تثير خيارات النظام التركي قلق حلفائه لجهة الأزمة الحادة مع حليفته السابقة إسرائيل ودعمه لحركة «حماس» وتقاربه من إيران، إلا أنها في الوقت نفسه تخدم ولو جزئياً شعبية رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي سيترشح الأحد لولاية ثالثة على رأس الحكومة.
وقبل عام تماماً تظاهر عشرات آلاف الأشخاص امام المساجد في إسطنبول هاتفين «فلتسقط إسرائيل!» و»نحن جنود حماس» الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة.
وكانت التظاهرات تتم بشكل شبه يومي احتجاجاً على هجوم فرقة كوماندوس إسرائيلية على سفينة مافي مرمرة التركية في 31 مايو/ أيار في عرض البحر عندما حاولت كسر الحصار المفروض على قطاع غزة لنقل مساعدات إنسانية، ما ادى إلى مقتل تسعة أتراك.
وكان الأكاديمي أحمد أنسل علق آنذاك على التظاهرات بالقول «إنها لصالح أردوغان سياسياً وستدعمه للعام 2011».
واعتبر حسن جمال المحرر في صحيفة «ملييت» عشية الانتخابات التشريعية المقررة في 12 يونيو/ حزيران «هذا ما يحصل فعلاً».
وإذا لم تستخدم الحكومة الإسلامية المحافظة التعابير نفسها كالمتظاهرين، إلا أن رد فعلها لم يكن أقل قوة فقد استدعت سفيرها وأعلن الرئيس عبد الله غول أن العلاقات بين الحليفين السابقين «لن تعود أبداً إلى ما كانت عليه». والأزمة لا تزال على حالها اليوم.
وأوضح حسن جمال أن «التصريحات المعادية لإسرائيل تزيد شعبية أردوغان لدى الرأي العام، لأن هناك مشاعر معادية لإسرائيل لا تزال موجودة لدى الطبقة السياسية في تركيا. ونحن لا نتكلم فقط عن الأوساط الإسلامية، فهذا الشعور نلاحظه بين القوميين وأنصار أتاتورك».
وهذه هي الأوساط التي يأمل أردوغان بالحصول على أعلى نسبة من الأصوات فيها، ما سيمكنه بالتالي من تحقيق فوز ساحق في الانتخابات. إلا أن المعلق السياسي، سامي كوهين الذي يعمل أيضاً في «ملييت» أشار إلى أن الأزمة مع إسرائيل والدعم الذي يكرره النظام التركي لحركة «حماس» غابا بشكل شبه تام عن الحملة الانتخابية.
وقال كوهين إن «اسم مافي مرمرة لم يلفظ مرة واحدة خلال الحملة الانتخابية إلا أن هذه الأزمة عززت صورة أردوغان»، الذي بات أحد المدافعين عن القضية الفلسطينية سواء داخل تركيا أو خارجها.
وأثارت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي والتي يحكمها حزب منبثق عن التيار الإسلامي رغم أنها جمهورية علمانية، قلق شركائها التقليديين لجهة الأزمة مع إسرائيل وانتقاد المسئولين فيها والتي بدأت منذ العام 2009 عندما شنت إسرائيل هجوماً على قطاع غزة.
وتزايد الشعور بأن تركيا في ظل حكومة أردوغان تبتعد عن الغرب مع تقربه في السنوات الأخيرة من إيران والدول العربية المجاورة.
كما أن أنقرة صوتت مؤخراً ضد فرض عقوبات دولية على إيران التي يشتبه في أنها تسعى لاقتناء السلاح النووي.
واعتبر المحلل كمال كوبرولو المحرر في مجلة «تركيش بوليسي كوارترلي» أن تركيا «لم تنصرف فقط عن المصالح الغربية بل عملت بعكسها ما يشكل دليلاً على تدهور مكانة الغرب في المنطقة».
لكن وبغض النظر عن الأزمة الإسرائيلية، هل صبت هذه الدبلوماسية الموجهة نحو الشرق وخصوصاً إيران لصالح شعبية أردوغان؟ والجواب هو نعم بنظر كوهين الذي لفت إلى أن تركيا تظهر بذلك استقلالها إزاء الغرب والولايات المتحدة وتعمل في الوقت نفسه على زيادة تأثيرها الإقليمي وأردوغان يرى أنه يمكن الاستفادة من ذلك في حملته الانتخابية
العدد 3197 - الأربعاء 08 يونيو 2011م الموافق 07 رجب 1432هـ