قصة من التراث
الحلقة الأولى:
شباب وفتوة، حركة وعنفوان، جوع وضرب أرماح يعني هلجة من النوع الزين... المياه مرة، الأطعمة يدوبك فردتين وسمك وعيش حلوايوه (نوع رديئ)... والناس طالعة من هلجة بسبب الحروب العالمية... يعني باختصار البحرين مرت بظروف صعبة للغاية. في الأربعينات على ما أعتقد مازالت العوائل تنتقل من مظعن إلى آخر... كأنهم فقاق سهيل دائما وين الظلال وين نسمة الهوى ووين ظلال النحيل والرمال الكثيفة.
المرحوم عيد بن محسن أبومحسن عيد، طلب من الجماعة أن يحفروا له (يفر) في مظعنهم حيث النخيل والرمال البيضاء الكثيفة (بيت محسن عيد الحالي)، فصارت الفزعة من الأهل والجيران.
البناي المرحوم متروك أبوعلي (فتيل)، الرياييل الفزاعة منهم المرحوم عبدالله بدر وعبدالله فضالة ومجموعة أخرى... قاموا بحفر (ليفر) بين مجموعة من النخيل الطوال لمدة من الزمن... الكل يترقب الريوق، ريوق البناني، عبدالله فضاله رايح جاي، جاي ورايح كأنه بندول الساعة أو شيء شبيه منه... يتصوخ مظعن بيت عمته أحمد بن عبدالله المجاور لمظعن بيت عيد؛ أي بيت أخت أحمد بن عبدالله علّه يسمع صفرية تخرخش أو يشتم دخنة أطراف من قطع سعفات يابسة لو كرب، ما يلحق يرمي قفير من الرمل إلا وراح خلف الرادة يتشمم ويتصوخ ويترقب ويتابع والهلاج ماخذنه آخاذ... المسكين في روحته يكحكح أهئ أهئ... أهئ أهئ... يمكن تسمعه عمته وتنادي عليه لتعطيه فردة على الأقل مع شربة ماي من ذلك الحب، أو يشوف له شوفة مثل إحلاية لو عوماية، لكن لا فائدة تذكر... غير استراتيجيته الكحة وراح مرة يتوخوخ ومرة يتنحنح ويختم العملية بكحة مصطنعة، ويصطنع أصواتاً أخرى مصاحبة للكحة.
الصراحة البطن صار يصفق الظهر وعلى الهلاج ما يسوى هالشغل، ومتروك يصرخ وينك يا عبدوه ما اتييب قفتك بسرعة دهودك يالله عاد ترى إنك دبحتنا... صراخ متروك يزيد من جوع فضالة لكنه ما يقدر إلا ينفذ طلبة، وحتى يسكنه من المنادى المتكرر يرفع صوته المجرش كي يطمأن انه لم يغادر المكان (هدانه ياينك) وهو يلوك بعض عبارات القهر على ذاك الجوع الكافر. لكنه بدل من أن يرجع بسرعة راح داخل (الحفيظة) يلوش ويحوس ويدور على شيء ينأكل ولا فائدة، وكل مرة يخرج من هذه الحفيظة يمر على إشراب الماي ويتناول شربة يضعها على شفتيه، وصوت المزيز يصل إلى الحمار المربوط في آخر العشيش، الحمار كلما سمع المزيز حرك رأسه، ومن ثم ينهق من دون دراية من فضالة لهذا العطش الذي أضر بالحمار، فينقلب مغص الجوع لديه إلى طفرة في الهواء ونزلة على الأرض من هول النهقة البغيضة، وهو ينظر يمنة ويسارى لعل أحداً لم يكتشف حركته من تلك الزهقة ويفتشل وهو يلوك فمه ببعض الكليمات المحشورة في فمه الذي بات كأنه زرنوق فاضي ولديه صدى من نوع آخر «أششوى آآآ الله يغررربببله من احممممار ما حدى شافني كأني فقاقة هاوية إلى الأرض» لم يكد يكمل هلوسته مع ترقيع فشلته أمام الحمار إلا وصوت آخر مزعج متكرر مبهدل كأنه الرعد العاصف والبركان الثائر يتزامن مع تلك النهقة النحيسة فمن أين يا ترى يتجه وكيف يسير ومجموعة أصوات تلاحقه وتدويه.
الحلقة الثانية:
فضالة لا يدري ما الذي يدخل جوفه ليسكن الجوع، الصراخ وضجته أم نهقة الحمار ورنته، وعمته غابت ولا حد درى بحاله... فأين يولي وأين يداري بطنته... يا لهونه... يا لهوته.
متروك ينظر من أسفل الحفرة إلى العمال وهم يرفعون القفران المملوءة بالرمال، وكلما دار رفع رأسه ليبحث عن فضالة الذي غاب لمدة من الوقت فيصرخ مناديا عليه عبدوه، يا عبدوه الله يغربلك من نحيس وين اتروح... لكن صوته ينحبس ما بين الحفرة ولا يسمعه إلا القريبون منه وهم متمسكون بسلم من جريد وبعض الحبال، وكلما طال الحفر راحوا يصبرون أنفسهم بعبارات تبعث الهمة والنشاط (هيه ولمي... هيه ولمي، هيه والله، هيه والله، والعين قرحناها ما شفنا حدى إحداها...) أو يتذكرون مقاطع من أناشيد الغوص يلهبون بها نشاطهم.
بدأ الجفر يأخذ اتساعه وعمقه صار أطول من ثلاثة رجال، وكلما انزاح أيزار عن بطن أحدهم ما يلبث بسرعة خاطفة إلا وتم ربطه بطريقة قوية، وكلما ازدادت الرطوبة أخذوا غترهم الملفوفة على رأسهم يفلونها وينشفوا بها عرقهم ثم يلفونها مرة أخرى... وعبدوه عنهم يلف الدنيا لعمته التي راحت التسموع، فيقف عند زاوية الرادة التي على الطريق يرقب تلك العمة. من بعيد يرى أربع نساء قادمات من جهة الشرق (الطريق الممتد من الحيدرية إلى الديرة) اثنتان تحملان المساخن وبعض الشربات وواحدة تحمل قفة وأخرى تساعد الثلاث في حمولتهن إن احتجن لذلك ومن بين النساء بعض الأطفال يمشين يتلك البخانق السوداء. توهم أن عمته الوسطى التي تحمل القفة فهو يعرف هيئة مقنعتها وطريقتها، قال في نفسه لقد اشترت عمتي طحينا وقهوة، فحمل جسده النحيل فازا ليأخذ القفة من عند عمته معتقدا أن في القفة أطعمة أخرى يمكن أن يبل بها حلقه، في أثناء انطلاقته سمع صوتين صاخبين يصكون السمع صكا وفي مرة واحدة صوت العمال مع الحاج متروك الذي طلب منهم أن يصوّتوا عليه، ونهقة الحمار البغيضة التي تنتهي بزعيق حاد وارتطام البراطم المتكرر كأنه قرع الطبول. فكأن تلك الأصوات تشده بحبل طويل وقوي وتعقره في مكانه، فلا هو قادر على الذهاب لعمته ولا هو قادر على الرجوع لتلك الحفرة وبلاويها، وبين هذه وتلك تقع الحيرة التي تزامنت مع صفق البطن والجوع ومشكلاته. أصر فضالة أن يجري نحو عمته تاركا نهيق الحمار لغضب متروك وزملائه، لان الجوع ألهب إحساسه وطير عقله ولبه، وها هي العمة أقبلت بما هو مطلوب لديه، فالكل لديه يرعوي، وينشوي، ويعتوي، وينزوي ويخلي متروك في عفسته مبتلي.
فهل وصل لعمته التي طال انتظارها أم هناك أمر آخر لم يحسب له حساباً.
هذا التقرير مقتبس من موقع إيلاف الإلكتروني تحت شعار «مدونات حول العالم» بحضور عدد كبير من الصحافيين ورؤساء التحرير والمهتمين بالانترنت، إضافة إلى بعض السياسيين، أعلنت هيئة التحكيم بمسابقة «دويتشه فيله» العالمية للمدونات للعام 2006 يوم السبت الماضي الموافق 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، المدونات الفائزة في المسابقة.
وكانت الجائزة الكبرى من نصيب المدونة الأميركية «صن لايت فاونديشن» التي نالت إعجاب هيئة التحكيم بعد أن تنافست على هذه الجائزة عشر مدونات بعشر لغات. وتُكتب «صن لايت فاونديشن» من قبل مجموعة من المدونين وتدعو إلى مزيد من الشفافية في سياسة الحكومة الأميركية والدوائر الحكومية. واعتبرت هيئة التحكيم المدونة الأميركية مثالاً حياً على مدى تأثير المدونات على السياسات الداخلية للدول، وخصوصاً أنها تحاول تحريك الشارع الأميركي للتحقيق في سياسات الحكومة ومدى جديتها. وعنها قالت مديرة موقع «دويتشه فيله» أوتا توفيرن: «إن المدونة الفائزة تعبر عن مدى دعم المدونات حرية الرأي والتعبير التي تفوق في كثير من الأحيان عمل بعض الأحزاب السياسية».
أما جائزة «مراسلون بلا حدود» لهذا العام فتقاسمتها مدونتان إيرانيتان بعد أن تمكنت المدونة المصورة الساخرة «كسوف» و مدونة «حامد متغي» التي يكتبها يهودي من أصل إيراني مقيم حالياً في «إسرائيل»، من إقناع هيئة التحكيم ومندوب منظمة مراسلون بلا حدود بالتصويت لصالحها، وخصوصاً أنها تدعم حرية الرأي والتعبير داخل الجمهورية الإسلامية في إيران. وتعبر مدونة «كسوف» عن مدى تأثير الصورة تحت شعار «صورة واحدة تعبر عن ألف كلمة»، بينما تعبر مدونة «حامد متغي» عن الصوت غير المسموع في إيران من خلال التقارير عن الظلم ومعالجة الموضوعات، التي لا تتناولها وسائل الإعلام الإيرانية.
كما منحت هيئة التحكيم مدونة «جار القمر» المصرية جائزة أفضل مدونة عربية لهذا العام. وتتناول هذه المدونة موضوعات مختلفة في مجالات الأدب والحياة العامة والسياسة والتاريخ. ووصفت عضو هيئة التحكيم منال حسن «جار القمر» بأنها «تعبيرٌ عن الصحافة الشعبية»، وخصوصاً أن كاتبها قام بتغطية الكثير من الحوادث وتعرض لكثير من المضايقات والضرب من قِبل رجال الأمن. هذا بالإضافة إلى أن «جار القمر» مكتوبة بلغة سهلة وبسيطة وتحوي الكثير من المعلومات التي قد لا تتناولها وسائل الإعلام المحلية.
وأحرزت مسابقة «دويتشه فيله» العالمية للمدونات هذا العام نجاحاً باهراً وخصوصاًَ أنه تم ترشيح ما يقارب 5500 مدونة، إلى جانب تصويت أكثر من 100 ألف شخص لصالح المدونات المفضلة. وسيتم إعلان نتائج التصويت على موقع المسابقة (www.thebobs.com http://www.thebobs.com)
العدد 1532 - الأربعاء 15 نوفمبر 2006م الموافق 23 شوال 1427هـ