أتى العيد ليكون يوم فرحة لأهل الأرض يشاركهم أهل السماء ابتهاجهم وسعادتهم فلاتزال الملائكة منشغلة بالدعاء والاستغفار للذين آمنوا واتقوا، لنيل رضا الله عنهم... وأحلى نهار هو نهار يوم العيد، فكأنما السماء لبست ثياباً جديدة وتزينت، وكست الأرض بكرمها المعهود.
ومن آثار وسائل التكنولوجيا الحديثة والتطور (شبكة الإنترنت) التي انعكست سلبياً على سلوك فئة كبيرة من الناس في إحياء فرحة العيد... فمنهم من يكتفي بإرسال بريد إلكتروني أو رسالة هاتفية قصيرة؟! فيا ترى أين هي فرصة الاجتماع والتآلف من جديد بعد تقطع صلة الرحم بتذوق لذة الاجتماع الأسري ومصافحة القريب والبعيد وتهنئته احتفالاً بفرحة العيد الحقيقية مطرزة بابتسامة فخر وشكر لله سبحانه وتعالى على أن بلغنا شهر رمضان وأسعدنا بالمشاركة في أفراح العيد؟!
وبعضنا يقول: (كل عام وأنت بخير)... عبارة يتيمة متكررة زادت من وحشة عمرها، ورمتها عند جدول شحيح المياه... ما فائدة الكلام الذي يرد عبر أسلاك ميتة لا نبض فيها؟! تريدهم قربها دائماً، أرواحاً تتحرك، وأنفاساً ساخنة تدفئ صقيع الأيام.
والبعض الآخر لم يحس بطعم وفرحة العيد... إذ أبعدتهم الغربة عنها، والغربة جاحدة وقاسية وربما لم يزرهم أو يطرق بابهم أحد، إذ اكتفى البعض منهم بمعايدات هاتفية أو إلكترونية!
وبعضكم أيضاً لم يحس بذلك الطعم الرائع بسبب ظروف عمله المتواصل مثل من يعمل في الطوارئ والإنقاذ أو الدفاع المدني والشرطة أو في المستشفيات أو الصحف اليومية وغيرها.
ولم يحس شعب العراق وفلسطين أيضاً بفرحة العيد الممزوجة بالفرح والحزن العميق... وهذه حال قصة المسلمين... قصة شعب يصلي ويفرح بين أصوات مصاحبة تعودها خلال كل عيد... وشعب لم تمنعه المدافع والدبابات وطلقات النار وصرخات الأطفال من ممارسة وإحياء العيد.
وما أجمل أن نراك أيها القارئ الكريم وأنت تستعد للعيد وتلبس الملابس الجديدة وتذهب للصلاة، ثم تستقبل وتزور الأهل والأقارب والأصدقاء وترمي خلفك الخصومات والأحقاد... ربما انقطعت عن زيارتهم بسبب تلك الخلافات... وجميل أيضاً أن ترى الفرحة في عيون الزوجة لكونك لم تهمل كسوتها وهديتها، والسعادة أيضاً لدى الأبناء والبنات وقد لبيت احتياجاتهم، إذ تشعر بالرضا وأنت ترى الأطفال يلعبون وينشدون، ولكن من المؤسف حقاً أن ترى بعض الشباب يرتكبون الحوادث المرورية بتهورهم، وبعضهم يتسكعون في المنتزهات بقصد أذية ومضايقة العائلات، ومن المظاهر الغريبة في مجتمعنا أن ترى بعض الفتيات يبالغن في ملابس العيد وقد وصل بهن الزهد إلى درجة ارتداء (قطعة أو قطعتين) على أجسادهن، ومن المؤسف أيضاً أن ترى جشع وطمع بعض التجار واستغلالهم لأيام العيد والمناسبات السعيدة... وبعضهم أيضاً من يبيع الأطفال والمراهقين الألعاب النارية والمتفجرات الصغيرة التي منعت السلطات المختصة تداولها أو بيعها بسبب ما تسببه من حرائق وبتر وتشويه بعض أعضاء الجسم.
حقاً الحياة تغيرت في كل شيء... وأصبحت التكنولوجيا الحديثة والعادات الدخيلة والغريبة علينا تأسر تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية وتكسر طعم فرحتنا بالمناسبات العظيمة مثل عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى وسائر المناسبات السعيدة... جعلكم الله ممن بلغ العيد فغفر ذنبه ورفع قدره وعظم أجره ومحي وزره.
مصطفى معتوق القصاب
العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ