على رغم أني لم أعرف المرحوم الشهيد حمد جناحي معرفة شخصية... لكنني تشرفت بمعرفة الكثير من أهل البحرين الطيبين... فقلت في نفسي إنه حتماً مثلهم في كل شيء.
أنا ضيف على أرض البحرين منذ فترة ليست بالطويلة... لكنها كافية لأرى بأم عيني الطيبة في نفوس أهلها وأشعر من دون مجاملة أنني أصبحت واحداً منهم... هذا النسيج المتماسك الذي رعته القيادة الحكيمة في هذا البلد الذي أصابه ما أصاب شقيقتيه الأردن وفلسطين فاجعة الارهاب الذي لا يعرف هوية ولا دين ولا أخلاق.
أن الارهاب على مساوئه التي لا تعد ولا تحصى.. له حسنة واحدة ألا وهي توحيد الشعوب ضده وضد ممارساته الشاذة.
هناك أنشودة جنائزية حزينة يقول مطلعها:
سبل عيونه ومد يده يحنونه
خصره رقيق وبالمنديل يلفونه
فهل أتاك يا أم الشهيد ابنك عريساً مسبلاً عيونه... وهل قمت بوضع الحناء على يديه. لقد جاءك عريسك شهيداً يحمل معه قصة دامية جمعت بين سطورها كثيرا من أشلاء شهداء حوادث الارهاب... لقد جاء عريسك يا أم الشهيد وزفته معك قلوب كل المخلصين ليس في وطنه فقط ولكن في الوطن الأكبر ألا وهو العالم الذي نسكنه... هذا العالم المليئ بالاضغان والاحقاد سار موحداً ليرسله إليك حتى تحتضنه أمه الأكبر البحرين أعزها الله.
لقد رافق عريسك أيتها الأم عريساً آخر... صديقي الملحق التجاري الفلسطيني جهاد فتوح... عرفته عن قرب رجلاً ذا مواقف مبدئية صلبة في الحق... متفائلاً بالحياة أشد التفاؤل. كان جهاد الثلاثيني في بواكير حياته الزوجية... أبا لطفل يبلغ من العمر سنتين... وكان هذا الرجل هو وطن هذا الطفل وصمام أمانه عوضاً عن شتات قديم فرض على شعبه... فأين هذا الوطن بعد أن قضى عليه الارهاب؟!
كيف يمكن أن أفسر هذا العبث الدموي البشع الذي يدمر ما يمكن أن يتحقق من رفاه وأمان للشعوب العربية. أعود إلى البحرين بعد أن ودعت رفات صديقي جهاد إذ تم استقباله كعريس في رام الله. أعود إلى البحرين المشتاق إليها بهدوئها.. وشعبها المتحضر حضارة ضاربة في جذور التاريخ... أعود من الأردن موطن الأمن والأمان على رغم أنف صغار البشر الذين يعيشون على هامش الحياة.
خالد العربي
العدد 1173 - الإثنين 21 نوفمبر 2005م الموافق 19 شوال 1426هـ