«ذاكرة الجسد» أحد المسلسلات الرمضانية الذي يعرض حالياً على أكثر من فضائية عربية، فصول هذا العمل الدرامي الشيق الذي كتبته الروائية الجزائرية المعروفة أحلام مستغانمي وتحول في رمضان هذا العام إلى مسلسل يروي قصة الرسام الجزائري «خالد بن طوبال» -يؤدي دوره الفنان السوري الكبير جمال سليمان- الذي فقد ذراعه أثناء الحرب الجزائرية بعدما تطوّع للمشاركة في صفوف الثوار الجزائريين. ويقع في حب فتاة جزائرية تدعى «حياة» -وتؤدي دورها أمل بوشوشة نجمة (ستار أكاديمي)- وهي ابنة مناضل جزائري كان صديقاً لخالد لكنه قتل أثناء ثورة التحرير الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي.

ذاكرة الجسد» واحد من الأعمال الدرامية التي جسدت حب الوطن في حب فتاة وفي ذاكرة لا تخلو من الأرض التي ترعرع عليها ذاك الفنان والمناضل الجزائري.

المخرج السوري نجدت أنزور استطاع أن ينقل حس الرواية على الشاشة حتى الآن بنجاح ملفت، والفنان جمال سليمان أتقن دوراً لا يخلو من نقل مشاعر مناضل تحول إلى فنان فيما بعد، النص والحوار الدرامي جاء هو الآخر بلغة تأخذ مشاهد هذا المسلسل إلى «ذاكرة خالد» الذي لا يكف تفكيرا بينما الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة فقد أتقنت دورها بتلقائية وهي بالفعل مشروع نجمة عربية على الطريق.

إن فكرة تحويل الروايات العربية إلى أعمال تلفزيونية هي بلا شك تجربة محل اهتمام لكنها تحتاج إلى المخرج المتميز، وكاتب النص الذي يستوعب العمل حتى يخرج بصورة تلامس فصول الرواية وحبكتها وخاصة أن الدراما العربية تعاني من أزمة النصوص الجيدة ذات الطابع المتجدد في السرد وحتى في اللغة المستخدمة.

لقد وفق أنزور في اختيار اللغة العربية الفصحى وسيلة للتحاور بين أبطال هذا العمل مع بعض المفردات والجمل القصيرة التي تسمعنا اللهجة الجزائرية عن قرب في هذا المسلسل الذي قد يكون الأول في محاولة لإسماعنا لهجة بعيدة عن مشرقنا العربي لكنها اقتربت منا ودخلت بيوتنا عبر « ذاكرة الجسد». وهو ما يعبر عن تواصل جميل في نقل أعمال عربية مشتركة نفذت بأسلوب حرفي حازت على مقومات العمل الناجح، وخصوصاً أنه يعرض لجانب من ثورة الجزائر كما يتكلم عن أثر النضال في الغربة والحياة والحب في صورة لا تخلو عن التواصل الإنساني