العدد 2608 - الإثنين 26 أكتوبر 2009م الموافق 08 ذي القعدة 1430هـ

عن الفضائيات الدينية وأخلاق الشباب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الجهود المشكورة للمؤسسة الدينية (ممثلة في المجلس الإسلامي العلمائي) اهتمامها بتنظيم مؤتمر عاشوراء للعام الرابع على التوالي.

مهما اختلفت مواقفنا الفكرية وانتماءاتنا المذهبية، فيجب الاعتراف أن عاشوراء البحرين ليس موسما عاديا ولا عابرا، وإنّما هو أكبر موسمِ إحياءِ ديني تاريخي يتجدّد كلّ عام، يشارك فيه عشرات الآلاف، ويصبغ ثقافتهم ويحدّد نظرتهم للحياة. ومثل هذه الظاهرة الاجتماعية من النادر أن تجدها في كثيرٍ من البلدان.

قد يشكّك البعض فيما يمكن أن ينتج عن المؤتمر من توصيات، لكن طرح القضايا التي تمس هذا القطاع العريض من المجتمع في جوٍّ هادئ، أمرٌ يحسب للجهة المنظمة، التي لا تملك من السلطة غير النصح والتوجيه والإرشاد.

في ليلة الختام، عُرضت ورقتان، ثم بدأت المداخلات التي تعكس وجود رؤى مختلفة في الساحة. قبل عامين انتقد أحد الحضور أداء الفضائيات الدينية (الشيعية تحديدا) على أدائها، وتصدّى له شخصٌ آخر بقوةٍ، بمنطق من أراد فليسمع ومن أراد فليغلق التلفاز. أما هذا العام فسمعنا الانتقادات على لسان شخصياتٍ بارزةٍ مثل السيدعبدالله الغريفي، ما يدل على ضرورة أن تخضع هذه الفضائيات للمراجعة والتقييم الذاتي، فلم يعد مقبولا إدارة فضائيةٍ بطريقة إدارة مأتم في حيٍّ صغير. حتى الحكومات الراشدة وغير الراشدة تراقب موادها الإعلامية، فلماذا تظهر بعض هذه الفضائيات دون استراتيجيةٍ في الحياة؟ وهل ما يُبثّ حاليا يعبّر بحقٍّ عن روح واحدٍ من أعرق وأقدم المذاهب الإسلامية؟ وهل برامجها تعكس حقيقة مذهبٍ تميّز بعدم إغلاق باب الاجتهاد؟ أليس من المحزن اختزاله في اللطميات ومجالس المولد والعزاء؟ ألم تحوّل هذه الفضائيات المنشدين العاديين -مع احترامنا للجميع صغارا وكبارا- إلى نجوم مجتمع؟ أليس كارثة أن يصبح المنشدون في هذا الوقت عنوان مذهبٍ فكري وفقهي وسياسي عريقٍ؟

أحد المحاضرين طرح تساؤلا آخر: «هل المصلحة تقتضي مثلا، أنْ تبثّ مظاهر الحزن حتى في أعياد المسلمين الدينية أو الوطنية؟». وهو تساؤلٌ منطقيٌ ومشروع، ولكن لعدم وجود مراجعة ذاتية، تحدث مثل هذه الإشكالات. وأحيانا لعدم الاكتراث للآخر أو لمقتضيات الزمان، فالعقلية التي حكمت المأتم قديما لا ترى في العالم كلّه غير صورتها المنعكسة في المرآة. وسيبقى الحال كذلك ما دامت الفضائيات الدينية تحكمها معادلة «من يملك يبث».


أخلاق وسلوكيات الشباب

الورقة الأخيرة تناول فيها التربوي سلمان سالم «هيئات تنظيم الموكب... الأهداف والتّطلّعات»، ولكنه غاص في تفاصيل المؤاخذات المتعلقة بالنواحي السلوكية والأخلاقية لدى الجيل الجديد. وهو موضوعٌ حسّاسٌ أثار الكثير من الخلاف بين مؤيد ومعارض، بلحاظ هذه المناسبة الدينية وخصوصية أجوائها. بل إن أحد الحاضرين طالب بمنع النساء من الحضور، فيما طالب آخر بإصدار فتوى تحرّم خروجهن. وهي آراءٌ من الواضح أنها غير عملية، ولا تصلح علاجا لأي خلل أو ظاهرة سلوكية غير مرغوبة، ومن شأنها زيادة الفجوة بين الأجيال ودفع الشباب إلى زوايا أكثر ضيقا.

الجيل الشاب يحتاج إلى تفهّم وليس إلى مجابهةٍ بلائحة اتهامات، والجيل القديم يحتاج إلى أن يفهم العصر وما يجري فيه، ولا يعيش في أحلام الطُهرانية الأولى. الشاب أو الفتاة اليوم يدخل الإنترنت ويجد طريقه بسهولةٍ لمحادثة من يريد في أي بلد من العالم... غير القنوات التي تعرض بضائعها من كلّ شكل ولون وبشَرة.

إن تشديد الرقابة «الأخلاقية» على حشدٍ يزيد على160 ألفا أغلبه من الفتيان والشباب أمرٌ غير ممكن عمليا، ومن غير الواقعي أن يتوقع أحدٌ خلو حشد بشري كبير في بقعةٍ صغيرةٍ لا تزيد عن 2 كيلومتر مربع... من وقوع مآخذ وأخطاء سلوكية بالعشرات. وهو ما ألمح إليه الشيخ عيسى قاسم بذكاء، في إشارته إلى ما يحدث من تجاوزات حتى في مدينتي مكة ومشهد، حيث يُمارس الانضباط وتُعالج التجاوزات بطرقٍ بوليسيةٍ ورقابةٍ إداريةٍ صارمة.

المؤتمر نفسه لا يملك مثل هذه الرقابة، يكفي أنه يضيء بعض الشموع، على طريق الإصلاح الداخلي الطويل.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2608 - الإثنين 26 أكتوبر 2009م الموافق 08 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 3:10 م

      أرجو أن لايقع السيد في الصورة الموهومة عن فضائياتنا

      فضائياتنا سيدنا الكريم تحتاج إلى أنصاف أيضا إلى جنب التطوير ، وبعض التصورات الخاطئة التي يطلقها البعض كشعارات عن تلك الفضائيات يجب مراجعتها لأنها ليست من المسلمات ولا يجب أن تكون كذلك.
      احترامي سيدنا.

    • زائر 12 | 2:08 م

      رغم نجاح قنواتنا الا انها تحتاج تمحيص في مايبث

      حقيقه القول هو انه ليس كل ماتبثه القنوات لايصلح او انه لاينفع وانما القصد انه ليس كل مايبث يصلح خاصه في مثل زمننا نحتاج لايصال الفكره وتوصيل فكر اهل البيت ع بالشكل اللذي يكون فيه قوة في الطرح وقوة في البيان واضرب مثال هنا بقناة الكوثر والمنار فقناة الكوثر تبث برامجها بعنايه وخاصه برنامج مطارحات في العقيده لسماحة السيد كمال الحيدري الذي لم ارى برنامجا يفوقه من حيث قوة الطرح ومتانة الدليل والمنار كذلك فالحسين ع لايجب ان يختزل فقط في الماتم الحسين ع للكل ويجب ان نكون منفتحين ونقبل النقد

    • زائر 11 | 1:17 م

      مصير الفضائيات

      إذا كان الإعراض عن الذهاب للمآتم النسائية بسبب الرتابة والروتين والجمود على النمط الواحد فأعتقد بأن هذا هو بالضبط ما سيكون عليه مصير القنوات الفضائية المنتشرة اليوم بعد عشر سنوات فالجمهور دائماً يرفض الوتين والجمود وهو حال هذه القنوات فعلاً , وجهة نظري أن هذه القنوات لا تقدم حتى 10% من وجه مذهب أهل البيت الحضاري للعالم هذا إذا لم تكن فيها بعض الإساءات إلى المذهب . ليلى علي

    • زائر 10 | 12:09 م

      تميز الفضائيات الدينية ودورها في نشر رسالة أهل البيت عليهم السلام 3

      الحادثة وعرف عظمة هذا السيدة. بالنسبة إلى أخلاقيات الشباب في أثناء العزاء حتى تركيب الرايبون في قسم النساء في المنامة وتوزيع المنشورات لم تفلح ولكن العام الماضي في عزاء جدحفص كان يوجد انضباط لأن كان هناك مرشدين وبعضهم مدرسين نجحوا في ملاحقة المعاكسات وضبط السلوكيات وطرد الدخلاء والعابثين. لي طلب من الفضائية البحرينية وقناة العائلة أن تقوم مشكورة بنقل فعاليات شهر المحرم والمحاضرات والمواكب بشكل مباشر. أم محمود

    • زائر 9 | 12:04 م

      تميز الفضائيات الدينية ودورها في نشر رسالة أهل البيت عليهم السلام 2

      والدور البطولي للسيدة زينب وبرامج تحكي عن حياة سيدة نساء العالمين أنا في شهر محرم لا أذهب إلى المآتم النسائية إلا قليلاً لأنها تعتمد على السرد النمطي طول الوقت أستمع إلى المحاضرات الهادفة وأستمع إلى اللطميات والرواديد والنقل المباشر من كربلاء .. وهناك معجزة لقناة الزهراء (ع) يرويها مدير شركة الهوت بيرد المسيحي فانه عندما أراد تثبيت القناة حاول على أكثر من 14 باقة وفي كل مرة تختفي القنوات الإباحية من الباقة التي يجرب عليها إلى أن ثبتها على باقة لا تحتوي على أي قناة إباحية ولقد زاد تعجبه من

    • زائر 8 | 11:58 ص

      تميز الفضائيات الدينية ودورها في نشر رسالة أهل البيت عليهم السلام 1

      لا أدري كيف عشنا في السابق بدون هذه القنوات النورانية العلوية الحسينية المهدوية .اسمح لي سيد فأنا لا أتفق معك اليوم هذه القنوات هي السبب في معرفة العالم حقيقة المذهب الشيعي ونشرت العلوم والأحاديث والأدعية الشريفة والتي تعتبر من الكنوز هل تابعت برامج قناة الزهراء عليها السلام وقناة المهدي والمعارف والأنوار وغيرها الكثير التي نجحت في تقديم المحاضرات المتميزة وهل استمعت للأدعية المروية بواسطة الأئمة عليهم السلام وبعضها نزل به جبرائيل عليه السلام إلى جانب برامج شيقة أخرى في الطب والمرأة المسلمة

    • زائر 6 | 6:48 ص

      عندهم يتحدث غير المختصص

      مع الاسف الورقة الاخيرة الذي قدمها التربوي سلمان السالم لم تكن موفقة من عدة نواحي حيث انه اخذ يسرد قضايا و سمعنا و قالوا و ايضا الورقة تتحدث عن موسم عاشوراء المنامة
      دون التطرق الى موسم عاشوراء القرى وهذا خلط بين الاوراق
      وايضا مهما بلغ المجلس العلمائي فهو يمثل مجموعة معينة من العلماء و بالتالي فهو يطرح وجهة نظر هؤلاء الافراد و العلماء و اتصور مادام نحن نعيش حالات التمزق و حالات الانفراد في اتخاذ القرارات الخاصة بالطائفة فاننا سنشهد انحدار اخلاقي

    • زائر 4 | 3:46 ص

      رد على عذر أقبح من ذنب

      1) السيد لم يقارن ما في الإنترنت والقنوات الخليعة مع ما "نعتبره من أقدس المشاعر"، بل قال أن بإمكانك أن تزور تلك المواقع والقنوات.
      2) ما يقع في مكة المكلامة زادها الله شرفا مع ما بها من مراقبة من قبل الهيئة كبير لأن هذه الأمور لا تخلو منها أرض ويكفيك في ذلك متابعة الجرائد السعودية التي تذيع بعض الأخبار والقضايا الأخلاقية وهو غيض من فيض فقط فكل بلاد بها مقبرة.
      هل لك أن توضح قصدك باختلاط الحابل بالنابل في مشهد ؟ أو على الأقل تأتي بدليل على ذلك ؟
      تحياتي

    • زائر 3 | 3:12 ص

      ثورة الحسين ومواكبتها لكل العصور

      أحبائي
      القلة القليلة من أهل العامة من يرتاد المآتم ولكن الفضائيات مفتوحة للجميع حتى من غير اهل ملة الإسلام، وعليه يجب تنقية ما يبث عليها، ومسألة العزاء واللطميات ليس لها الجذوى كجدوى المحاضرات والبحوث القيمة المتعوب عليها والتي تعطي الفكرة الناصعة للمذهب.
      بعض كلمات الأعازي واللطميات أحيانا غير مفهومة لنا نحن أتباع المذهب فما بالنا نريد من غير مذهبنا
      أن يفهمها.
      من يريد للمذهب التقوقع
      فليصر على بقاء فضائياتنا على حالها،
      ومن يعى الهدف الرسالي فعليه العمل على تطوير برامجها

    • زائر 2 | 2:35 ص

      عذر اقبح من فعل

      ياسيد كيف تقارن بين ماتبثه القنوات الخليعة وشبكة الأنترنت من رذيلة وبين تجمع الشباب والشابات في موسم تعتبرونه من أقدس المشاعر دون وضع ضوابط صارمة على المعاكسات والسلوكيات المنحطة .. بعدين رأي الشيخ قاسم غير صحيح في أن يترك الأمر دون ذلك معتذرا بالوضع في مكة ومشهد وماوجه المقارنة بين خير بقاع الأرض (مكة) التي تفرض فيها هيئة الأمر بالمعروف رقابة شديدة على كل مايخل بقدسية المكان ويخالف الدين وبين مشهد التي يختلط فيها الحابل بالنابل.

    • زائر 1 | 11:41 م

      بكير علي عاشوراء

      ما شفت حلقة الاستاذة سوسن الشاعر تراني امسجلها تبقي نسخه وين ردك عليها

اقرأ ايضاً