منذ أن أعلن عن فوز حركة «حماس» بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي وفشل حركة «فتح» سرعان ما انقلبت أطراف وموازين القوى المتمثلة بأميركا وخصوصا الغرب عموماً على الحركة بحجة استمرارها في أعمال العنف ومحاربة «إسرائيل» ومطالبتهم إياها بضرورة تغيير مواقفها السابقة والاعتراف بالدولة العبرية والتعهد بعدم الاعتداء عليها مقابل ضمان حصول الحركة على مستحقاتها من أموال المساعدات والضرائب، لكن الحركة شددت على موقفها ما لم تغير «إسرائيل» سياستها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني.
سيل الهجمات كان نتاجه تجميد أميركا مساعدتها المالية للسلطة الفلسطينية كذلك قامت «إسرائيل» بالخطوة ذاتها، إلا أن «حماس» ظلت مستمرة على انتهاج سياستها ورفضت في المقابل دفن رأسها في التراب، وقامت بدلاً من ذلك بمناشدة الدول العربية بتقديم مساعدات لها وهذا كان جليا خلال جولة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لدول أبرزها إيران وروسيا، وكانت جولته للأخيرة جابهت توجسا إسرائيليا أميركيا من دوافع توجيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة للحركة.
لم يكف «حماس» الضغط الأميركي الإسرائيلي حتى خرج إليها من الجانب الآخر الزعيم الثاني في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ليشن هجوماً عليها ويحثها على «مواصلة الكفاح المسلح» و ألا تحترم «اتفاقات الاستسلام» الموقعة بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل». وقال الظواهري مخاطبا الحركة «يجب عدم الاعتراف باتفاقات الاستسلام التي وقعها علمانيو السلطة الفلسطينية».
كذلك لا تختلف وجهة نظر الظواهري عما قاله المتحدث الإعلامي باسم المقاتلين الشيشان مولاي اودوغوف الذي اتهم «حماس» بخيانتها وبيعها للقضية الشيشانية جراء زيارتها موسكو أكبر دول راعيه للإرهاب التي تسببت بمقتل الملايين من الشيشانيين الأبرياء.
«حماس» أصبحت أمام سيل عارم من الانتقادات ووقعت بين فكي كماشة الغرب من جهة وبين الانتقادات الإسلاميين المتشددين من جهة أخرى، وذلك بسبب جرم واحد ارتكبته ولا ذنب لها فيه هو السير على رغبة الشعب الذي فوضها بكل حرية واستقلالية بتمثيله لها والإمساك بزمام السلطة والانتقال به من حال إلى حال أحسن يأملون الوصول إليه يوما ما.
العدد 1278 - الإثنين 06 مارس 2006م الموافق 05 صفر 1427هـ
