العدد 2260 - الأربعاء 12 نوفمبر 2008م الموافق 13 ذي القعدة 1429هـ

فيلم عن حياة أتاتورك يثير الجدل في تركيا

أثار فيلم يتناول حياة مصطفى كمال أتاتورك «أب الأتراك» الجدل في تركيا حيث كشف للمرة الأولى عن الحياة الخاصة لذاك الرجل الاستثنائي ووقوفه وحيدا أمام تحدي تحويل دولة مسلمة إلى جمهورية علمانية.

بدأ عرض فيلم «مصطفى» الذي أنتجه الصحافي جان دوندار في 29 أكتوبر/ تشرين الأول بمناسبة العيد الـ 85 لتأسيس الجمهورية التركية لكنه أثار جدلا في البلاد.

فعدا عبقرية أتاتورك العسكرية يهتم الفيلم بالحياة الخاصة الغامضة لمصطفى كمال (1881-1938) الذي يمجده الأتراك. وقد توافد أكثر من نصف مليون مشاهد إلى صالات السينما من جميع أنحاء البلاد في الأيام الأولى للعرض.

ويكتشف الجمهور العريض بلا مواربة طبع مصطفى كمال التسلطي واندفاعه الإصلاحي ورؤيته في إنشاء بلد عصري على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، وكذلك إسرافه في بعض السلوكيات كاستهلاكه ثلاث علب من السجائر يوميا، وحبه للكحول الذي سيقضي عليه نتيجة تليف الكبد، وحزنه العميق في أواخر حياته الصاخبة التي عرف فيها العديد من النساء.

وسبق أن أنتج الصحافي فيلما وثائقيا سابقا حول العام الأخير من حياة أتاتورك لم يثر أي جدل، بل تم عرضه في المدارس.

أما هذه المرة فاجتذب عمله، الذي غالبا ما يلقى الاستحسان، كما كبيرا من النقد في بلد تمجد شخص أتاتورك الذي توجد في كل زاوية من زواياها تماثيل أو صور له. فكل مدرسة تركية تضم تمثالا نصفيا لأتاتورك، فيما يشكل ضريحه في أنقره مزارا لملايين الأتراك الذين يكنون له التقدير العميق.

وفي تركيا يعتبر المساس بشخص أتاتورك جريمة تستوجب السجن.

ودافع المخرج عن نفسه عبر شاشات التلفزيون بالقول إن «هذا الفيلم يقدم قائدا صادقا وحنونا. هذا هو أتاتورك الذي أحب». وأسف لأن هذه البلاد التي أسسها القائد الاستثنائي لا تضم متحفا واحدا لذكراه.

وأضاف دوندار أن استغلال الشغف الشعبي بشخصية أتاتورك وعلى الأخص في آخر انقلاب عسكري (1980) من الثلاثة التي نفذها الجيش التركي أدى إلى تقليص فكره عبر تحويله إلى عقيدة وحال دون فهمه كاملا، لا بل أدى إلى تشويهه.

وقال «هذه السياسة لن تؤدي سوى إلى إبعاد الناس عن أتاتورك (...) فيما هو ثوري أصيل» مشددا على أن القائد شاهد على مر السنين رفاق طريق يتخلون عنه لعجز بعضهم عن إدراك بُعد رؤيته.

كما أدى الفيلم إلى انقسام كتاب الافتتاحيات الأتراك حيث وصل الأمر بالبعض إلى الدعوة إلى مقاطعته على غرار يغيت بولوت الذي شن هجوما عنيفا عليه في زاويته في صحيفة «وطن» وقال «لا تشاهدوا هذا الوثائقي واقنعوا من ينوي مشاهدته بالإحجام عن ذلك».

واعتبر الكاتب أن الفيلم «ينتقص من صورة أتاتورك في عقول الأتراك الشباب» ولا يخدم إلا مصالح الإسلاميين، في حين يستمر الشرخ الحاد بين معقلي العلمانيين وبين أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم الإسلامي الجذور. غير أن وزير الثقافة ارتورول غوناي رد الانتقادات كافة، وقال «ما زال البعض يريد تصوير أتاتورك وكأنه رجل خارق لا تشوبه شائبة. من البديهي أنه رجل مثل غيره من البشر لديه آمال وخيبات أمل ونوبات غضب ولحظات سعادة».

وولد مصطفى كمال أتاتورك في 12 مارس/ آذار 1881 في مدينة سلانيك اليونانية، وكانت تابعة للدولة العثمانية وقتئذ، وتوفي في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1938.

أطلق عليه اسم الذئب الأغبر، واسم أتاتورك (أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسيا بعد ذلك وحتى الآن في بناء نظام دولة تركيا الحديثة.

والده علي رضا مسئول جمارك تحول إلى تاجر أخشاب وتوفي عندما كان مصطفى لايزال صبيا. والدته زبيدة سيدة قوية الإرادة صابرة كرست نفسها لتنشئته مع أخته. دخل أول مدرسة دينية تقليدية ومن ثم تحول إلى الدراسة الحديثة، وفي عام 1893 دخل المدرسة العسكرية العليا حيث منحه مدرس الرياضيات الاسم الثاني كمال (ويعني الكمال) إقرارا بانجازات مصطفى المتفوقة، بعدها عرف باسم مصطفى كمال.

وفي عام 1905 تخرج مصطفى كمال من الكلية العسكرية في اسطنبول برتبة نقيب أركان حرب وأرسل إلى دمشق حيث بدأ مع العديد من زملائه بإنشاء خلية سرية أطلق عليها اسم الوطن والحرية لمحاربة استبداد السلطان، وقد ازدهر سلوك مصطفى كمال عندما حصل على الشهرة والترقيات أمام بطولاته في كافة أركان الإمبراطورية العثمانية بما فيها البانيا وليبيا، كما خدم فترة قصيرة كضابط أركان حرب في سالونيك واسطنبول، و كملحق عسكري في صوفيا.

عندما شنت حملة الدردنيل عام 1915، أصبح الكولونيل مصطفى كمال بطلا وطنيّا عندما حقق انتصارات متلاحقة، وأخيرا رد الغزاة ورقي إلى رتبة جنرال عام 1916 و عمره 35 سنة، وقام بتحرير مقاطعتين رئيستين في شرق أنطاليا في نفس السنة، وفي السنتين التاليتين خدم كقائد للعديد من الجيوش العثمانية في فلسطين وحلب وحقق نصرا رئيسيا آخر عندما أوقف تقدم الأعداء عند حلب. في 19 مايو/ أيار 1919 نزل مصطفى كمال في ميناء البحر الأسود سامسون لبدء حرب الاستقلال، وفي تحدٍ لحكومة السلطان نظم جيش التحرير في الأناضول وحشد جموع الارزورم وسيفاس الذين أسسوا قاعدة الجهاد الوطني تحت قيادته، وفي 23 أبريل/ نيسان 1920 تأسس مجلس الأمة الكبير وانتخب مصطفى كمال لرئاسته.

تلقّى مصطفى كمال دراسة عسكرية وتولى مناصب مهمّة في الجيش العثماني، وشارك في الحرب الليبية ضدّ الاحتلال الإيطالي.

وفي منتصف أكتوبر أصبحت أنقرة عاصمة الدولة التركية الحديثة، وفي 29 أكتوبر أعلنت الجمهورية وانتخب مصطفى كمال باشا بالإجماع رئيسا للجمهورية.

و في 3 مارس 1924 ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحوّل المدارس الدينية إلى مدنية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية، وأغلق كثيرا من المساجد، وحوّل مسجد آيا صوفيا الشهير إلى متحف، وجعل الأذان باللغة التركية، واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلا من الأبجدية العربية. خلال الخمسة عشر عاما التي أمضاها أتاتورك في الرئاسة، أورد نظاما سياسيا وقضائيا جديدا، محى الخلافة وأنهاها وجعل كلا من الحكومة والتعليم علمانيا، وحقق تقدما في الفنون والعلوم والزراعة والصناعة، حلّ برلمان اسطنبول المعارض له واستبدله ببرلمان أنقرة. في عام 1934 عندما تم تبني قانون التسمية أعطاه البرلمان الجديد اسم أتاتورك (أبو الأتراك).

العدد 2260 - الأربعاء 12 نوفمبر 2008م الموافق 13 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:47 ص

      استبداااااد

      افي حرمان المحجبات من حقهن في التعليم والعمل بطوله؟
      مما ادى الى مغادرة 40 الف محجبه الى دول اوروببه لا تمنع الحجاب داخل جامعاتها ومدارسها؟
      ام في الاعتراف لدولة اليهود ف فلسطين؟رغم معارضة الشعب التركي المسلم؟

    • زائر 1 | 5:04 م

      لك بطل من ظهر بطل الله يرحمو

      الله يرحمو والله رجال من ظهر رجال نس تركيا اتاتورك

اقرأ ايضاً