغذية والتنفس لعدد من الأنواع النباتية.
كما أكد التقرير أن الحياة البحرية ستتأثر بشكل شديد، ولكن النباتات والحيوانات الأرضية غير موجودة بكميات كبيرة أو متنوعة.
وفيما يتعلق بتأثر غذاء الحيوان، أكد التقرير أن الأنواع النباتية الرئيسية الموجودة داخل مناطق التجريف تتألف من الفتات والمغذيات الفلترية، وعلى هذا النحو فإن جزءا من الطعام يبقى معلقا داخل أعمدة المياه وربما يبتعد بمسافات عن مناطق التجريف، وأن الرخويات الراعية تتغذى على أغشية الطحالب الدقيقة والطحالب وحيدة الخلية الموجودة إما في أو على قاع البحر، وأنه من المتوقع أن يزيل التجريف جزءا من موارد التغذية هذه ولكن عودتها متوقفة على نوع المادة الناتجة. أما في موقع الاستصلاح، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تعطل سلسلة الغذاء الحيوي من الإنتاج إلى الاستهلاك.
كما أشار التقرير إلى أن مناطق التجريف المقترحة تتكون من بيئة رملية ساكنة تفتقر إلى الصخور والشقوق وأنواع كبيرة كافية من الحيوانات ومن ثم ستكون خسارة المواطن الحيوية مقصورة على أنواع البيئة الحيوية القاعية، كالنقب ذوات الصدفتين وديدان البوليشايت، ومن غير المتوقع أن تكون هذه الخسارة ذات أثر كبير. فيما سيتسبب الاستصلاح، بحسب التقرير، في تدمير شامل لأية بيئات حيوية داخل مساحة التطوير.
وبشأن المشكلات التي ستنشأ من فقدان مصائد الأسماك، أوضح التقرير أنه خلال المسح البيئي للمناطق لوحظت أنشطة صيد محدودة تألفت من حظور صيد جرجور موجودة جهة الشمال من كلتا منطقتي التجريف، ولم تلاحظ أنواع سمكية لها أهمية تجارية خلال عمليات المسح ومن ثم فإنه من غير المتوقع أن يكون الأثر على الأنشطة السمكية كبيرا، وأن المسألة الأساسية هي استخدام المنطقة كمسار رئيسي لهجرة الروبيان.
وتوقع التقرير أن يشهد موقع الاستصلاح فقدان مواقع الهبوط ومناطق التربية المحتملة للروبيان والأسماك، وتدميرا واسع النطاق لمناطق المد الضحلة الخصبة التي تدعم المصالح السمكية.
أما بشأن المشكلات الناتجة على سبل العيش للصيادين، فأشار التقرير إلى أن فقدان مصائد الأسماك الزعنفية من غير المرجح أن يكون مؤثرا بشكل كبير ولكن الأثر على مصائد الروبيان سيكون ذا أهمية كبيرة، فيما سيكون لها أثر ضئيل على الجراجير تجاه المناطق الشمالية، ولن تؤثر على المرسى.
أما الموقع المستصلح، فسيتسبب في إزالة عدد من الحظور، وتأثر الجراجير تأثرا ضئيلا، ونقل أماكن الهبوط ومراسي القوارب.
ولتقليل الآثار المحتملة، اقترح التقرير إنشاء مواطن بيئية بما في ذلك حواجز اصطناعية، والقيام بالعمل على مراحل للمساعدة على إعادة الاستعمار، وتخطيط أنشطة التجريف بحيث تتجنب الأوقات الحساسة من العام (أي موسم الهجرة من مايو/ أيار إلى سبتمبر/ أيلول)، وتقليل نوبات العمل الليلية.
وفيما يتعلق بالتحكم في المياه والموارد البيئية، فأوضح التقرير أن الصيد التجاري يتم على نطاق ضيق داخل كيلو متر واحد، ومرفأ الصيد الشراعي بميناء المنامة على بعد 4 كيلومترات، وقناة ملاحية على بعد 500 متر، إضافة إلى الدخول عبر جسر الشيخ عيسى.
وأكد التقرير أن هذه الأمور يمكن أن تتأثر بالطمي أو تغير تدفق المياه بسبب المشروع.
ونوه التقرير إلى أن جزيرة الساية، والتي لها أهمية تتعلق بقضايا ثقافية وتراثية، ناهيك عن كونها مصدرا للمياه العذبة الطبيعية، مهددة بالتجريف والتطوير وينبغي المحافظة عليها.
وحذر التقرير من خطورة إمكان تأثر المياه الجوفية من خلال تصريف النفايات السائلة وإقحام المياه المالحة ومستوى المياه الجوفية أثناء الإنشاءات، وأنه يمكن تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى عن طريق تقييد عمليات التجريف بأعماق محددة متفق عليها.
كما أكد التقرير أن عدم إتاحة سجلات بئرية لهذه الدراسة، لم يمكن من الإبلاغ عن أعماق التجريف المتفق عليها لضمان عدم حدوث أضرار في النيوجينية أو الطبقات الجيولوجية، وأن هذه القضية الكبرى هي إحدى القضايا التي تم لفت انتباه المالك إليها.
أما بشأن الخطط لتجنب أو تخفيف الآثار المحتملة، فدعا التقرير إلى الحد من التراكمات المحتملة للمواد الخطرة أثناء الإنشاء عبر استخدام أنظمة الالتقاط الآمنة، وتدريب الأفراد في الموقع، وإتاحة مرافق لاستيعاب النفايات في الموقع، وأن حل مشكلة التجريف الذي يستحث التعكير والرواسب المعلقة يتطلب اختيار منهجيات وأساليب التجريف بعناية.
كما أكد التقرير أن احتواء المياه الجوفية، يتطلب إدارة الموقع بكفاءة لمنع وحماية طبقة المياه الجوفية بإنشاء منطقة استثناء لحظر أنشطة التجريف وتنشيط برامج لتنظيف الرواسب ووقاية كافية لأية خزانات بالموقع.
العدد 2390 - الأحد 22 مارس 2009م الموافق 25 ربيع الاول 1430هـ