العدد 1010 - السبت 11 يونيو 2005م الموافق 04 جمادى الأولى 1426هـ

المصلحة الوطنية

إن من أهم ضرورات النجاح في أية مؤسسة أو مجتمع أو كيان أو حتى دولة هو أن تكون النفوس راضية مطمئنة، لا تشعر بغبن أو ظلم، أو خوف من اعتداء، أو تجاوز، فالعلاج النفسي أو الاطمئنان النفسي هو الركن الأساسي والمهم لسيرورة الحياة في كل شيء، وإذا نظرنا إلى تاريخ الأنبياء والمرسلين وجهادهم مع الناس لهدايتهم، نلاحظ أنهم أول ما يبدأون العلاج والهداية بالنفوس، فإذا تغيرت النفوس من الداخل، أصبح لديها الاستعداد التام لقبول النصح والارشاد، والهداية، والسير على خط هذا النبي أو ذاك المرسل، ولدينا أكبر دليل نبوة محمد "ص" وكيف عاش مع أولئك القوم في الجاهلية وبعد المحاولات الكثيرة والمستميتة لهدايتهم، إذ لم يهتد معه النفر القليل، وذلك بسبب تلك النفوس الغليظة والمملوءة حقدا وعداوة على بعضها بعضا، فكل قبيلة أو مجموعة تحاول أن تغير وتغزو الأخرى لتستولي على ما تملك من نساء وحيوانات وعشب وماء، فروح العداوة والبغضاء وشعور النفوس بالغبن هو الذي منع وصول كلام الرسول "ص" إلى عقلية الناس في ذلك المجتمع، حتى تدخلت العناية الإلهية في ذلك فخاطبت الرسول "ص" بقوله تعالى: "لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم" "الانفال: 63" فقد تدخلت العناية الإلهية وأنزلت الحب في القلوب بدلا من العداوة والبغضاء ونزلت البركات وانفتحت العقول وتحول ذلك المجتمع الذي يعيش الظلام إلى مجتمع يشع منه النور وتنتشر بينه الخيرات، خيرات الإيمان والطمأنينة، هكذا رأينا كيف تؤثر النفوس في بناء المجتمع، ونحن عندنا في مملكة البحرين قضايا ومشكلات تحتاج إلى حل وأهم ملف هو "ملف ضحايا التعذيب" في حوادث التسعينات، وبما أن لهذه القضية لجنة مشكلة وقد حصلت على اعتراف المجتمع بها تقريبا، وهي مقدرة من قبل أهالي الضحايا، فلابد من تقويتها وإسنادها حتى تتمكن من حل القضية مع الجهات الحكومية، ولا يجوز إضعافها أو تشكيل لجنة أخرى ما يضيع القضية، أو يطول مدة حلها، ونحن في أمس الحاجة إلى حلها بأسرع وقت ممكن، حتى ندخل الطمأنينة والراحة في نفوس شريحة كبيرة من المجتمع، وننشر مبدأ العدل والمساواة بين نفوس أفراد المجتمع كافة، حتى يسهموا جميعا في بناء هذا الوطن العزيز، فمن دون حصول هذه الراحة النفسية لن يكون هناك بناء كامل في المجتمع، كما أن حل هذه القضية محليا أفضل من انتقال الملف إلى جهات دولية خارجية أجنبية، ما يعقد المسألة ويجعلها تأخذ أبعادا أخرى، فالمفروض على العقلاء في هذا البلد الإسهام والمباشرة العملية في حل هذه القضية بروح وطنية صادقة بعيدة عن المجاملة أو أي أمر آخر، فإن النية الحسنة تظهر آثارها على العمل، ويبارك فيها الله سبحانه وشتعالى، فلنعمل جميعا على خدمة هذا الوطن ونبتعد عن تلك الآراء الشاذة والأفكار الغريبة ونعمل على تسهيل الأمور، وإدماج أسر الضحايا في المجتمع بتعويض أبنائهم بما يناسب من أمور مادية ومعنوية. حتى يرتفع الغبن من النفوس، وتعود أجواء الفرح والسرور إلى أبناء الوطن كافة، وكلنا يتذكر تلك الأيام التي أصدر فيها جلالة الملك العفو، كيف عاش الناس، فالتجربة الجميلة مازالت عالقة في أذهاننا وهذا ما نتمناه فهل يتحقق؟

عبدعلي التناك

العدد 1010 - السبت 11 يونيو 2005م الموافق 04 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً