برز خلاف داخل الأسرة الحاكمة في الكويت أمس بشأن من يتولى الإمارة عقب وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد. فقد فوض بعض الشيوخ أمس رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد الصباح صلاحية اختيار أسلوب التعاطي مع الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح لأن وضعه الصحي لا يمكنه من إدارة الدولة. وقال أحد أفراد الأسرة الحاكمة لـ «الوسط» إن 200 من شيوخ الصباح، من فرعي السالم والأحمد، توجهوا إلى قصر صباح الأحمد المعروف بـ «دار سلوى»، وأبلغوه قرارهم تفويضه «صلاحية اختيار أسلوب تنحية» الشيخ سعد الذي نودي أميراً الأحد الماضي كونه كان يشغل منصب ولي العهد. وأوضح المصدر أن الوضع الصحي للشيخ سعد، الذي لا يتيح له حتى أداء اليمين الدستورية، لا يمكنه من تولي الإمارة، علما أن الدستور ينص على ضرورة أداء الأمير اليمين أمام مجلس الأمة. ولا يتطرق الدستور إلى اختيار أمير البلاد، الذي يحدده قانون توارث الإمارة، الذي اتفق عليه آل الصباح العام ،1962 بعد عام من إقرار الدستور. ولا يحق لأية هيئة تعديل قانون التوارث. وكشف المصدر أن شيوخ الصباح، أبلغوا رئيس الوزراء قرارهم وصافحوه. وينتسب الشيوخ الذين توافدوا إلى «دار سلوى» إلى ذرية الشيخ مبارك الكبير، وهو جد فرعي الأحمد والسالم اللذين يتوزعان الإمارة وولاية عهدها. وفي وقت لاحق، قال قائد الحرس الوطني الشيخ سالم العلي، الذي اعترض في السابق على ما اعتبره تفرد الشيخ صباح بإدارة الدولة، في بيان انه وعدد كبير من آل صباح يبايعون الشيخ سعد أميرا للبلاد وأنه سيؤدي اليمين الدستورية في مجلس الأمة وأرسل خطابا بهذا الشأن. وكانت شخصيات سياسية حذرت في بيان من أن ما يخيم على البلاد من أجواء غير مستقرة وتجاذبات واستقطابات أصبحت تثير في نفوس الكويتيين القلق وقالت إن بيان العلي يدخل البلاد في نفق مظلم، واعتبرت الأمر خطيرا ويجب إن يتدخل الحكماء لإنهاء الأزمة.
الكويت-حسين عبدالرحمن
في تطور سريع ومفاجئ قام عدد كبير من أفراد الأسرة الحاكمة صباح أمس (الجمعة) بالتوجه إلى دار سلوى حيث يوجد مقر إقامة الشيخ صباح الأحمد والتقوا معه ثم بايعوه أميرا. وقال أفراد في الأسرة الحاكمة ممن حضروا جلسة المبايعة في اتصال هاتفي مع «الوسط» إن «مختلف أطياف الأسرة الحاكمة اجتمعت منذ صباح اليوم (أمس) في دار سلوى وقمنا بمبايعة الشيخ صباح الأحمد أميرا علينا وعلى الكويت نظراً إلى وضع الشيخ سعد العبدالله الصحي. وأوضحوا ان الشيخ صباح الأحمد أشاد في الاجتماع الذي حضره أكثر من 200 من كبار أفراد الأسرة الحاكمة بمواقف الأمير الحالي الشيخ سعد العبدالله الصباح ودوره التاريخي في الكويت وأن المصلحة العامة تستدعي أن نراعي مصلحة البلد». ودوى في القاعة التصفيق الحاد وقام بعد ذلك الحشد بمصافحة الشيخ صباح الأحمد ومبايعته أميرا. وقال احد أفراد الأسرة الحاكمة انه طبقا للدستور الكويتي وقانون توارث الأمارة فإن مجلس الوزراء إذا رأى تعذر قيام الأمير بأداء دوره يستطيع اتخاذ الإجراءات الدستورية في إحالة الامر إلى مجلس الأمة والذي يملك الحق وبالغالبية وفق الدستور الكويتي أن ينحي الأمير عن سدة الحكم إذا ثبت أنه غير قادر صحيا على القيام بمهماته. وقال أفراد الأسرة الحاكمة إن الشيخ صباح الأحمد أشار بطريقة غير مباشرة إلى أنه لا يرغب في اللجوء إلى هذه الخطوة الدستورية لمكانة الشيخ سعد العبدالله في قلبه وقلوب أهل الكويت بل ينتظر ما ستتوصل إليه المشاورات لحسم الموضوع بشكل توافقي وبحسب تقاليد الأسرة. ويرى البعض ان هذه الصيغة (المبايعة) قد لا تلقى قبولا من الشيخ سالم العلي الصباح الذي لم يحضر الاجتماع وأصبح الأمر مرهونا بما سيقدم عليه الشيخ سالم العلي من تقديم وثيقة التنازل من الأمير الحالي إلى الأسرة الحاكمة في اجتماعها المقبل والذي سيحدد على ضوء المعطيات إلا أن أفراد الأسرة الحاكمة يرون بإن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرات كبيرة بالنسبة إلى تعيين ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الجديد. وعلى رغم كل ما حدث لم تتوصل الأسرة الحاكمة إلى الصيغة النهائية (إجماع) للخروج من أزمة الحكم. إلى ذلك يترقب الكويتيون بمختلف توجهاتهم السياسية والدينية في أية لحظة خروج «الدخان الأبيض» من دار سلوى أو قصر الشعب كإعلان لانتهاء وترتيب بيت الحكم وتسوية الخلافات بينهم. من جانبها، عقدت القوى السياسية في الكويت اجتماعاً في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول في ديوان النصف على ضوء التطورات الأخيرة في الساحة الكويتية.
العدد 1233 - الجمعة 20 يناير 2006م الموافق 20 ذي الحجة 1426هـ