قبل ما يقارب الشهرين اتفقت أنا وعدد من أصدقائي أن نزور جزر حوار وذلك لتغيير الجو كما يقولون، وكمتعة بهذه الجزيرة التي طالما سمعنا عنها ولم نرها قط. .. وفعلا زرنا جزيرة حوار وفي خيالنا الكثير والكثير عنها فمنا من قال سأبدأ بصيد السمك، إذ من المؤكد أن هذه الجزيرة غنية بالأسماك وأنها تتوافر بكثرة في هذه المنطقة، والآخر قال سأسبح في البحر فبالتأكيد البحر سيكون نظيفا، وآخر قال: أما أنا فسأتمتع بالمناظر الجميلة على هذه الجزيرة، وواحد آخر قال بالتأكيد إن كل ما قلتموه متوافر وأنا متحير بماذا أبدأ؟
وصلنا جزيرة حوار وبدأت أحلامنا تتلاشى شيئا فشيئا ففور وصولنا بعد نحو الساعة والنصف ساعة وجدنا أنفسنا في جزيرة شبه مهجورة، لا توجد بها غير الغزلان من الحيوانات، يصعب عليك صيدها، والبحر مليء بالحجارة والطين الثقيل فلا يصلح للسباحة، ولا تجد ما هو مختلف عن باقي المناطق البحرية في البحرين، والذي ضايقنا كثيرا المسجد الذي بدا كالكهف المهجور، إذ قامت مجموعة ممن يحبون الصلاة ولا ترضى بأن يساء إلى أماكن العبادة بتنظيف المسجد وترتيبه للمصلين "آجرهم الله"... والهواتف العمومية البرتقالية اللون، التي تعود إلى "زمان لول"، مكسورة وفي حال يرثى لها... فهل قطاع السياحة على علم بكل ذلك، وخصوصا أننا من الدول المهتمة بالسياحة؟!
المشكلة ليست في "حوار" فقط، فهناك شجرة الحياة التي يأتي الزوار من كل أنحاء العالم لرؤيتها فتصيبهم الدهشة حين يجدونها شجرة وحيدة محاطة بالقاذورات وليس لها شارع ولا لوحة تاريخية وكل ما يوجد سور صغير محاط بالشجرة... أذكر مرة أن أحد الزوار الإيطاليين سأل صديقا لي عن هذه الشجرة فقال له إنها تبعد حوالي الساعة إلا ربع الساعة عن المنامة فطلب الذهاب إليها وعند وصولهما إليها وما إن بادره صديقي بالإشارة إلى أن هذه هي الشجرة نظر إليه بدهشة وقال: "هل هذه التي يتكلمون عنها؟! أرجوك دعنا نرجع ولا تضيع وقتي، إذ كنت أتوقع أنها شجرة تقع في منطقة جميلة، نظيفة، ورائعة"... وأنا من مؤيدي هذا السائح فيما ذهب إليه، فالمفروض أن تحاط هذه الشجرة وتزين وتكون وسط حديقة كبيرة، مليئة بألعاب الأطفال، لأن أطفالنا ملوا المنامة والمحرق، وبحاجة إلى تغيير، فهل في ذلك أية صعوبة؟
وإذا جئنا إلى الأسواق الشعبية في المنامة والمحرق، في الرفاع أو مدينة حمد أو غيرها من مناطق البلاد نجد أنها جميعها تفتقر إلى دورات المياه، والذي يحتاج إلى ذلك يجب أن يبحث عن أقرب مجمع في طريقه وإلا "عفس الدنيا" وخصوصا الأطفال الذين يصعب عليهم تحمل ذلك، فهل فكرت إدارة السياحة في ذلك؟
بصفتي بحرينيا مهتما بالسياحة وبما يخدم بلدي ويرفع من شأنه ويبقي صورته شامخة في ذهن كل من يزوره أو يسمع عنه أتمنى مراعاة كل الأمور التي ذكرتها وغير ذلك مما غاب عن الذهن أو عجزت المساحة عن احتوائه للارتقاء بسياحة بلدنا وأنا على يقين بأن إدارة السياحة ستهتم بذلك وفي أقرب وقت ممكن، لكي لا نضطر إلى الكذب على من يسألنا عن شجرة الحياة أو غيرها والقول إننا سمعنا بها، ولكن لا ندري أين تكون!
عارف حسن
العدد 1008 - الخميس 09 يونيو 2005م الموافق 02 جمادى الأولى 1426هـ